هناك 7,5 مليار شخص يعيشون على الأرض وتشكل النساء أكثر من نصف هذا العدد، وهذا ليس مجرد رقم إحصائي، عن حبيباتنا؛ الأمهات والأخوات والزوجات. عدد الرجال الذين لا يشعرون بالحب تجاه المرأة عدد قليل جدًا لدرجة أنه يمكن أن يعد على أصابع اليد الواحدة.
ورغم ذلك، فلا تزال المرأة – إحدى أجمل جوانب حياتنا – تعيش تحت القمع المستمر، في بعض الأحيان تعاني من عدم الاحترام والإهانات غير العادلة بينما ينبغي أن تعامل بالحب والاحترام بدلًا من ذلك. في بعض الدوائر، تميل دومًا القواعد المجتمعية وضغط الأقران إلى الهيمنة على النساء وإملاء كيفية عيش حياتهن عليهن، ومعظم أزواج النساء وآبائهن وإخوانهن وأقاربهن ومدرائهن وزملائهن ومعلمينهن يعتبرون أن واجبهم يقضي بتقليص حريات النساء. ويُنظر إلى مليارات النساء على أنهن خطاة محتملون في أي لحظة وتعامل ككائنات تحتاج إلى أن تبقى تحت السيطرة المستمرة، هذا مرض واسع الانتشار يصيب العالم بأسره، وسواء كان الرجل الذي يطبق هذا النظام من القمع يعيش في الشرق أو الغرب، ملحد أو ديني، عالم أو أميّ، عادة لا يغير هذه الحقيقة.
المجتمعات الشرقية هي أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن موضوع قمع المرأة؛ وتسعى الأوساط المعادية للدين – على وجه الخصوص – إلى عرض القواعد الاجتماعية التي تشجع على قمع المرأة على أنها جزء أصيل في الإسلام. ولكن، هذه كارثة ليس للإسلام أي علاقة بها، ولكنها تحدث بسبب المفاهيم الدينية الخرافية. هذا الترتيب الديني المزعوم الكاره للنساء يتعارض تمامًا مع القيم الأساسية للإسلام. بل على العكس من ذلك، تحظى المرأة بالثناء والاحترام في القرآن الكريم. ويأمرنا الله دائمًا بمعاملة المرأة بالحب والاحترام.
ويمكن أيضًا ملاحظة هذه المشكلة في المجتمعات الغربية بسبب أيديولوجيات مختلفة، تفترض الداروينية – وهي واحدة من الأيديولوجيات الأساسية الكامنة وراء الثقافة الغربية – أن المرأة، بالمقارنة مع الرجل، هي شكل من أشكال الحياة التي لم تكتمل بعد عملية تطورها. في الواقع، تشارلز داروين، مؤسس نظرية التطور، هو مبغض كلاسيكي للمرأة. يقول داروين في كتابه «نشأة الإنسان»: «من المسلم به عمومًا أن النساء تظهر لديهن قوة الحدس والإدراك السريع وربما التقليد أكثر وضوحًا مما هو عليه في الرجل، ولكن على الأقل فبعض هذه الخصائص، هي من خصائص الأجناس الدنيا، وبالتالي أتت من حالة حضارية أدنى وأسبق». 1
الفاشية والشيوعية، بسبب استمدادها الإلهام من الداروينية، كانت أيديولوجيات مبغضة للنساء. في ألمانيا النازية، كانت القاعدة الدائمة هي أنه لا يسمح لأكثر من 10% من خريجي المدارس الثانوية بأن يكونوا من الفتيات. في عام 1929، كانت هناك 39 مؤسسة تعليمية اشتراكية وطنية، ولكن اثنتان منها فقط كانتا من أجل الفتيات. ووفقًا للنازيين، فإن واجب المرأة هو أن تكون مستعدة للإنجاب من قبل الرجال الألمان الشباب الذين لم يسبق لهن رؤيتهم من قبل في حياتهن ويلدن ذرية آرية جديدة.
بعد فترة وجيزة من الثورة البلشفية، تم فرض قانون يقول إن جميع النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 17 و32 عامًا من ممتلكات الدولة، ومن المفترض أنه إذا تحررت هذه النسوة من نير أزواجهن، أن يعملن في المناجم والمصانع في ظل أشد الظروف، وفي نظر الشيوعية، لم تكن النساء أكثر من مجرد قوة عاملة جديدة.
في المجتمعات الغربية اليوم لا تزال المرأة تقاتل من أجل حقوق المواطنة المتساوية، وفي العديد من البلدان، لم تمنح المرأة حق الاقتراع إلا في السنوات الـ 70-80 الماضية. واحد فقط من كل خمسة أعضاء في الكونغرس الأمريكي امرأة، ولا تزال أماكن العمل تعاني من التحيز الجنسي ضد المرأة. في سلوك مفرق على أساس الجنس، قال عضو بولندي في البرلمان الأوروبي منذ وقت ليس ببعيد إن النساء يجب أن يكسبن أقل من الرجال لأنهن من المفترض أن يكن أضعف وأقل ذكاءً.
ليس فقط في المجتمعات الشرقية، بل أيضا في العالم الغربي، عشرات النساء يهلكن على أيدي أزواجهن كل عام. في 40% من حالات قتل الإناث في جميع أنحاء العالم، القاتل هو إما الزوج، أو الخطيب أو الصديق. وفي الاتحاد الأوروبي، تعاني واحدة من كل خمس نسوة من العنف من قِبل زوجها. وفي كندا، عانت امرأة من كل امرأتين من العنف البدني أو الاعتداء الجنسي مرة واحدة على الأقل بعد سن السادسة عشرة. وفي كل عام تتعرض حوالي خمسة ملايين امرأة في جميع أنحاء العالم للعنف المنزلي والاعتداء من قِبل أزواجهن. كما يمكن للمرء أن يرى بوضوح، عندما يتعلق الأمر ببغض النساء، فالعالم كله، الغربي والشرقي، كله تقريبًا فيه نفس الخصائص الفظيعة.
هذا المستوى من القمع يخفف من توهج الحياة داخل النساء، مما يعيق حماستهن وسعادتهن تجاه الحياة. تحت الضغط، أصبحت المرأة مترددة في أن تبدو أو تشعر أنها جميلة وجذابةـ وقد أصبح العالم محرومًا إلى حد كبير من جمال المرأة وحكمتها وإنتاجيتها ومثابرتها واستعدادها للتفكير المتطور، وما دامت النساء – مصدر جمال العالم – غير سعيدة وغير حرة، فإن العالم سيظل ناقصًا، ولن ترى الجودة والفنون والجمال أي تقدم. إن إحدى أهم القوى التي تنهي العنف وتؤسس لثقافة السلام على الأرض هي حب المرأة، وكلما أصبحت المرأة أكثر جمالًا، فسوف تجمل العالم من حولها. وكلما ازداد احترام المرأة، كلما أصبح العالم أكثر ملاءمة للعيش.
1. جون دورانت، نشأة الطبيعة في أصل داروين للإنسان، في التراث الدارويني، بقلم ديفيد كون، برينستون: مطبعة جامعة برينستون، 1985، ص 295