كيف تُلهِم "ملالا" السورية بمستقبل أفضل؟
ucgen

كيف تُلهِم "ملالا" السورية بمستقبل أفضل؟

2240

لقد مرت خمس سنوات منذ بداية إحدى أبشع الحروب التي اندلعت في السنوات الأخيرة. دُمِرَت سوريا عبر الغارات الجوية المستمرة، البراميل المتفجرة والقتال المستمر الذي أدى بمواطنيها إلى النزوح لمناطق داخلية أخرى أو اللجوء إلى خارج البلاد. إنها الآن كتجويف على الخريطة لا يملك أي مظهر لدولة. كل ما تبقى هم الأطراف المتناحرة، المدن المدمرة والمواطنين العزل الذين لا يملكون مكانًا للهرب. قُتِل أكثر من 200000 في هذه الحرب، تبعًا لإحصائيات الأمم المتحدة، وشَكّل الأطفال والنساء جزءًا كبيرًا من الضحايا

بعد خمس سنوات، لا يبدو وكأن الصراع في طريقه للانتهاء، بل على العكس تتصاعد حدته. يمكن رؤية هذه الحرب كحرب بالوكالة بين قوى العالم، مما يعني مزيدًا من الدمار والرعب لمواطني سوريا الأبرياء. لقد كُتِبَ وقيل الكثير من الكلام عن الضحايا في سوريا، لكن على الرغم من ذلك فإن قليل هو ما تم تقديمه لمساعدة المظلومين الذين سحقتهم الحرب. بالإضافة إلى إن تغطية هذا القدر من الرعب في سوريا، أغفلت الجمع الذي دفع أكبر ثمن لهذه الحرب البشعة: نساء سوريا.

مما لا يثير الدهشة أن النساء كن أكثر الفئات التي تأثرت بالحرب. في الثلاث سنوات الماضية، رحل 2.8 مليون شخص عن سوريا، وشكلت النساء والأطفال أربعة من كل خمسة أشخاص رحلوا عن سوريا، وغالبًا إلى الدول المجاورة مثل تركيا، لبنان، الأردن، مصر والعراق. كما أعلنت الأمم المتحدة إن 145000 من الأسر السورية اللاجئة قادتها النساء، إذ إن الرجال في هذه الأسر إما مقتولين، جرحى أو أسرى. هؤلاء النساء العزل لم يواجهن فقط محنة فقد أحبتهن، بل كان عليهن أيضًا التفكير في عائلاتهن وكيفية العناية بهم. لم يعانين الفقر والجوع فقط، بل عانين أيضًا في معظم الأحوال من تهديد العنف الجنسي. (1)

على سبيل المثال في سوريا، تواجه النساء خطر الجرائم البشعة على أيدي قوات النظام. إذ أفادت التقارير بأن النساء يتعرضن للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري على أيدي النظام السوري. كما أنه ليس من النادر تعرض هؤلاء النساء للتعذيب في أماكن الاحتجاز من أجل الحصول على اعترافات، كما تتم ملاحقتهن عن قصد أحيانًا من أجل الضغط على شركائهن أو إخوتهن أو استخدامهن كدروع بشرية. (2) ويتم احتجاز النساء بدون تهم، وعادة ما يموت الكثير منهن نتيجة للتعذيب، الجوع أو الاختناق. (3) كما يشيع أيضًا الاعتداء الجنسي والذي يتم التعتيم عليه، كما يزداد العنف المنزلي.

على الرغم من كل ذلك، فقد تمتعت النساء بالقوة رغم الصعوبات المحيطة، وعملن على تحدي الصعوبات ومواكبة الظروف المتغيرة والعمل على حماية أنفسهن وأحبتهن.

إحدى الأمثلة هي موزون ذات السبعة عشر ربيعًا والتي تعيش مع أهلها في مخيم اللاجئين في الأردن، ورغم كونها مراهقة، إلا إنها أخذت على عاتقها حماية الفتيات الصغيرات في مجتمعها من الاستغلال، سوء المعاملة والحرمان من التعليم، حتى عُرِفَت في المجتمع الدولي بملالا السورية إطراءً على جهودها.

نساء سوريا اللاتي ساعدن في تنظيم المسيرات المناهضة للنظام قبيل الحرب الأهلية، يعملن على تركيز جهودهن في الجهود الإنسانية، دعم النساء والأطفال، والمساعدة في حصولهم على المساعدة الطبية المرجوة، حتى أُطلِق عليهن في بعض الحالات  "قادة الجهود الإنسانية". كما حملت النساء مسؤولية المدارس والأماكن التي يسكنها الكثير من اللاجئين، وعملن على تنظيم جهود التعليم الموجه للنساء. (4)

توضح هذه الشخصيات القوية أيضًا كيف على المرأة المسلمة الحقيقية أن تكون: قوية، مرنة ومُلهِمَة رغم الظروف، كمُحِبَة حقيقية لله كما يجدر بمن يستمد قوته من الله.

إن الوضع الحرج لنساء سوريا يجب أن يدفع العالم ليفتح قلبه وعينه على ما يحدث في هذه البقعة من العالم، ورغم أن العالم لطالما أعلن "أنه ما من مرة أخرى" بعد كل جريمة بشعة - تَذكّر الحرب العالمية الثانية، حرب البوسنة، دارفور ورواندا - فإن أمرًا أبشع يجري حاليًا تحت أعين الجميع.

ورغم احتفاظ السوريين بقوتهم وكرامتهم رغم كل الظروف، إلا إن واجبنا يحتم علينا أن نعاونهم للخروج من هذا الوضع الحرج. دعونا لا نضيع فرصتنا لإثبات التعاطف، الحب والكرامة. أما أولئك الذين يفشلون في مد يد العون، فعليهم إدراك قدر خيبة أملهم في أنفسهم حين تمر تلك الأيام ولا يعد أهل سوريا بحاجة للعون. كل الأمور التي كان يمكن فعلها إلا أنها لم تحدث ستغدو قادرة على إضعاف ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لذواتهم.

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo