تشعب مد اللاجئين بشكل رئيسي - إلى جميع أنحاء العالم - من بلدان الشرق الأوسط حيث يحاول مئات الآلاف من البشر الفرار من الحروب الأهلية وعمليات القتل، والمخاطرة بحياتهم من أجل عبور البحر المتوسط وبحر إيجه بحثًا عن ملجأ لهم في أوروبا.
وعندما ارتفع عدد الأشخاص الذين يحاولون الوصول لأوروبا عن طريق البحر، اعتبارًا من يونيو 2015 وتزامنًا مع ظهور تلك التقارير التي تُوضح كم الأرواح التي تُفقد أثناء هذه المحاولات.
وقد تمثلت تلك النتائج التي خلُص إليها المجلس الأوروبي - وبشكل مختصر - في الآتى: تشييد جدار قوي حول منطقة الشنجن وذلك لضمان أن العدد الأكبر من اللاجئين سيتم إيواؤهم عن طريق إعطاء المساعدات المالية للدول المجاورة مثل تركيا وتصعيب الطريق على اللاجئين الذين يحاولون الوصول لأوروبا عن طريق تشجيع تلك التدابير الأمنية الخاصة على طول الحدود القومية.
مع ذلك، وبدلًا من حل هذه المشاكل على أرض الواقع، فإن المقصد الواضح من وراء هذه التدابير والتي اتُخذت في ضوء العديد من المخاوف الأمنية – والمعروفة بخطة العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا – هو محاولة السيطرة على على سلسلة الأضرار التي لحقت بالاتحاد الأوروبي. وطبقًا للتقارير الصادرة عن رويترز، فإن هذه الخطة – والتي تعتمد بشكل أساسي على " إقناع اللاجئين السوريين بالبقاء في تركيا وإقامة نقاط للتفتيش والمراقبة لمنع تواتر هؤلاء اللاجئين الراغبين في الدخول إلى أوروبا بطرق غير مشروعة – تتضمن إعطاء تركيا مبلغ 3 مليار يورو كمساعدات مالية.
وفي الوقت الذي تُوضع فيه مثل هذه الخطط – طبقًا لتوصيات المفوضية الأوروبية وبغض النظر عن حصص المهاجرين المتزايدة – فإن هناك محاولات من بعض الدول لخفض حصتها من أعداد المهاجرين المتواجدين حاليًا وذلك استنادًا للتبريرات الأمنية التي أعقبت هجمات باريس.
ترفض العديد من دول الاتحاد الأوروبي – بريطانيا وفرنسا ودول أوروبا الشرقية على وجه الخصوص – الإصغاء لدعوات المفوضية الأوروبية بشأن "التوزيع العادل للاجئين بين جميع الدول الأعضاء في الاتحاد" وذلك في إشارة منها إلى ما تنص عليه اتفاقية دبلن، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا - من قبل هذه الدول الرافضة - لروح التضامن التي يمتاز بها الاتحاد الأوروبي.
تنظم هذه المعاهدة موضوع اللاجئين بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، فهي تفرض شرط أن "اللاجئ يجب عليه التقدم بطلب للحصول على حق اللجوء في أول بلدٍ يصل إليه من بين دول الاتحاد الأوروبي، أيا كان البلد".
تتجه ألمانيا حالياً نحو تشديد سياستها تجاه المهاجرين، وهى فى ذلك تسير على نهج فنلندا والسويد بعد الإعلان عن نيتهم فى ترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين فى مُحاولاتٍ منهم لإحتواء أزمة اللاجئين. أعلنت النمسا أيضاً عن أن عدد طلبات اللجوء الذى سيتم قبولها سيقتصر فقط على ما نسبته 1.5 % من تعداد سكان النمسا، وذلك بجانب القرار الذى تدرسه النمسا حالياً بتشديد الرقابة على الحدود للحد من تدفق اللاجئين لداخل البلاد. أصبح من سُلطة الشرطة فى الدنمارك، وسويسرا، وجنوب ألمانيا مصادرة أموال اللاجئين إذا ما تجاوزت حداً معيناً وهو ما يُزيد من معاناة المهاجرين التى أصبحت واضحة للعيان.
الخطة المطلوب دخولها حيز التنفيذ فيما يتعلق بأزمة اللاجئين يجب أن تتضمن جانبين في غاية الأهمية، فالمرحلة الأولى يجب أن تنطوي على توفير مجموعة متنوعة من الخدمات لهؤلاء اللاجئين وذلك لكي تُلبي احتياجاتهم الإنسانية من إقامة، وغذاء، وتسجيل، وتسريع تكيفهم من البلدان المستضيفة لهم وذلك في أقصر وقت ممكن، ومن ثم ستكون هناك إمكانية لدمجهم في الحياة المهنية وأن يتم معاملتهم معاملة العاملين بالأجر وذلك كي يساهموا في بناء اقتصاد البلدان التي تستضيفهم. يجب أن تتضمن المرحلة الثانية من هذه الخطة وضع حد لتلك الحروب الأهلية والصراعات في الأوطان الأم لهؤلاء اللاجئين - الذين يتم إرغامهم على الفرار من بلدانهم - مما سيتيح لهم العيش بشكل آمن وإقامة حياة مزدهرة لهم في أوطانهم، ويمكن القول بأن السبيل لجعل هذا الأمر ممكنًا ليس من خلال اتخاذ بعض التدابير الفنية وإنما عن طريق إعادة تعميق أواصر المحبة التي سُلبت من قلوب البشر.
http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?n=19058518-4A75- 4BE4-B86A-6EEBE229B62E&d= 20160203&writer=0