لماذا تعترض تركيا على استفتاء كردستان العراق ؟
ucgen

لماذا تعترض تركيا على استفتاء كردستان العراق ؟

2076

أثار استفتاء كردستان العراق ردود فعلٍ من العديد من البلدان، لا سيما من قِبل الحكومة العراقية، وكانت تركيا من بين البلدان التي ردت على ذلك الاستفتاء بقوة، ولكن ما هو السبب الذي جعل تركيا، الشريك التجاري الرئيسي للإدارة العراقية الكردية ذات الحكم الذاتي، وأحد الأطراف المؤيدة منذ زمن بعيد لحكومة بارزاني، ترد بقوة في اعتراضها على إدارة بارزاني عندما تعلق الأمر بالاستقلال ؟.

قبل الإجابة عن سبب ذلك الرد القوي من تركيا، من المفيد أن نذكر النقاط التي لا علاقة لها بهذا الرد وأولها، لم يكن مسعود بارزاني بالتأكيد هو السبب في ذلك الرد، وقد اعتُبِر بارزاني، المعروف بموقفه الصادق، قائدًا صديقًا، وكانت تركيا أول من اعترفت رسميًا بالحكومة الإقليمية الكردية تحت قيادة بارزاني، وكان أول وزير للشؤون الخارجية يزور أربيل من تركيا، وكانت السفارة التركية أول سفارة يتم افتتاحها في المنطقة، ويتم الجزء الأكبر من تجارة شمال العراق مع تركيا. ومن خلال شخصيته الدينية التي لا توفر للشيوعيين أي مجال للمناورة، فقد كان بارزاني دائماً محل ثقة الحكومة التركية، ولا زال الحال بالنسبة لبارزاني كما هو، ومن ثم، فبارزاني نفسه ليس هو الإشكالية فيما يخص الاستفتاء.

ما هي المشكلة إذًا ؟ المشكلة هي الظروف السائدة في الشرق الأوسط، ولذلك إن المساس بسلامة البلد الإقليمية وتقسيمه إلى دول مستقلة، يرقى إلى انتحار بأتم معنى الكلمة.

تَحَوُل منطقة الشرق الأوسط إلى حمام دماء، وظهور جماعات إرهابية لا تُعَد ولا تحصى، لا سيما في العراق، ترتكب هجماتها الدموية التي لا نهاية لها، هو نتيجة لسياسة الانفصال، لأن شرقًا أوسطاً مقسماً، قد شجع وأدى إلى إنشاء دول ضعيفة، وهذا بدوره أدى إلى تعبيد الطريق وتكريس حصون آمنة تنشط فيها الجماعات الإرهابية. وفي بلد تعيش فيه مجموعات عرقية متعددة مثلما هو الوضع في العراق، سيؤدي المزيد من الانفصال، إلى مزيد من الصراعات الإثنية والإرهابية. وليس مستبعدًا تعميق الهوة بين العرب والأكراد والتركمان والشيعة، وزيادة حدة النزاعات، مما سيفضي إلى ظهور مناطق جديدة من الصراع على غرار ما يجري في سوريا.

وستكون المنظمة الإرهابية لحزب العمال الكردستاني أكثر المستفيدين من دولة كردستان المستقلة، ومستفيدة من جو الصراع الذي سيتمخض عن حالة الاستقلال.

وعلى الرغم من أن بارزاني معادٍ لحزب العمال الكردستاني، إلا أنه يظل عاجزًا عن مواجهته، وفي حال محاولة الحزب القيام بانقلاب أو محاولة اغتيال ضده، سيجد يديه مقيدتين، وغير قادر على حماية نفسه أو شعبه.

وفي حال تعرضه لانقلاب يطيح بالنظام، سيعاني الشعب الكردي البريء في المنطقة من استبداد رهيب تحت سيطرة حزب العمال وإذا نجح الحزب في تأسيس دولة في المنطقة، سينفذ مجزرة واسعة النطاق لا ترحم أحداً، وتشمل جميع العرقيين في المنطقة، وسوف يضطرون لقتال بعضهم البعض، ولذلك، فإن اعتراض تركيا على الاستفتاء يهدف إلى حماية بارزاني وشعبه.

علاوة على ذلك، أعلن حزب العمال الكردستاني أنه سيجري استفتاءً على الاستقلال في الأماكن التي احتلها في يناير 2018، ومن الواضح تماماً أن أي استفتاء سيجري في الأراضي الواقعة تحت حكم حزب العمال الكردستاني لن يكون ديمقراطياً. ولم يَعُد سراً أيضاً أن الحزب مسلحٌ في سوريا من قبل أمريكا بأحدث الأسلحة. ومن الواضح أن هذه المنظمة الإرهابية تخطو خطوات على درب الدكتاتورية الستالينية التي ستنشئها، وهي تتمتع بشعور الثقة التي تستمدها من حصولها على الأسلحة التي تطلبها، وتلقيها الدعم الذي تتوقعه، وتكرس سيطرتها على الأراضي التي ستصادرها.

إننا نعتبر الشعب الكردي رفيق الدرب، الذي شاركنا معه هذه الأراضي على مدى ألف سنة، صديقاً لا غنى لنا عنه، وهم إخواننا وأخواتنا، وكل الذين يحاولون تفسير وإظهار الموقف السلبي من الاستفتاء، باعتباره موقفاً مناهضاً للأكراد، ليسوا إلا مجموعات ماكرة، تسعى إلى زرع بذور الشقاق بين شعوبنا. لقد وُجِد الأكراد في هذه الأراضي وسيظلون فيها إلى الأبد، إن وجودهم وحريتهم ورعايتهم محل حمايتنا.

وبهذا المعنى، فإن التحالف في الشرق الأوسط أمرٌ ضروريٌ، وهذه هي الطريقة الوحيدة الأكثر فاعلية لحماية إخواننا وأخواتنا الأكراد.

http://www.raya.com/news/pages/c67c9282-a8e8-4f21-a5e0-b8bd8c74771c

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo