التفكر في الخصائص الموجودة في الكائنات الحية
ucgen

التفكر في الخصائص الموجودة في الكائنات الحية

2398
إن كل إنسان متفكر وصاحب عقل مُنصف يجد دلائل لا حصر ولا مثيل لهافي المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى فى البرّ والبحر وفي كل ركن من أركانالكون.
 
سبق أن كتبنا عن بديع صفات الله المتجلية في بعضالكائنات الحية التي أبدعها. وسنقوم هنا بالحديث حول بعض هذه الصفات والخصائصالموجودة فيها والتي لا مثيل لها.
 
ومن المخلوقات ذات الخصائص المثيرة الدب القطبي. كلنا نعرف أن الدبالقطبي يعيش في ظروف جوية قاسية، حيث تصل سرعة العواصف الثلجية أحيانا إلى ما بين120و140 كيلو مترًا فى الساعة. وهذه المناطق مغطاة بالثلوج طوال العام، إلا أنالله الرحيم الذي خلق هذه الحيوانات زوّدها بخصائص بحيث تستطيع أن تتحمل هذه الظروفالقاسية. فتحت جلد الدّب طبقة دهنية سمكها 10 سم، وهذه الطبقة كافية للمحافظة علىحرارة جسمه لأنها طبقة عازلة. ولهذا السبب أيضًا يستطيع الدّب القطبي أن يقطع مسافةألفي كيلو متر خلال 10 ساعات سباحة في الماء المتجمّد.
 
ولكن هناك سؤال يطرحُ نفسه، وهو كيف يحصل الدب القطبي على غذائه؟أساس طعام الدّب القطبي يتكون من عجل البحر، وتعيش هذه الحيوانات في الماء تحتالجليد والثلج، ولكن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة إلى الدب القطبي لأن حاسة الشم لديهقوية جدًا بحيث يستطيع أن يشمّ رائحتها بسهولة وهي تحت الجليد حتى ولو كان سمكالجليد مترًا ونصف المتر.
 
وبعض الحيوانات تنام في الطقس البارد، أيْ تدخل في سبات شتوي،ويتبين من خلال نومها هذا مدى تحمّلها وصبرها. ولكن كيف تستطيع هذه الحيوانات أنتقضي الشتاء دون أن تتجمد؟ لقد اكتشف الباحثون أن بعض الضفادع خلال سباتهاالشتوي تتكون في جسمها بلورات ثلجية.ومن هذه الضفادع التي يمكنها أن تعيش فى المناطق المتجمدة نجد "ضفدعة الشجر الرّمادي" و"ضفدعة الربيع" مثلاً، فعندما تدخل هذه الحيوانات فيسباتها الشتوي لا يمكن أن نرى فيها معالم الحياة مثل خفقان القلب والتنفس ودورانالدم، فالجليد يغطي جلدها وبطنها وألياف العضلات بحيث لو قمنا بقطع عرق لا نرى أيّأثر لنزيف دموي. ونلاحظ أنّ القلب وبقية أعضاء الجسم يكون لونها ذابل. ويكون الذراعوالأرجل في حالة تصلب، وتكون العيون في حالة ضبابية. وعندما تذوب الثلوج فإنّ أوّلبادرة للحياة تظهر في القلب إذ يبدأ في الخفقان من جديد، ثم تشرع في التنفس بشكلبطيء.
 
إنّ أهم خصائص ضفادع الأشجار أنها تقوم بإنتاج الكلوكوز (المادةالخضراء) بكثرة، والكلوكوز له دور مهم في أجسام الضفادع المتجمدة منها: أنه يمنعانسحاب الماء من خلايا الجسم، وبالتالي يمنع عملية التقلص (الانكماش). وهكذافالضفادع في حالة التجمد لا يلحق بها الضّرر.
ومن الحيوانات التي يمكنها أن تتحمل الظروف الصعبة والقاسية نجدالجمال، وفي القرآن الكريم ورد ذكر الإبل: "أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبلِكَيْفَ خُلِقَتْ" (سورة الغاشية: 17). فهذه الآية تلفت انتباهنا إلى الجمال وطبيعةتكوين أجسامها التي تتحمل أصعب ظروف الصحراء. فمثلاً هناك الجمال الهجينة التيتستطيع أن تبقى بدون ماء لفترة طويلة في الصحراء، وسبب ذلك ليس لأنّ السنام يحتويعلى الماء بل لأنه يعتبر مخزنًا للدهن.
 
