مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬تثير‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬فلوريدا‭ ‬ناقوس‭ ‬الإنذار‭ ‬وتحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬وتفكير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬لتطرح‭ ‬السؤال‭ ‬الملح،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة؟‭ ‬هل‭ ‬يعود‭ ‬ذلك‭ ‬لسهولة‭ ‬اقتناء‭ ‬الأسلحة‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬البيع؟‭ ‬أم‭ ‬السبب‭ ‬يعود‭ ‬للأمراض‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬مستخدمي‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬الفجوات‭ ‬الكامنة‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تملكها‭ ‬أجهزة‭ ‬الشرطة؟‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬أكثر‭ ‬عمقا،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬حوادث‭ ‬مماثلة‭ ‬أصبحت‭ ‬تقع‭ ‬بوتيرة‭ ‬جنونية‭. ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬الكراهية‭ ‬والتمجيد‭ ‬المهول‭ ‬الذي‭ ‬تغدق‭ ‬به‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬أعمال‭  ‬العنف؟

‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تضافر‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬وراء‭ ‬اقتراف‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الوحشية،‭ ‬ومن‭ ‬شأن‭ ‬دراسة‭ ‬كل‭ ‬عامل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬وسيلة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬للمعضلة،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬نقطة‭ ‬حاسمة‭ ‬تمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظها‭ ‬أحدٌ‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأوقات‭: ‬قضايا‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬تظل‭ ‬عالقة‭ ‬بدون‭ ‬حل‭. ‬يمكن‭ ‬رصد‭ ‬آثار‭ ‬هذه‭ ‬النزعة‭ ‬المزعجة‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬مسارح‭ ‬الأحداث،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬السلمية‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬التي‭ ‬تتحول‭ ‬فجأة‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬عنف،‭ ‬وفي‭ ‬المدارس‭ ‬حيث‭ ‬ينفجر‭ ‬غضب‭ ‬المراهقين‭ ‬فجأة‭ ‬لمجرد‭ ‬شعورهم‭ ‬بأن‭ ‬شخصا‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬نظر‭ ‬إليهم‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬لائقة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ممر‭ ‬بأحد‭ ‬متاجر‭ ‬البقالة‭. ‬ما‭ ‬السبب‭ ‬إذن‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الموجات‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬الشديد؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الشخص‭ ‬يفقد‭ ‬صوابه‭ ‬ويرتكب‭ ‬عملًا‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف؟‭ ‬إن‭ ‬سلوكيات‭ ‬منفذي‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات،‭ ‬تناقض‭ ‬تماما‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الأخلاق‭ ‬الحميدة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاطف‭ ‬والرحمة‭. ‬إن‭ ‬مرتكبي‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬وكأنه‭ ‬ساحة‭ ‬قتال‭ ‬دموية،‭ ‬تفرض‭ ‬عليهم‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬الغاشمة‭ ‬والوحشية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬يتحولون‭ ‬إلى‭ ‬قتلة‭ ‬أشرار‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تعرضوا‭ ‬له‭ ‬طيلة‭ ‬سنين‭ ‬من‭ ‬تلقينٍ‭ ‬للأيديولوجية‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬أخلاق‭ ‬الناس‭ ‬وانتزعت‭ ‬من‭ ‬نفوسهم‭ ‬بهجة‭ ‬الحياة،‭ ‬وقد‭ ‬شجعتهم‭ ‬هذه‭ ‬المادية‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬روح‭ ‬الأنانية‭ ‬والجشع‭ ‬وعلمتهم‭ ‬الحرص‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحهم‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الآخرين،‭ ‬وأبْعدتهم‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الفضائل‭ ‬الأخلاقية‭ ‬الجميلة‭ ‬مثل‭ ‬المحبة‭ ‬والحنان‭ ‬والمغفرة‭ ‬والتفاهم،‭ ‬وجعلتهم‭ ‬يشعرون‭ ‬بأنهم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬مواجهة‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أحد‭ ‬يمكنهم‭ ‬الوثوق‭ ‬فيه،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يشكل‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم،‭ ‬ساحة‭ ‬لكفاح‭ ‬وقتال‭ ‬مستمرين‭.‬‭ ‬عندما‭ ‬ينشأ‭ ‬شخصٌ‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل،‭ ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬تصديقها،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬يترجم‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬عمليا‭ ‬إلى‭ ‬غضب؟