على مر التاريخ، كان هناك دائما مركز واحد يقود الشر. أولئك الذين نشروا الحروب والمجازر يتصرفون حسب التسلسل القيادي ويتبعون الخطط الموضوعة من المركز. هناك مركز واحد فقط هو المسؤول عن الحروب الكبرى في القرن العشرين وعن الاستعمار وعن كل المجازر وعن تقسيم الشرق الأوسط وأفريقيا وعن كل الأزمات الاقتصادية. الشر هو كالأخطبوط الذي لديه الكثير من الأدوات. تميل عيوننا إلى التركيز على الأداة الأكثر نشاطا أولا. ومع ذلك، فهناك الدماغ الذي يوجه كل هذه الأدوات.
كل الأدوات تتحرك بتنسيق كامل لتحقيق الأمر الصادر عن الدماغ. حقيقة أن الأدوات تبدو وكأنها تتحرك بشكل مستقل ولكن هذا مجرد وهم - كل هذه الأدوات هي تحت سيطرة الدماغ. وعلاوة على ذلك، الشر هو أيضا بنية هرمية مثل الهرم، بغض النظر عن مدى اتساع القاعدة أو عدد الطبقات المصنوع منها، ولكن تبقى هناك نقطة واحدة في الجزء العلوي، وهي النقطة التي لديها السلطة المطلقة على كل ما هو تحتها.
سيكون من المستحيل الحصول على نتائج في مكافحة الشر من خلال التركيز فقط على الأدوات أو استهداف المستويات الدنيا من الهرم. يجب علينا طرح معركة فكرية ضد الجزء العلوي الذي يسيطر ويدير ويعطي الأوامر ويتخذ القرار النهائي في النظام. يجب فضح هذا المحور المذكور في صميم هذه المعركة الفكرية، لأن هذه السلطة هي فعالة فقط طالما يمكنها استثمار الآخرين، وإخفاء نفسها باستخدام كل الوسائل السرية المخزية.
حين نتحدث عن زعامة الشر في العالم اليوم، نذكر العديد من الأسماء: مثل الدول العميقة في الولايات المتحدة وإسرائيل ، وهيئات مثل الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي، ومنظمات مثل وكالة المخابرات المركزية، الموساد أو غلاديو، الجمعيات السرية من المتنورين والماسونية، والجمجمة والعظام وفرسان المعبد، وأولئك الذين يسيطرون على الاقتصاد العالمي مثل بارونات المال في وول ستريت، وشركات النفط متعددة الجنسيات. ولكن هذه كلها مجرد أدوات في هذا النظام. هم أيدي الأخطبوط، وهي تشكل المستويات الدنيا من الهرم.
أما الدولة البريطانية العميقة ، من ناحية أخرى، فهي تقع في الجزء العلوي من هذا الهرم لعدة قرون. الدولة البريطانية العميقة هي أيضا سبب الاستعمار والاستعباد. لقد ظلت الصين والهند واندونيسيا وماليزيا تحت نير الاستعمار البريطاني لعدة قرون. كما كانت الدولة العميقة البريطانية هي التي قدمت الأفيون إلى الصين، جوعت الهند ، وأرهبت معظم جنوب شرق آسيا. في الوقت الحاضر، لم يعد أحد يتذكر الإبادة الجماعية التي قامت بها بريطانيا في الهند في تلك الفترة. بريطانيا في تلك الفترة، سببت المجاعة لحوالي 330 مليون شخص قبل 150 عاما، وتسببت في وفاة أكثر من مليون هندي.
إنها أيضا الدولة البريطانية العميقة التي دمرت الإمبراطورية العثمانية واحتلت الأناضول. تم تجميع الكادر المؤسس للشيوعية في بريطانيا. البيان الأول للحزب الشيوعي من ماركس وإنجلز الذي يشكل حجر الزاوية في الشيوعية نشر لأول مرة في بريطانيا. جميع النصوص النظرية الأساسية للشيوعية، بما في ذلك نظرية رأس المال، كانت مكتوبة هناك. مؤسسو الليبرالية، وآدم سميث وديفيد ريكاردو، كانوا بريطانيين. تشارلز داروين، الذي أسس الأساس الأيديولوجي للداروينية الاجتماعية التي أطلقت كل هذه الفظائع على العالم في القرن العشرين، كان بريطانيا.