فعندما تعطش الجمال فإن الدّهن الموجود فيها يتجزّأ ويتفتت مُكونًابذلك غاز الهيدروجين. وبواسطة عملية التنفس يأخذ الأوكسجين من الهواء، ومن اتحادهماداخل الجسم يتكون الماء. فتحوّل الدّهن إلى ماء يحتاج إلى مختبرات آلية ضمنشروطخاصة ومعينة لإتمام مثل هذه العملية. فالدّهن لا يتجزأ من تلقاء نفسه ليظهرالهيدروجين، فهذا الهيدروجين لا يمكن أن يتحد مع الأوكسجين لتكوين الماء إلاّ بوجودجهاز آليّ، وهذا النظام الخارق موجود في جسم الجمل.
 
إنّ من أهم شروط بقاء الجمال على قيد الحياة في الصحراء هو قدرتهاعلى الاقتصاد في الماء الموجود، وإحدى طرق الاقتصاد لديها تعتمد على عملية التنفسكما هو الأمر لدى الحيوانات التي تقضي معظم وقتها تحت الأرض. فالجو الذي تعيش فيههذه الحيوانات داخل بيوتها يكون جوّا رطبًا، وبهذه الطريقة تكون كمية الماء المفقودةمن الجسم قليلة.
 
إنّ الفأر الدمُسي (حيوان صغير أرجله طويلة وذيله مغطى بالشّعر) هوأحد الحيوانات التي تعيش في صحراء إفريقيا. وهو يستخدم جو هذه الرّطوبة بشكل جيد.فعندما ينام يضع في بيته حبوبًا جافةً، وعندما يستيقظ يقوم بأكل هذه الحبوب ليستعيضعن الجزء الذي فقده في خلال تنفسه في النّهار.
 
وهناك حيوانات أخرى تستطيع أن تتحمل الحرارة والجفاف بفضل الخصائصالتي تمتلكها، وكمثال على ذلك "ضفدعة الأرض"، فأرجلها شبيهة بالماجة، وهي تنام مدةالجفاف الممتدة 9 أشهر من السنة داخل حفرة تحفرها لنفسها وتستخدم فيها مادةجلاتينية من صنعها. وهناك نموذج آخر يتمثل في سلحفاة الصحراء التي تخزن الماء فيأكياس تحت درعها التي تحمله على ظهرها وتستخدمه في أيام الصيف الحارة.
ونجد كذلك الحلزونات و"الجمبري" (الروبيان)، وهي تضع بيضها في الماءالذي يتجمع إثر نزول المطر في الصحراء، وعادة ما يكون نزول هذه الأمطار نادرًا. وهذاالبيض له خصائص مهمة، وهي أنه لا يفقس إلا عندما ينزل المطر. ويستطيع أن يبقىهكذا في رمال الصحراء اليابسة لعدة سنوات دون أن يفقس إذا لم تكن هناك أمطار. ولولاهذه الخاصية في هذا البيض لانقرض نسلها. إلا أنّ الذي خلقها لم يجعل فيها نقصًا أوخللا.
 
والدلافين أيضًا من الحيوانات التي تملك خصائص نادرة. والخصائصالموجودة فيها تثير حيرة الإنسان، ومن هذه الخصائص سرعتها. لهذا السبب قامالعلماء بالبحث للتوصل إلى السبب، وقد لاحظوا أنّ سرعة انسياب الدلفين خلال الماءسرعة كبيرة جدًّا. ولمعرفة ذلك قام العلماء بإجراء تجارب وأبحاث علمية على جلدالدلفين فوجدوا أنّ جلد الدلفين يتكون من ثلاث طبقات؛ طبقة خارجية وتكون مرنةورقيقة، وطبقة داخلية وتكون سميكة وذات شعيرات بلاستكية شبيهة بالفرشاة. وتوجد أيضاقضبان مرنة، وأما الطبقة الوسطى فتتكون من طبقة تشبه الإسفنج. فالماء الذي يصطدمبالدلفين وهو يسبح بسرعة كبيرة يكوّن دوّامة ماء، وهذه الدوامة لها ضغط كبير علىجلد الدلفين فتقوم الطبقة الأولى من الجلد بنقل هذا الضغط إلى الطبقة الداخلية،وهناك يتمّ امتصاص هذا الضغط. وبذلك فإنّ الدّوامة تنتهي قبل أن تكبر. ولهذا السببفإن الدوامات لا تكون سببًا في قطع سرعة الدلفين أو الحدّ منها. وهنا يتضح لنا أنجلد الدّلفين مصمّم تصميمًا غير عاديّ.
 
