كشف الله عز وجل في القرآن الكريم عن عظمته و قوته وجبروته اللامتناهية و لا يتصف بهذه الصفات الجليلة المباركة أحد إلا هو سبحانه. كما بين سبحانه في القرآن شدة عذاب من تحداه بالكفر والشرك بتفصيل دقيق. يجب على الإنسان التفكر في شدة عذاب جهنم الذي توعد به ربنا عز وجل كل من عصاه و تحداه واتبع هواه بغير هدى. إن نتيجة هذا التفكير لا محالة سوف تشكل في القلب الخوف من الله عز وجل بشكل طبيعي. إن هذا الخوف يضمن للمسلم الإلتزام بأوامر الله ونواهيه. وفي القرآن الكريم، يتضح لنا جليا خوف المؤمنين من الله عز وجل بمثال واضح لبيان مدى قوة هذا الخوف. قال تعالى :
{ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } النور 37
في القرآن الكريم، الله عز وجل يؤكد على مشاعر وأحاسيس و شدة خوف المؤمنين منه كما في الآية (يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ). حقا، إن خوف المؤمن من الله هو شكل من أشكال الرهبة الكاملة التي لا يعادلها شيء آخر من اشكال الرهبة والخوف. هذا الخوف ليس نوع من الخوف الذي يأتي بالمتاعب و العذاب للناس كالمخاوف الأخرى.
على العكس من ذلك، هذا الخوف يذكر الناس بضعفهم وقلة حيلتهم و عبوديتهم لله مما يفتح عقولهم و يوسع وعيهم ويؤدي بهم الى ارقى الأخلاق الفاضلة.
هذا الخوف يزيد من تشويق المؤمن للآخرة وتطلعه إليها ويوقظ فيه مشاعر الأمل و الحماس. الخوف من الله هو الشعور النبيل الذي يقرب المسلم من ربه تبارك وتعالى ويكون سببا للحصول على رضاه سبحانه والإبتعاد عن غضبه.