السياسات التي أوصلت الشرق الأوسط إلى حمام دم هي من عمل الدولة العميقة البريطانية. تم تأسيس معظم دول الشرق الأوسط من قبل بريطانيا. تم ترسيم الحدود لدول الشرق الأوسط في اجتماع القاهرة برئاسة ونستون تشرشل. وقد تم اختيار معظم قادة البلدان المعنية من قبل الدولة العميقة البريطانية. رجال الدولة العميقة البريطانية مثل T.E. لورنس وجيرترود بيل والجنرال أللنبي، أوردي في وينجيت وهيوبرت يونغ والسير بيرسي كوكس وهربرت صموئيل وما إلى ذلك هم الذين أوجدوا، ودربوا هؤلاء الناس.
تم تدريب الغالبية العظمى من الكوادر الذين حكموا الشرق الأوسط في القرن العشرين في المدارس البريطانية مثل أكاديمية ساندهيرست العسكرية وكلية الدراسات الشرقية وإكستر وكامبريدج أو أكسفورد لخدمة خطط الدولة العميقة البريطانية. وهنا يجب التذكير أن هناك عدد لا يحصى من الناس من الذين تم تدريبهم في تلك المدارس كانوا من الشرفاء والمخلصين. ومع ذلك، فمن الواضح أيضا أن هذه المدارس كانت تستخدم كمراكز للتدريب من قبل الدولة العميقة البريطانية.
تم تدريب معظم مؤسسي الإرهاب المتطرف في جامعة الأزهر. حاكم مستعمرة مصر الأنجلو ساكسوني العنصري اللورد كرومر، ، هو الذي جعل جامعة الأزهر كما كانت عليه. جامعة الأزهر، جنبا إلى جنب مع محمد عبده، الذي تم تمويله بدعم من اللورد كرومر، أصبحا مركزا للداروينية الاجتماعية في العالم الإسلامي. هذه الكوادر هم منظرو الإسلام المتطرف. والنظام الذي أنشأه اللورد كرومر أثر على العالم الإسلامي في غضون السنوات الثلاثين التي تلته. وهذا التأثير السلبي هو السبب الرئيسي لبيئة الحرب الحالية.
كانت الدولة العميقة البريطانية وراء انقلاب مصدق في إيران، وانقلابات عام 1960، 1971، 1980، 1998 و 2016 في تركيا، وكل انقلابات التاريخ الحديث في مصر وسوريا والعراق.
تم تأسيس وكالة المخابرات المركزية والموساد، التي يقال أنها تحكم العالم اليوم، وتم تدريب عناصرها من قبل موظفي الفرع MI6 في المخابرات البريطانية.
تأسس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من قبل بنك إنجلترا، كذلك فعائلة روتشيلد، إحدى زعامات الاقتصاد العالمي، مقرها في بريطانيا. وجورج سوروس تلقى تعليمه في بريطانيا.
تأسست العيون الخمسة ، أكبر أنظمة للمراقبة في العالم، والتي تعرضت للإختراق من قبل إدوارد سنودن، في أستراليا التي تسيطر عليها بريطانيا.
كارل بوبر، الأب المؤسس لحركة المجتمع المفتوح لسوروس، هو بريطاني. ريتشارد دوكينز، الذي هو حامل علم الإلحاد في القرن الواحد والعشرين، هو أيضا بريطاني. يجب أن نلاحظ شيئا مهما هنا: وهو أن الشعب البريطاني المحب والودود سوف يواجه بنية الدولة العميقة البريطانية لإنقاذ الشعب البريطاني من هذا البلاء الذي أضر بها لقرون عديدة.