وهناك دليل آخر على معجزة الخلق وهي البوم التي لها حاسة سمع دقيقةجداً، إذ توجد شعيرات تشبه الرّيش حول طرفي وجه البوم. وهذه الشعيرات تقوم بجمعالأمواج الصّوتية القادمة ثمّ ترسلها إلى الأذن. وفي الوقت نفسه تحمي هذه الشعيراتالأذن اليمنى من الأذن اليسرى.فالصوت القادم من الطّرف الأيمن بمقدار أكبر يدخل إلىالأذن اليمنى، والصوت القادم من الجهة اليسرى يدخل إلى الأذن اليسرى. وإلى جانب ذلكفإن الأذن ليس لها سمة محددة، وتكون إحداهما أعلى من الثانية. وبذلك فتعيين اتجاهالأصوات القادمة يكون قويًا جدّا بحيث تكون الأصوات التي تسمعها كأنما صوت قادم منجهاز استريو ضخم، ومنها تستطيع أن تحدّد المكان الذي صدرت منه دون أن ترى الجسم.وهي تساعدنا في أيام الثلج من خلال عثورها بسرعة على أماكن وجود الحيوانات.
 
إنّ جميع الكائنات التي نشاهدها في الطبيعة يختلف الواحد منها عنالآخر، ولكن كل واحد من هذه الكائنات الحية يملك نظامًا خاصًا به. وفي هذا المجالهناك مثال آخر: توجد في الطبيعة نباتات ذات بذور سامّة، وهي عامل مهم في حمايتها،ولكن هناك طيور تعرف كيفية التوقّي من التّسمم، ومنها طائر "الماكو" وهو نوع منأنواع الببغاء الموجودة في أمريكا. فهي خبيرة في البذور السامة. وهذا النوع منالببغاء يملك منقارًا قويّا جداً يستعمله في كسر أصلب البذور. وعندما تقوم هذهالببغاء بأكل أيّ نوع من أنواع البذور السامة تطير إلى الأماكن الصّخرية، وفي هذهالأماكن يوجد طين خزفيّ فتكسره وتمضغه. وهذا الطين الخزفي يعمل على امتصاص السمّالموجود في البذور وتبقى المواد الغذائية التي تصلح طعامًا للببغاء.
 
ومن الأمثلة الأخرى "حشرة النار" التي تعد أية من آيات قدرة الخالقعزّ وجلّ لما فيها من التقنية البارعة. فلو أخذنا مصباحًا كهربائيًا فإن الطّاقةالداخلة إليه تتحول منها نسبة 3-4% إلى ضوء، وفي مصباح الفلورسنت فمن الطاقةالداخلة تتحول نسبة 10% إلى ضوء بينما القسم الباقي من هذه الطاقة يتحول إلى حرارة.فهذه خسارة كبيرة جداً في الإنتاج. والإنتاج المثالي هو أن تتحول الطاقة إلى ضوءبنسبة 100%، ولكن المهندسين الذين يعملون في هذا المجال لم ينجحوا في تحقيق هذهالغاية. هذا، في حين أنّ حشرة صغيرة تستطيع أن تنجز ما لم يستطيع المهندسون إنجازه.ففي منطقة البطن من هذه الحشرة يوجد عضو الإنارة، وهذا العضو يتكون من أجزاء قريبةمن بعضها البعض، وهناك مادتان كيمياويتان لهما دور أساسي في توليد الضوء وهمالوسفين وإسوفين. فعند امتزاج هاتين المادتين ببعضهما البعض لا يتكون الضوء، بليتكون بمساعدة الأوكسجين من خلال عملية التنفس. ولهذا السبب نرى جهازها التنفسييأخذ حيزًا كبيًرا. وبعد عدة عمليات متعاقبة تستطيع هذه الحشرة أن ترسل الضّوء لمدةثلاث ساعات.
 
هذه الكائنات الحية التي ذكرناها هي مجرد أمثلة على الكائنات الحيةالمخلوقة التي لا حصر لها والتي خلقها الله سبحانه وتعالى، والمدهش فيها أنها خُلقتبحيث تلائم الوسط الذي تعيش فيه، وتستطيع أن تواصل نسلها وتحصل على رزقها.
 
فالذي أبدع هذه المخلوقات هو الله الرّحمن الرّؤوف الذي لم يَحرمْأيًّا من مخلوقاته من رحماته ونعمه. وكل واحدٍ من هذه المخلوقات يعد آيةً للمؤمنين:(إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْوَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (سورة الجاثية 3-4).
يشارك
logo
logo
logo
logo
logo
التحميلات