هارون يحيى
أفاد التقرير الصادر عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن غرق ما يقارب 2850 لاجئ في مياه البحر، وذلك خلال الفترة من بداية عام 2015 وحتى الـ 15 من يونيو الحالي. وقد بدأ شهر يونيو الحالي بمأساة جديدة والتي تضمنت غرق أحد القوارب الذي كان يحمل على متنه 700 مهاجر من أولئك الذين فروا من مناطق الصراعات خشية الموت. ومع اقتراب نهاية شهر يونيو، نلاحظ أن أعداد الغرقى في مياه البحر تزداد بشكل مضطرد، والمثير للسخرية هنا أن يوم الـ 20 من يونيو هو اليوم العالمي للاجئين.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين الذين تمكنوا من الوصول إلى أوروبا - وذلك منذ مطلع هذا العام وحتى 4 يونيو الحالي - حوالي 206.200 شخص. علاوة على ذلك، فإن هناك واحدًا بين كل ثلاثة لاجئين ينتمي لفئة الأطفال. وعلى الرغم من كون الشروع في تلك الرحلة المبهمة والخطيرة هو أمر مخيف للغاية بالنسبة للأطفال، إلا أن الإحصائيات أظهرت لنا الصورة الحقيقية - والصادمة في الوقت نفسه - للواقع والتي فاقت ما كنا نتوقعه، فمن بين كل 10 أطفال هناك 9 أطفال أصبحوا بمفردهم بعيدًا عن ذويهم! وخلال الـ 5 أشهر الأولى من عام 2016، حاول ما يقرب من 7000 طفل الوصول لإيطاليا - عبر منطقة شمال أفريقيا - بدون أي نوع من أنواع الإشراف أو الرقابة. وعلى الرغم من صغر سنهم، فقد دفعت الظروف هؤلاء الأطفال الأيتام لخوض تلك الرحلة الغامضة بمفردهم. لذلك، فإن مسألة مواجهة هؤلاء الأطفال للمصاعب وتعرضهم للانتهاكات ليست بالأمر الغريب.
أشارت بعض التقارير الصادرة مؤخرًا عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، عن توافر أدلة قوية فيما يتعلق بحقيقة استهداف شبكات تهريب البشر الإجرامية، للحلقات الأضعف كالنساء والأطفال، ويشتمل التقرير أيضًا على مزاعم لبعض الأخصائيين الاجتماعيين الإيطاليين، والتي تشير إلى تعرض الفتيان والفتيات للاعتداءات الجنسية وإجبارهم على ممارسة البغاء أثناء تواجدهم في ليبيا، وأن بعض هؤلاء الفتيات كن بالفعل حوامل عند وصولهن إيطاليا، وذلك في أعقاب تعرضهن للاغتصاب في ليبيا.
يُقابل أي شكل من أشكال المقاومة من قبل هؤلاء الأطفال - المُهمَلين - لتلك المعاملة البغيضة بمزيد من القمع المخيف. يتحدث الطفل إيمامو، البالغ من العمر 16 عامًا، عن تلك الأمور الوحشية قائلًا "إن حاولت أن تهرب يطلقون النار عليك، وإن توقفت عن العمل يضربونك، تمامًا كتجارة العبيد".
لم يحالف الحظ جميع الأطفال القُصّر - الذين تمكنوا من الوصول لأوروبا بدون ذويهم - في مسألة إيجاد المأوى المناسب، فالملاجئ المؤقتة أو صالات الألعاب الرياضية ليست بالأماكن الآمنة لهؤلاء الأطفال الأبرياء. إن المسائل التي تتعلق بالتعليم والتأهيل النفسي للأطفال الذين فقدوا عائلاتهم أو منازلهم واضطرتهم الظروف للابتعاد عن أوطانهم، ليست على قائمة أولويات المعنيين باتخاذ القرارات، ويأتي في مقدمة كل ذلك الهجمات المعادية للأجانب وخطابات الكراهية التي يضطر هؤلاء اللاجئون للاستماع إليها جنبًا إلى جنب مع التهميش والوصمة الاجتماعية التي تجعل الحياة أكثر صعوبة عليهم.
إن المشكلة التي أمام أعيننا الآن ليست فقط في اللاجئين، بل مشكلة الجيل الضائع التي تصاحبها، هذا الجيل عليه أن يواجه الوجه غير الإنساني والأكثر قسوة في هذا العالم قبل أن يدخلوا مرحلة الطفولة.
في الوقت الذي تقوم فيه بعض الدول الأوروبية بإغلاق أبوابها أمام اللاجئين وتقوم بعض القرى السويسرية بالتخطيط لكيفية التخلص من هذا "العبء" من خلال دفع الضرائب بدلًا من استقبال خمسة لاجئين. هناك بعض الناس لا يريدون البقاء كمتفرجين على هذه المأساة، ومع ذلك لا يوجد أحد لديه القدرة على التعامل مع هذا القمع بمفرده، لذلك نحن في حاجة إلى الاتحاد سويًا.
إن أصحاب الضمائر اليقظة المُصممين على وضع نهاية لهذا القمع عليهم العمل سويًا كالكيان الواحد، سيكون هذا كافيًا لإنقاذ هذا الجيل الضائع حتى لو كانوا عددًا قليلًا، سيكون البشر الطيبون أكثر قوةً وتأثيرًا عند اتحادهم. لهذا السبب يتعين على البشر الطيبين التوقف فورًا عن الصراعات المُصطنعة وإرسال رسالة للعالم مفادها "نحن متحدون وضد الظلم". والدول الإسلامية - بشكل خاص - ليست لديهم أية عقبات في إرسال هذه الرسالة مع بعضهم البعض. إن القوة الكبيرة للعالم الإسلامي المُوحد ستقضي - بكل تأكيد - على طريقة التفكير التي تنظر للقمع – حتى للأطفال – باعتباره أمرًا نزيهًا ولهذا السبب يريدنا الله أن نفعل شيئًا.
المصادر
http://www.reuters.com/article/us-europe-migrants-children-idUSKCN0Z00XY
http://www.middleeasteye.net/news/nine-out-10-refugee-children-arrive-italy-their-own-un-1618833726