نظراً للهجمات التي شنّها جيش ميانمار في أغسطس الماضي، اضطر حوالي ثلثي سكان أراكان - 650 ألف شخص تقريباً - إلى الفرار خارج البلاد. وقد أُحرقت مئات القرى وتعرّض الآلاف للتعذيب والاغتصاب والقتل بأكثر الطرق شراسة.
حصلت المعاملة غير الإنسانية التي تعرّض لها مسلمو الروهينجا في ميانمار، وموجة الهجرة الناجمة عنها، على تغطية واسعة في وسائل الإعلام الدولية. ومع ذلك، لم تكن هناك أية مبادرات لوضع حد لتلك الأحداث المرعبة. إلا أن هناك تطوراً معيناً حدث مؤخراً في يناير الجاري ربما يؤدي إلى مبادرات دولية لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية.
تُنكر حكومة ميانمار حتى الآن جميع الادعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، وتُنكر أي صلة بين الهجمات الواقعة والمؤسسات الرسمية.
وفي الواقع، فإن الجنرال أونج مين هلينج، قائد الجيش في ميانمار قد يواجه اتهامات بالإبادة الجماعية في المستقبل.
وقد اعترف جيش ميانمار للمرة الأولى بأن عشرة من مسلمي الروهينجا قتلوا على يد جنود وقرويين بوذيين. وقد دعت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إلى إجراء تحقيق دولي.
هناك العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية التي تستطيع أن تكشف مدى خطورة الوضع للروهينجا؛ ومنها منظمة العفو الدولية، التي يزعم مسؤولوها أن لديهم أدلة ملموسة تثبت أن جنود ميانمار اغتصبوا وقتلوا الروهينجا وأحرقوا قراهم ودفنوا المدنيين في مقابر جماعية.
وتقول ماريكسي ميركادو، المتحدّثة باسم اليونيسف والتي أمضت شهراً هناك في ديسمبر الماضي: إن الأطفال في ولاية راخين مُجبرون على العيش في ظروف مروعة في مخيّمات المنفى، حيث تُنتهك الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بشكل متكرّر. هناك العديد من الأطفال يعانون من نقص حاد في التغذية، ولا يحصلون على مياه أو طعام نظيفين، ويضطرون إلى السير حفاة الأقدام في حفر الصرف. وبالإضافة إلى ذلك، يجري نهب وتدمير مراكز العلاج في المخيّمات عمداً. وتدعو ميركادو المجتمع العالمي والمنظمات والبلدان الإقليمية إلى استخدام نفوذها لمعالجة هذا الوضع الخطير، مشيرة إلى أن إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة صار أمراً شديد الصعوبة.
حتى الآن لم تستجب حكومة ميانمار بشكل إيجابي لطلبات المنظمات الدولية بالمراقبة الرسمية في أراكان. بل إنها رفضت في الواقع دخول «يانجي لي»، المقرّرة الخاصة في الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في ميانمار إلى البلاد.
وقد أشارت «لي» إلى أنه حتى ذلك الإعلان من قبل حكومة ميانمار دليل على الأحداث الرهيبة التي تقع في البلاد، وأعلنت أنه بعد انتهاء زيارتها لبنجلاديش في الفترة ما بين 18 إلى 24 يناير الجاري، وتايلاند في الفترة ما بين 25 إلى30، ستقدّم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي سيُعقد في مكتب الأمم المتحدة في جنيف في مارس القادم.
من الصعب على حكومة ميانمار أن تواصل مقاومة الطلبات المتزايدة والضغوط التي تمارسها المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، لا سيما الأمم المتحدة.
من الجدير بالذكر كذلك أن هؤلاء الزعماء والمسؤولين الذين قاموا بالتطهير العرقي على مر التاريخ استخدموا دوماً أساليب بارعة شيطانية لإخفاء ما يفعلونه. وكما أن المسؤولين عن ذلك سيطيلون العملية قدر استطاعتهم، معجّلين بوتيرة التطهير العرقي. ولهذا السبب يجب على المجتمع الدولي أن يتصرّف بشكل أسرع وأكثر تنظيماً من أجل منع وقوع المزيد من القتل أو التعذيب.
http://www.raya.com/news/pages/0ffb9ce1-0505-4569-91bf-1d46dd901445