غزت بريطانيا تاريخيا العالم كله ما عدا 22 بلدا. دعونا نلقي نظرة على هذه الخريطة من الدول التي غزتها بريطانيا: أنتيغوا وبربودا، أستراليا، جزر البهاما، بنغلاديش، بربادوس، بيليز،بوتسفانا ، إقليم المحيط الهندي البريطاني، جزر فيرجن البريطانية، بروناي ... جزر كايمان وجبل طارق جزر كريسماس، جزر كوكوس، كوك جزر .. دومينيكا، جزر فوكلاند، وغامبيا، ويلز، جانا، غرينادا، غيانا، جنوب أفريقيا، الهند، اسكتلندا، جامايكا، الكاميرون، كندا، كينيا، كيريباتي، أيرلندا الشمالية، مملكة ليشوثو... هذا ليس كل شيء، هناك أكثر من ذلك: جمهورية ملاوي، جزر المالديف، ماليزيا، مالطا، موريشيوس، جزر المرجان، ومونتسيرات، وموزامبيق؛ ناميبي، ناورو، نيجيريا، جزيرة نورفالك. هذا ليس كل شيء أيضا، لا يزال هناك المزيد. بابو، غينيا الجديدة، جزر بيتكيرن، روس التبعية، سان كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت وجزر غرينادين، ساموا، سانت هيلانة، سيشيل، سيراليون، سنغافورة وجزر سليمان، سري لانكا، وسوازيلاند. وهناك المزيد أيضا. تنزانيا، تونغا، ترينيداد وتوباغو، وتوكيلاو، جزر تركس وكايكوس، وتوفالو، أوغندا، فانواتو، ونيوزيلندا، وزامبيا. كل هذه الدول ال 52 هم أعضاء في الكومنولث البريطاني. وتجري الانتخابات في بعض هذه البلدان. ليتم انتخاب رئيس الوزراء، ولكن فوق كل هذه الإدارات المنتخبة في بعض هذه الدول، لا يزال هناك حاكم معين من قبل لندن. وهذا يعني أن المملكة المتحدة ترسل "الحكام" لحكم كل هذه الدول كما لو كانت مقاطعات تابغة لها. الحكومات المنتخبة تتخذ القرارات، ولكن توضع هذه القرارات أمام الحاكم البريطاني، الذي بدوره يعرضها للملكة. والملكة تقول "نعم" أو "لا".
الولايات المتحدة نفسها كانت من المستعمرات البريطانية السابقة. أدت مكائد الدولة العميقة البريطانية لحرب عام 1812، حيث احتلت القوات البريطانية لفترة وجيزة واشنطن العاصمة وأحرقت البيت الأبيض. مفاوضات السلام بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت تجري تحت الاشراف البريطاني. ومن الجدير بالذكر أيضا أن أحد عملاء المخابرات البريطانية المخضرمين هو الذي أعد التقارير المزورة ضد الرئيس ترامب.
برنارد لويس، العقل المدبر لحروب أفغانستان والعراق، والحرب بين إيران والعراق، ومشروع الهلال الأحمر، وتفتيت منطقة الشرق الأوسط، وصراع الحضارات وعصر الحروب الاسلامية، هو ضابط سابق لدى الاستخبارات العسكرية البريطانية. درس في SOAS لمدة 30 عاما. لويس، والذي جاء الى الولايات المتحدة عام 1974، أصبح كبير مستشاري جميع رؤساء الولايات المتحدة تقريبا فيما يتعلق بشؤون الشرق الأوسط منذ ذلك الحين. وهو المربي لكيسنجر وبريجنسكي وهنتنغتون ومشاهير المحافظون الجدد. إنه الشخص الذي كتب سياسات الولايات المتحدة بالمعنى الحقيقي للكلمة.