‭  ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نُفاجأ‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬التلقين‭ ‬المادي‭ ‬والثقافة‭ ‬المتولد‭ ‬عنه،‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬العالم‭ ‬هذه‭ ‬الموجات‭ ‬الرهيبة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬الغاضب‭. ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬غضب‭ ‬أهوج‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد‭ ‬مروعة‭. ‬من‭ ‬السهل‭ ‬جدا‭ ‬إثارة‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬بعملية‭ ‬مناوشة‭ ‬واحدة‭ ‬كفيلة‭ ‬بأن‭ ‬تدفع‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬نحو‭ ‬حركات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬العداء،‭ ‬يمكننا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬في‭ ‬إنجلترا‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬شارك‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الشغب‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬إنجلترا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لندن،‭ ‬ارتكبوا‭ ‬خلالها‭ ‬أعمال‭ ‬تخريب‭ ‬ونهب‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق،‭ ‬أسفرت‭ ‬هذه‭ ‬الموجة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬خمسة‭ ‬أشخاص،‭ ‬ونتذكر‭ ‬أيضا‭ ‬كيف‭ ‬تحولت‭ ‬احتجاجات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬أهلية‭ ‬مروعة‭. ‬وحتى‭ ‬الإرهاب‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬للشعور‭ ‬بالغضب‭. ‬يُشكل‭ ‬الغضب،‭ ‬وفقا‭ ‬لأحد‭ ‬علماء‭ ‬الأعصاب‭ ‬الذين‭ ‬درسوا‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬أعمال‭ ‬العنف،‭ ‬السبب‭ ‬العميق‭ ‬للإرهاب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬عنصر‭ ‬آخر‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬مشكلة‭ ‬خطيرة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإقرار‭ ‬بها‭ ‬ومعالجتها‭ ‬على‭ ‬الفور‭. ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬نزع‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الأمراض‭ ‬العقلية،‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬العنف،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬فلوريدا‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬نادرا‭ ‬ما‭ ‬ترتكب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أشخاص‭ ‬مختلين‭ ‬عقليا،‭ ‬والمحزن‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬المرضى‭ ‬العقليين‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬عرضة‭ ‬ليكونوا‭ ‬ضحايا‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬أكثر‭ ‬منهم‭ ‬جناة‭. ‬وجاء‭ ‬وفقا‭ ‬للخبراء‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬لخدمات‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬وتعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬‮«‬إن‭ ‬نسبة‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬المرتكبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬عقلي‭ ‬ضئيلة‭ ‬بحيث‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬معالجتها‭ ‬تماما‭ ‬بطريقة‭ ‬من‭ ‬الطرق،‭ ‬ستظل‭ ‬95٪‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬قائمة‮»‬،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬الأمراض‭ ‬لن‭ ‬يضع‭ ‬حدا‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭. ‬ثمة‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬تطفو‭ ‬إلى‭ ‬السطح،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬سهولة‭ ‬بيع‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬المشكلة‭ ‬وصب‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬التشريعات‭ ‬لا‭ ‬يحل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬لأنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الأسلحة‭ ‬،‭ ‬سيظل‭ ‬بإمكان‭ ‬المجرمين‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭. ‬هناك‭ ‬حلولٌ‭ ‬فعلا،‭ ‬حلول‭ ‬سريعة‭ ‬وقصيرة‭ ‬الأجل‭ ‬مثل‭ ‬تقييد‭ ‬عدد‭ ‬الذخائر‭ ‬أو‭ ‬تعيين‭ ‬ضباط‭ ‬شرطة‭ ‬يرتدون‭ ‬ملابس‭ ‬مدنية‭ ‬للقيام‭ ‬بدوريات‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المزدحمة،‭ ‬ويمكن‭ ‬أيضا‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬المراقبة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬الأفراد‭ ‬المضطربين‭ ‬الذين‭ ‬يهددون‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولديهم‭ ‬احتمال‭ ‬كبير‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬عنيفة،‭ ‬ويمكن‭ ‬التدخل‭ ‬لإبطال‭ ‬أعمالهم‭ ‬الإجرامية،‭ ‬لكن‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬لن‭ ‬تشكل‭ ‬حلولا‭ ‬حقيقية‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تحل‭ ‬المشكلة‭ ‬برمتها،‭ ‬لأنه‭ ‬عندما‭ ‬يقرر‭ ‬شخصٌ‭ ‬ما‭ ‬استخدام‭ ‬العنف،‭ ‬فلن‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بندقية،‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬منع‭ ‬فورة‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يرتكبون‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭. ‬وبالتالي،‭ ‬بعد‭ ‬سرد‭ ‬عينة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحلول‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى،‭ ‬دعونا‭ ‬نقوم‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬ويكون‭ ‬أكثر‭ ‬فائدة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬لقد‭ ‬تسببت‭ ‬الثقافة‭ ‬المادية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استمرار‭ ‬تمجيد‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان،‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مشاعر‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاطف‭ ‬التي‭ ‬حثت‭ ‬عليها‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭. ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬تأسيس‭ ‬ثقافة‭ ‬الحب‭ ‬ونعيد‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬إلى‭ ‬عالمنا‭. ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المسيحيون‭ ‬أكثر‭ ‬تقى،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اليهود‭ ‬أكثر‭ ‬تدينًا‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يلتزم‭ ‬المسلمون‭ ‬بالقرآن‭. ‬ويُعتبر‭ ‬‮«‬السلام‮»‬‭ ‬أول‭ ‬وأهم‭ ‬دعوة‭ ‬موجهة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬للبشرية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأديان‭ ‬التي‭ ‬ترشد‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬المحبة‭ ‬والتعاطف‭ ‬والثقة‭ ‬والمغفرة‭ ‬والإيثار‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬خلقه‭. ‬وهكذا،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المسيحيين‭ ‬والمسلمين‭ ‬واليهود‭ ‬أن‭ ‬يتذكروا‭ ‬الكلمات‭ ‬الجميلة‭ ‬في‭ ‬كتبهم‭ ‬المقدسة‭: ‬‮«‬لاَ‭ ‬تُسْرِعْ‭ ‬بِرُوحِكَ‭ ‬إِلَى‭ ‬الْغَضَبِ،‭ ‬لأَنَّ‭ ‬الْغَضَبَ‭ ‬يَسْتَقِرُّ‭ ‬فِي‭ ‬حِضْنِ‭ ‬الْجُهَّالِ‮»‬‭. (‬سفر‭ ‬الجامعة‭).‬

‮«‬انْزِعُوا‭ ‬عَنْكُمْ‭ ‬كُلَّ‭ ‬حِقْدٍ‭ ‬وَنَقْمَةٍ‭ ‬وَغَضَبٍ‭ ‬وَصَخَبٍ‭ ‬وَسُبَابٍ‭ ‬وَكَلَّ‭ ‬شَرٍّ‭. ‬32‭ ‬وَكُونُوا‭ ‬لُطَفَاءَ‭ ‬بَعْضُكُمْ‭ ‬نَحْوَ‭ ‬بَعْضٍ،‭ ‬شَفُوقِينَ،‭ ‬مُسَامِحِينَ‭ ‬بَعْضُكُمْ‭ ‬بَعْضاً‭ ‬كَمَا‭ ‬سَامَحَكُمُ‭ ‬اللهُ‭ ‬فِي‭ ‬الْمَسِيحِ‮»‬‭. (‬اﻓﺴﺲ‭ ‬4:31-32‭).‬

‭ ‬‮«‬الَّذِينَ‭ ‬يُنفِقُونَ‭ ‬فِي‭ ‬السَّرَّاءِ‭ ‬وَالضَّرَّاءِ‭ ‬وَالْكَاظِمِينَ‭ ‬الْغَيْظَ‭ ‬وَالْعَافِينَ‭ ‬عَنِ‭ ‬النَّاسِ‭  ‬وَاللَّهُ‭ ‬يُحِبُّ‭ ‬الْمُحْسِنِينَ‮»‬‭ (‬الآية‭ ‬134‭ ‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران‭). ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التدابير‭ ‬التقنية،‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تثقيف‭ ‬الجمهور‭ ‬بأخلاق‭ ‬الدين،‭ ‬ويمكن‭ ‬للمنظمات‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بدورٍ‭ ‬أساسيٍ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬الكبير‭. ‬وفقط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬حملة‭ ‬شاملة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬إثارة‭ ‬المشاعر‭ ‬السلبية‭ ‬من‭ ‬الكراهية‭ ‬والانتقام،‭ ‬يمكننا‭ ‬إنقاذ‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬المزاعم‭ ‬الخاطئة‭ ‬للمادية‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬حياتهم‭ ‬بلا‭ ‬معنى‭. ‬إن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الفضائل‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬الدين،‭ ‬وتعزيزها،‭ ‬سيسهم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬الغضب‭ ‬الجامح‭.  ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فائزون‭ ‬في‭ ‬ثقافة‭ ‬الكراهية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تبذل‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الظروف‭ ‬المناسبة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وتحسينها‭ ‬وتسليم‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬حال‭ ‬إلى‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬فقد‭ ‬أظهرت‭ ‬لنا‭ ‬مئات‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬عواقب‭ ‬تجاهل‭ ‬العالم‭ ‬الروحي،‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬الواعي‭ ‬والذكي،‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬وعندئذ‭ ‬فقط‭ ‬سيكون‭ ‬عالمنا‭ ‬مكانًا‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬لينعم‭ ‬فيه‭ ‬الجميع

https://www.azzaman.com/?p=230563