عصر جديد في تركيا
هارون يحيى
كانت الأحداث السياسية في تركيا على أشدها هذا الأسبوع، فبين الأخبار عن المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية، وقرار البرلمان التركي بالسماح برفع الحصانة عن أعضاء البرلمان، بالإضافة لحدوث كلا الأمرين في نفس التوقيت، مما استدعى متابعة تلك الأحداث من داخل تركيا وخارجها أيضًا.
حزب العدالة والتنمية هو من تقدم بالأساس بمشروع القانون الذي يتيح رفع الحصانة عن النواب، بينما تم تشجيع مشروع القانون من قِبل كل من حزبي المعارضة في البرلمان، بينما قاوم مشروع القانون حزب الشعب الديمقراطي - والذي يحظى بدعم حزب العمال الكردستاني وبالأحرى من الأكراد - وقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن مخاوف مماثلة بعد الموافقة على مشروع قانون رفع الحصانة عن نواب البرلمان.
والآن، دعونا نناقش ردود أفعال الاتحاد الأوروبي، والتي من المفترض أن تُعبر عن مبادئ الحرية والديمقراطية.
ينبغي الإقرار بأن السبب وراء قرار رفع الحصانة عن النواب ليس وجود الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان، ولكن لأن الحزب مدعوم مباشرة من قبل منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، كما أن بعض اعضائها متورطون في أعمال مشبوهة بهذا الخصوص. فعلى سبيل المثال، حضر عضو في حزب الشعب الديمقراطي جنازة انتحاري تابع لحزب العمال الكردستاني، والذي أودى بحياة 29 شخصًا في تفجيره في أنقرة، كما قدم نائب رئيس ذلك الحزب بيانًا قال فيه "نعتمد على حزب الاتحاد الديمقراطي (حزب العمال الكردستاني)". وعلاوة على ذلك، فبعض رؤساء البلديات والأعضاء في نفس الحزب السابق سمحوا لبعض أعضاء حزب العمال الكردستاني بحفر خنادق على الطرق، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول للمجروحين من جراء أفعال حزب العمال الكردستاني، ومنع سيارات الإطفاء من الوصول لأماكن الحرائق التي تسببوا بها. كما رأى بعض النواب أنه لا مُشكلة في القيام بالدعاية لصالح منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، وذلك من خلال البث المباشر من داخل مقرات الحزب. فإذا كان نواب البرلمان والذين يمثلون الشعب في بلد ما قادرين على القيام بكل هذا في البلد الذي يشكل فيه الإرهاب مشكلة خطيرة، فيجب حينها أن تكون للسلطة القضائية الفصل في تقييم هذه الحالات. هناك احتمال أن هؤلاء النواب مُعرضين للكثير من الضغوط من قبل حزب العمال الكردستاني. وفي هذه الحالة، ستقوم السلطات القضائية بالكشف عن هذه التهديدات وستتم حماية هؤلاء النواب، ولن يكون هناك داعٍ لاتهامهم.
ولذا، دعونا نسأل عن أمر واحد: إن كان إحالة هذا الأمر للقضاء، وجعل البرلمان أكثر شفافية دليل على الديمقراطية، فلماذا يستاء الأوروبيون من هذا الأمر؟
فبعض الدول الأوروبية تستخدم وسائل وأساليب معروفة في التعامل مع حزب العمال الكردستاني تحت ذريعة “حقوق الأكراد"، هذه الدول تعلم جيدًا أن مثل هذه القرارات سوف تتعارض مع دعاية حزب العمال الكردستاني داخل البرلمان، وبالرغم من ذلك تسعى للوقوف ضدها بطريقة غريبة. وفي هذا الصدد، فالدور الأهم يقع على عاتق مجلس الوزراء الجديد في تركيا.
بن علي يلدرم - والذي تم اختياره رئيسًا للوزراء على إثر الاستقالة الطوعية لأحمد داوود أوغلو من منصبه - شخص كفء في العديد من النواحي مثلما كان سابقه داوود أوغلو، فالبيان الأول الذي أدلى به يلدرم عقب تنصيبه كرئيس وزراء كان عن القضاء على إرهاب حزب العمال الكردستاني على وجه الخصوص، وهو الأمر الذي جدد الأمل لدى الشعب التركي. فمن الجيد للشعب التركي ألا يتساهل يلدرم بخصوص الحرب على حزب العمال الكردستاني، كما ينبغي أن يُبلغ باقي الدول الأخرى عن الأسباب التي تُحتم شن تلك الحرب في الأيام القادمة. وكجواب ملائم لمشكلة حزب العمال الكردستاني والدول التي تُصر على اللعب على ورقة "الشعب الكُردي" فمن الواجب أن تُهيمن سياسة المودة، ومنح الامتيازات لإخواننا الأكراد في تركيا، فسيكون هذا الأمر وقبل كل شيء بمثابة ضرورة ومؤشر على أخوّتنا.
نتمنى لرئيس الوزراء الجديد بن علي يلدرم كل التوفيق والنجاح في منصبه.