اليوم باكستان وأفغانستان والعراق ونيجيريا وسوريا واليمن، حيث يموت الناس نتيجة للإرهاب فيها كان معظمها تحت الاحتلال البريطاني. أسامة بن لادن تلقى تعليمه في بريطانيا. الجماعة الإسلامية المسلحة GIA ، التي غطت الجزائر بالدم، تدرب كوادرها في بريطانيا. وكان أهم مسلحو تنظيم داعش جنود من بريطانيا.
داعش، تنظيم القاعدة، بوكو حرام، حركة الشباب، فيتو، حزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي، أسالة، والتحرير الشعبي الثوري-C، والألوية الحمراء والمنظمات الإرهابية المماثلة كلها بمثابة جنود المشاة للدولة العميقة البريطانية. هذا الهيكل يجلب إراقة الدماء والدموع في كل مكان يذهب إليه. والقائمة تطول. وللتلخيص نقول أنه تم تغطية 300 سنة أخيرة من تاريخ البشرية بالدم من قبل الدولة العميقة البريطانية. قتل مئات الملايين من الناس الأبرياء، بمن فيهم الشعب البريطاني، في أيدي هؤلاء العنصريين، الاستعماريين، الباحثين عن الذات، الوحوش، القتلة الذين لا يرحمون. لقد أجريت أفظع المجازر الجماعية في التاريخ من قبل الدولة العميقة البريطانية وتسببت بمعاناة كبيرة للشعب البريطاني كذلك.
في 15 يوليو 2016، عندما أزيحت الأقنعة وكشفت الألوان الحقيقية عن التمرد المسلح في تركيا، أرسلت انجلترا آلاف الجنود إلى قاعدة سلاح الجو الملكي في سواحل جنوب غرب قبرص على بعد 100 ميل من تركيا، وأرسلت السفن الحربية البحرية الملكية إلى البحر الأبيض المتوسط، ونشر مئات من الطائرات والمروحيات التي من المفترض أن تساعد حوالي 50،000 من المواطنين البريطانيين بالابتعاد عن الخطر. وكان الجنود أحرارا في التعامل مع 'المتمردين المحليين الذين حاولوا التدخل في هذه العملية. يبدو أن كل هذه التحضيرات التي قامت بها انجلترا قد كانت لشيئ آخر غير محاولة انقاذ المواطنين، وأكثر من ذلك كخطة محسوبة.
بعد تحسن علاقات تركيا مع روسيا - البلد الوحيد الذي قدم الدعم لتركيا خلال تلك الفترة، كانت الدولة العميقة البريطانية المضطربة تدرك أن الدول الثلاث تعمل على توحيد القوى لعملية حل للأزمة السورية تجلب السلام للمنطقة . لقد كانت المملكة المتحدة، تنتظر على أهبة الاستعداد - لعملية لغزو - أثناء المحاولة الانقلابية، التي يفترض منها موقفا "وديا" "صريحا تجاه تركيا. وبطبيعة الحال، وجود علاقات طيبة مع الناس في المملكة المتحدة هو أمر مهم بالنسبة لتركيا. ومع ذلك، فإن الدولة العميقة البريطانية لم تكن أبدا لمصلحة تركيا ولا لمصلحة شعبها ولن تكن أبدا كذلك.
لا يستطيع أي زعيم، ولا أية دولة أن تقف لوحدها في مواجهة مكائد مثل هذه البنية التي تم تنظيمها على هذا النطاق واخترقت البنى التحتية في البلدان الأخرى. فقط التحالف الجيد من شأنه أن يوقف مثل هذه الخطط الشريرة. في العام الماضي، وضع الأساس لتحالف قوي لا يتزعزع بين روسيا وتركيا بمبادرة من الرئيس بوتين. من واجب الجميع الأخيار الذين يريدون أن ينقذوا العالم من ويلات الدولة العميقة البريطانية الدفاع ودعم هذا التحالف.
http://katehon.com/ar/article/mhwr-lshr-llmy-ldwl-lbrytny-lmyq