على مدى التاريخ تبنى الماديين بحماس الخداع على أن "المادة هي مطلقة" لإنكار أن ربنا سبحانه وتعالى هو الخالق وحاكم على كل شيء. لذلك فإن التفسيرات في جوهر هذه المسألة هي في غاية الأهمية، لأن هذه المعلومات تثبت كذب هذا الخداع الذي تم الحفاظ عليه على مدى القرون. الفهم أننا لدينا خبرة مباشرة مع نسخة واحدة فقط من المادة وأن الإنسان ليس مجرد مجموعة من اللحم والعظام ويتيح لنا فهم كوننا أيضا في حيازة ضمير وروح. إن الله سبحانه وتعالى هو خالق الروح والوعي في الإنسان الذي هو بدوره عبدا له. إلهنا الله سبحانه و تعالى هو الكيان الوحيد القادر على السيطرة على السماوات و الأرض.
هذه الحقيقة أيقظت ذهول كبيرة في قوة وهيمنة الله والكمال في خلقه. الله خالق الكون اللانهائي بتفاصيله لا تشوبها شائبة لا تعد ولا تحصى سواء على المظهر الخارجي للمدة او في دماغ كل كائن بشري.
كل التفاصيل في هذا الكون هي بشكل مثالي وبشكل مستمر مجسدة مثل الأشباح في دماغ الإنسان. هذا خلق الله هو الكمال حتى لا تشوبه شائبة، والذي يبدو انه واقعيا أكثر من اللازم وصولا الى أصغر التفاصيل رغم أنه من الواضح انه يتألف في الواقع من مجرد حلم.
ليس هناك عيوب أو حالات شاذة في خلق ربنا. خدع الأفراد الذين يتمتعون بالخبرة و المنطقية فى تحاليلهم لهذا الكمال، لم يتصوروا ولو لحظة و لم يظنوا أبدا أن الصور التي يرونها عبارة عن مجرد وهم.
الروح تلاحظ كل هذه الأشياء. آلاف الملايين من الناس على الأرض ترصد الصور التي تظهر لهم في كل الأوقات. انهم يشعرون بالسعادة يفكرون ويتخذون قرارات من خلال ضوء هذه الصور. لكن ما هي إلا عبرا لروح التي تكون القدرة على القيام بذلك.
أرواحنا البشرية هي جزء من روح ربنا التي غرسها فينا. ولذلك فمن الواضح أنه هو الكيان الوحيد المطلق الرب الحقيقي لكل روح. قوة وقدرة الله تتخلل في كل شيء وفي جميع الأماكن. جميع الكيانات التي نراها ونتخيلها في الواقع المادي هي في الحقيقة مجرد صورا التي أنشأها ربنا. و الكائنات التي خلقها من روح تلاحظ هذه الصور.
يقول الله سبحانه و تعالى في إحدى من آياته ‹ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ› سورة البقرة الآية 255
حتى الناس تستوعب خلق الله الرائع الكامل و الجوهر الحقيقي للعالم الذي يرونه يحتاجون للتكثير من الصلوات. لأنه خالق كل شئ. و هو الوحيد الذي يعطي لخلقه القدرة على الفهم متى يشاء.
بيتر روسل أحد العلماء الذي أدرك هذه الحقيقة وأضاف "اعتقد ان واقعي الخاص هو الواقع الوحيد. أحيانا ومع ذلك أدرك أنه يمكن أن تكون هناك طريقة أخرى لرؤية الأشياء ولكن لا أعرف ما هي؟ لكن، لا أستطيع أن أجعل هذا التحول بإمكانياتي الخاصة، أنا بحاجة للمساعدة. لكن أين يمكن أن أجد هذه المساعدة ؟ أشخاص آخرين حساسة مثلي في ظل هذا النظام من الفكر. المكان المناسب للحصول على المساعدة هو الأعماق النفسية. مستوى الوعي الذي يتجاوز العقلية المادية. للحصول على المساعدة من الله لا بد من الصلاة"
الشخص الذي يدرك الحقيقة بشأن هذه المسألة، سوف يفهم بالتأكيد أنه لا يوجد اي كيان آخر من دون الله يتمتع بالسلطة.
هذا المفهوم سوف يسمح للفرد على الإعتماد على الله الإله الوحيد فقط و اللجوء إليه. الوعي بوجود الروح يبطل كل هذه التصريحات المادية التي تعوق الناس أن تكون عباده. فبإمكان اي شخص ان يرى بوضوح أنه لا يوجد أي كيان آخر من دون الله يعتمد كإله. ولذلك فإنه لا يؤمن بأي من التفسيرات المادية التي قدمت إليه فيما يتعلق بالحياة الدنيا.
وهذا المفهوم بدوره ينهي أي إخلاص عاطفي في هذا العالم و أي رغبة في الكسب المادي والكبرياء والأنانية. فإنه يهم أن الجشع وتعظيم الذات والسعي وراء الأشياء المادية تفقد معناها في ظل هذا العالم الوهمي. فبالتالي كل شخص سوف يجعل رضوان الله والجنة والإنفاق في حياته الأبدية هدفه الخاص. وجود الله في جميع الأماكن و في جميع الأشياء. كل التفاصيل سواء كانت كبيرة أو صغيرة التي يشعر بها الشخص في الحياة الدنيا هي دليل على القوة والحكمة والفن في خلق الإله. ومع ذلك يتم خداع الناس من خلال هذه الفلسفة المادية التي تعتقد بأن المادة هي الكيان الوحيد المطلق، أيضا يبحثون عن كيان آخر مادي لتنسيب كل هذا الكمال.
هذا نابع من عدم قدرتهم على إدراك أنهم يعيشون في وهم.
عندما تكون المادة قد تبينت أنها مجرد وهم، هذا ما يؤكد وجود الروح. الله هو الجهة الوحيدة المطلقة التي تخترق وتحيط كل شيء والذي يتحرر من الزمان والمكان. قال تعالى في سورة الأنعام الآية 103
‹لَّا تُدْرِكُهُ ٱلْأَبْصَٰرُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلْأَبْصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ ﴿١٠٣﴾›
الله يخترق حياتنا الداخلية والخارجية، أنظارنا أفكارنا وكياننا كله.لا يمكننا أن نفعل أي شيء وليس حتى التنفس دون علمه. الله الكيان الوحيد المطلق الذي يعرف كل شيء بالتأكيد. يجب على العالم أن يعرف أن الله الكامل الأكمل الذي خلق الوهم و خلق الأنسان الذي غرس فيه روحه الخاصة.
هذا هو شأن بسيط جدا على الله. نظرا لأننا نعيش حياتنا ونشعر بهذه التصورات ونحن نتصور أنها "العالم الخارجي
أنها ليست أجسام وهمية وغيرهم من الأشخاص الذين هم قريبون منا ولكن هو ربنا. قال تعالى في سورة ق الآية 16
‹ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِۦ نَفْسُهُۥ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ ﴿١٦﴾›
إذا كان أي شخص يعتقد ان لديه خبرة مباشرة مع العالم المادي ويتصور أن جسده يتكون من المادة واحدة فإنه يقع في خطأ جسيم ويفشل في إدراك هذه الحقيقة الكبرى. أنه يتصور أن الله في السماء أو في مكان آخر بعيدا عنه (ومن المؤكد ان هذا الاعتقاد خاطئ من هذا القبيل) ويفشل في إدراك أن الله هو في الواقع أقرب إليه من جسده الخاص.
لما يدرك انه لا يمكن أبدا أن يكون له اتصال مباشر مع العالم الخارجي ويجب الاحساس بكل شيء في ذهنه فقط.
كل العالم الخارجي وسيارته والشمس والنجوم الذي يتصور أن تكون بعيدة جدا تصبح مثل الثوب الذي يحيط به و الكل على نفس السطح. الله يحيط به و قريب منه في كل شئ. قال تعالى في سورة البقرة الآية 186
‹ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ›
فمن الضروري أن الناس يعيشون مع هذه المعرفة. الشخص الذي يتجاهل هذا سوف يتخيل أن العالم الإنتقالي الذي تم إرساله إليه هوإمتحان فقط للحياة الواقعية. يتصور أن كل من العواطف والملذات والتوقعات يجب أن تكون موجهة إلى هذا العالم. الاعتقاد الراسخ بالإحساس المباشر للمادة يمكن أن يؤدي إلى الابتعاد عن الإيمان بالله والنسيان أنه أننا مدعوون من وجوده في الدار الآخرة. بوضع تصور على العالم أنه مطلق، و نسعى جاهدا لتحقيق ملذاته الوهمية يمكن أن نعاني من خيبة أمل كبيرة في الآخرة. الله يحذر الناس من الحقيقة فى آياته الكريمة من سورة فصلت الآية 54
‹ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ›
1. روسل، من العلم إلى الله، ص. 96.