وقّع الرئيس ترامب عدة أوامر تنفيذية عقب مراسم تنصيبه، كانت إحداها هي تعليق العمل بالفيزا مع سبع دول إسلامية، وأصبح هذا التقييد أحد أكثر الأوامر التنفيذية المُنتَقَدَة والمتنازع عليها.
من الأفضل مراجعة خطابات الرئيس ترامب أثناء حملته الرئاسية، من أجل تقييم هذه الخطوة من وجهة نظره. بوضع التهديد العالمي للإرهاب في الاعتبار، نجد أنَّه يأخذ بعض الخطوات الصعبة المتعلقة بمحاربة الإرهاب، لكن أثارت قراراته ردود فعل غاضبة داخل الولايات المتحدة وخارجها على حد سواء.
ربما لا يُريد التراجع عن وعوده التي قدَّمها خلال حملته، لكنَّه يحتاج أن يضع في اعتباره الانتقادات والآراء المعتدلة لضحايا هذا الفعل. لا يعني التراجع إلى حد ما عن هذه الأوامر، أنَّه لا يفي بوعوده، بل على العكس، ستحوز هذه الخطوة على ثقة الأمريكيين جنبًا إلى جنب مع المسلمين المتأثرين بشكل كبير بهذه القرارات.
ومع تصاعد أعمال الشغب أيضًا، أصدر ترامب بيانًا يُعلن فيه أنَّ هذا ليس حظرًا للمسلمين، بل تقييدًا مؤقتًا على الانتقال، وألقى باللوم على الإعلام لنشره أخباراً كاذبة. وأشار أيضًا إلى تعاطفه مع هؤلاء المتضررين من الحرب الأهلية في سوريا: "أكنُّ مشاعر غامرة للأشخاص المتورطين في هذه الكارثة الإنسانية المروعة في سوريا. أولويتي الأولى ستكون دائمًا حماية وخدمة بلدنا، لكن كرئيس، سأجد سبلًا لمساعدة كل من يُعانون".
على الرغم من إصداره تصريحات تُدافع عن قراره، إلا أنَّ مدة تأجيل الدخول طويلة بشكل بالغ أكثر من أن ينتظرها شخص منتظرًا صدور قرار نهائي يخص تعديل الإجراءات. يجب عليه قصر الحظر على 15-20 يومًا كحد أقصى، وعلاوة على ذلك، يمكن تخفيض تهديد الإرهاب من خلال عملية تدقيق أكثر صرامة منظمة جيدًا.
بينما يوجد وقف مؤقت لمراجعة شؤون اللاجئين، هناك حظر نهائي للاجئين السوريين في نطاق هذا الأمر التنفيذي، لهذا يجب إعادة تقييم هذا القرار، نظرًا لأنَّ اللاجئين يمرون بالفعل عبر فحص صارم من الأطباء، وعلماء النفس، وضباط الشرطة، قبل دخول البلاد. لذا يُمكن لهؤلاء المسؤولين تحديد ما إذا كان سعي السوريين للّجوء مرتبطاً بالمنظمات الإرهابية من عدمه.
صرحت آن ريتشارد، وهي مسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأمريكية، في شهادة أثناء جلسة استماع للجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ في نوفمبر- تشرين الثاني عام 2015، أنَّ أي لاجئ سوري يتم فحصه من خلال مسؤولين في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الخارجية، والبنتاجون. من الجدير بالذكر أنَّ عملية التحقيق للّاجئين الذين يتعرضون لأقصى تدقيق تستغرق عامين أو أكثر من أجل إتمامها.
هذا الحظر المؤقت، أو بناء الجدران ليس طريقة فعّالة لمكافحة الإرهاب، هناك هؤلاء الذين يحبون الأمريكيين ويحترمون معتقداتهم من بين المسلمين، وما ينتظره العالم من الأمريكيين هو اتخاذ خطوات راشدة أثناء أخذ الاحتياطات لمواجهة الإرهاب. عندما نضع في اعتبارنا إحصاءات الإرهاب في الولايات المتحدة، نجد أنَّ الهجمات المرتبطة بالمهاجرين شديدة الندرة.
بالإضافة إلى هذا، طبقًا للبيانات التي وضعها معهد كاتو بين عامي 1975، و2015، لم تكن هناك أي حالات وفاة بين أمريكيين على أراضي الولايات المتحدة ارتكبها أي إرهابيين أجانب من السبع دول الإسلامية الموجودة في قائمة الأمر التنفيذي. أعتقد أنَّه من الضروري ذكر أنَّ هناك 3.3 مليون مسلم في الولايات المتحدة الأمريكية، وهم ينتمون في الغالب إلى الطبقة الوسطى، ويحظون بتعليم جيد، ويندمجون كجزء من المجتمع الأمريكي، ويشغلون مناصب في نطاق واسع من الوظائف، مدرسين جامعيين، وضباط، وأطباء، وسياسيين، وهكذا دواليك. طبقًا للبنتاجون، اعتبارًا من 2012 كان هناك 3600 مسلم في الخدمة في الجيش الأمريكي.
بدلًا من اتخاذ مثل هذه الإجراءات الصارمة، يمكن لإدارة الولايات المتحدة أن تصبح أكثر فاعلية في محاربة الإرهاب، عن طريق التركيز على سببها الرئيسي، وهو العقيدة. بالتوافق مع هذا الهدف، يجب تأسيس حملة فكرية بشكل عاجل من خلال تحالف بين الإدارة الأمريكية، والمسلمين الصادقين. يجب على الولايات المتحدة التعاون مع القادة الدينيين المسلمين، والأكاديميين، ومع هؤلاء المؤمنين بصلاح الإنسانية، ممن يستطيعون دحض العقيدة الخاطئة للإرهاب. سيُفيد مثل هذا الحلف منظمات ترامب، وسيقضي على الخطر العالمي للإرهاب.
http://www.raya.com/news/pages/3dbe9623-ce20-467c-bfdd-74755cc8620d