تشكل كراهية النساء كارثة نضطر للتعايش معها بشكل يومي، فبدءًا من البلاد التي تبدو ديمقراطيةً ومتطورةً، ومرورًا بالبلاد المتخلفة والفقيرة، تعتبر هذه الظاهرة وصمة عار تلطخ ضمير الإنسانية، وينبغي على المجتمعات أن تمحو آثارها.
الأمر الأكثر إدهاشًا في هذه المشكلة أن النساء أجمل النعم التي خلقها الله في هذا الكون، وهنّ أفضل من الرجال في كثير من السجايا؛ فالنساء لطيفات، وحنونات، ولديهن طاقة هائلة من الحب، ومراعيات لشعور الآخرين، ومكترثات، وهذا غيض من فيض الخلال الحميدة التي تتميز فيها النساء على الرجال، لذا فمن المحير أنهن يعانين بهذا القدر. لقد تغيرت الحضارات، وتغيرت الأجيال، وظهرت ثقافات جديدة، ولكن المحنة لا تزال مستمرة.
سوف نقدم أمثلة قليلة لكارهي النساء عبر التاريخ،.
في الإمبراطورية الرومانية، كانت الطفلات يُتخلّى عنهن ويُلقى بهن في القمامة، ونتيجة لهذا تجاوز عدد الذكور دائمًا عدد الإناث، وفي كثير من الأحيان، كانت الرضيعات اللائي يتخلى عنهن أهلهن يأخذهن أشخاص آخرون ليستعبدوهن أو يستخدموهن بغايا في بيوت الدعارة، يمكن للمرء أن يتخيل عدد النساء البائسات اللائي هلكن بهذه الطريقة، واستمرت هذه الممارسات حتى صارت المسيحية الديانة المهيمنة على الإمبراطورية.
وبالمثل، ادّعى يانج تشين، وهو سياسي صيني عاش في القرن الثاني الميلادي، أن النساء يجلبن العار على المحكمة الإمبراطورية، ولا ينبغي أن يُسمح لهن بالمشاركة في شؤون الحكومة.
تنتشر كراهية النساء المخزية في بعض مناطق الهند الحالية مثلما كانت منتشرة في الهند القديمة، على سبيل المثال، ادعت الملحمة الهندية «مهابهاراتا»، التي تعود إلى القرن الخامس، أن إنجاب طفلة كان مصيبة، كما قالت «… النساء هنّ جذور الشرور».
وفي أوروبا خلال العصور الوسطى، كانوا يحرقون النساء أحياء لاتهامهن بممارسة السحر، بينما لم تمتلك النساء في إنجلترا خلال القرن السابع عشر أي حقوق قانونية. كان الآباء لهم كامل المسؤولية والسلطة على النساء قبل أن يتزوجن، وبعد الزواج انتقلت هذه المسؤولية والسلطة الكاملة إلى أزواجهن بما في ذلك أملاكهن الشخصية. إن كارهي النساء كانوا متوهمين للغاية، لدرجة أنهم اعتقدوا أن النساء لا يستطعن التواصل المباشر مع الله، خالقهن؛ فقد كتب الشاعر الإنجليزي الشهير جون ميلتون «هو لله فقط، وهي لله الكامن بداخله».
في القرن السابع عشر، عارض رئيس الوزراء البريطاني غلادستون بدون خجل منح حق الاقتراع للنساء، فيما زعم أحد كارهي النساء المعروفين، وهو تشارلز داروين، أن النساء كانت لهن منزلة متدنية، فقد اعتقد أن مزايا الزواج تضمنت «رفيقة درب (أي رفيقة في الشيب) سوف تبدي اهتمامها بالرجل، وشيئًا كي يكون محببًا وكي يلعب معه – أفضل من كلب على أي حال – وسكنًا، وشخصًا يعتني بالمنزل…».
اعتقد الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه أن النساء كانت عدوات الحقيقة، فيما زعم سيجموند فرويد أن النساء كانت عدوات الحضارة، لا شك أن كليهما كان لهما تأثير مباشر على تنامي كراهية النساء في القرن العشرين، فقد ألهم نيتشه الديكتاتور الألماني سيئ السمعة أدولف هتلر لأن يستنكر حقوق النساء ويعتبرها شيئًا من اختراع المثقفين اليهود، (اليهود أبعد ما يكون عن مزاعمه).
وحتى عندما بدا أن هناك تقدمًا، استقبلت النساء صفعة كبيرة، على سبيل المثال، احتلت بريطانيا مصر عام 1882 واستنكرت حجاب النساء، لكنهم لم يمتنعوا عن إيقاف التمويل المكرس لتعليم البنات.
ويفترض في الوقت الحالي أننا نعيش في عالم معاصر، حيث تُصان حقوق البشر وتكفلها القوانين، وحيث يُفترض أن يكون هناك مساواة بين الجنسين، إلا أن الموقف في الواقع لا يبدو أنه غيّر من هذه الأشياء كثيرًا، تشير بعض الإحصاءات إلى الآتي: يوجد 1.3 مليار شخص يعيشون في فقر، و70% من هؤلاء من النساء. 60% من أطفال المرحلة الابتدائية الذين لا يذهبون إلى المدارس هم من البنات. تُؤدَّى 66% من الأعمال في العالم عن طريق النساء، لكنهن يحصلن على أقل من 5% من الدخول. تعرضت واحدة على الأقل من كل ثلاث بنات أو نساء للضرب أو الإساءة في كل أنحاء العالم.