ثمن الحروب في الشرق الأوسط
ucgen

ثمن الحروب في الشرق الأوسط

703

بقلم: هارون يحيي

يعيش الشرق الأوسط  سلسلة من الحروب،  منذ بداية القرن الواحد والعشرين. ولقد أدي احتلال كل من العراق وافغانستان والقتال في ليبيا وسوريا واليمن، الي فقدان ملايين المسلمين لحياتهم. فمنذ ذلك التاريخ تزداد قائمة القتلي يوميا بالاف النساء والأطفال والشباب والشيوخ واناس ابرياء اخرين .

لقد باتت تلك الحروب مسرحا لتجريب اسلحة جديدة، فالولايات المتحدة الأمريكية،  مثلا،  استخدمت قاذفات ال بي 52 اثناء القتال في افغانستان وليبيا، كما ان وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)  استعانت بطائرات بدون طيار لأول مرة في  باكستان . اما الحرب الاهلية في سوريا فيبدو انها كانت تنتظر قدوم طائرة الرابتور F22  والتي تصل تكلفتها الي 57 مليون دولار. كما ان الولايات المتحدة نفسها انفقت حتي الان ما مجموعه 400 مليار دولار علي طائرات ال اف 35 وذلك ضمن ميزانية محددة بترليون دولار ، في انتظار ما ستحصده تلك الطائرات من أرواح.

ان هذه الاسلحة جميعا تتسابق في التسبب بمزيد من القتل والدمار وذلك ضمن سباق  تسلح يقاس بحجم الدماء البريئة النازفة. فكل سلاح جديد يدفع باتجاه تطوير سلاح افضل منه. يحدث ذلك في الوقت الذي تكفي فيه موارد هذا العالم لأطعام واسكان وتوفير حياة هانئة لساكنيه البالغ عددهم سبعة مليار نسمة. الا ان تلك الدول لا تستنزف ثرواتها علي الحفاظ علي حياة الشعوب ، بل علي تطوير  السلاح القادر علي قتل تلك الشعوب. 

فالأموال التي يتم انفاقها علي تلك الأسلحة لا تمثل سوي جزء يسير من ثمن الحروب ، ووفقا للعديد من التقديرات،  فلقد كلفت الحروب في كل من العراق وافغانستان،  الخزانة الأمريكية 6 تريليون دولار.

هذا وكان نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني قد قال قبل اسبوع فقط من بدء الحرب علي  العراق بان الحرب سوف تستغرق عامين وان تكلفتها  ستصل الي حوالي 100 مليار دولار. وها هي مازالت النزاعات مستمرة ، والثمن لهذه النزاعات قد زاد حوالي اربعين الي خمسين ضعف تقديرات تشيني.

بناءا علي تقريره السنوي لعام 2014، كشف معهد الاقتصاديات والسلام ،ان الخطر ازداد تدريجيا في 81 دولة حول العالم. ويشير التقرير نفسه الي ان سوريا والعراق واليمن وليبيا واسرائيل ولبنان ، هي من أكثر الدول انتشارا للعنف فيها وان هذه الدول الست وفي ظل هذا المناخ من العنف، تتكبد سنويا خسائر مالية تقدر بنحو 300 مليار دولار. اما الخسائرالاجمالية  العالمية بسبب هذا العنف، فهي تقدر ب 10 تريليون دولار

ومن ناحية اخري فانه من الخطأ حساب ثمن الحرب بارقام مالية.  فجو النزاعات الذي بدأ يخيم علي العالم مع الاعلان عن الحرب علي الأرهاب ، قد اودي بحياة 3 مليون انسان حتي الأن. انه لأمر مستحيل مقارنة حق الاطفال والنساء والرجال والشيوخ الأبرياء في الحياة ، بالمال.

ان الثمن الأكبر لتلك الحروب يكمن في الشكل الذي تفقد فيه كل الأطراف انسانيتها. فنجد ان وكالات انباء رسمية تشير في تقاريرها الي عدد القنابل التي يتم انتاجها وكم من الأهداف يتم ضربها يوميا، كما تصور هذه الوكالات بلادها علي انها مظفرة . الا انه من غير الواضح من هو المستهدف من تلك الضربات. فالمؤسسات العسكرية لتلك الدول تصور عملياتها " الناجحة" كما لو كانت شيئا  يدعو  للفخر . ولا تدري تلك الدول بأن ما تعده فخرا فانه في الحقيقة مزيدا من الجثث والدمار والفقر.  لو بقيت البشرية تحل الصراعات عن طريق العنف بديلا للسلم، فان الثمن المادي والمعنوي لهذه الحالة سوف يكون مزريا . في ظل هذا الوضع، لابد من الانطلاق من عقلية تجلب السلام الي العالم ، فالحرب مستحيل ان تكون طريقا الي السلام ..

http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=62A0F3E2-BB2D-46FA-BD55-4AEA6FA2E2C4&d=20160210&writer=0

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo