الله سخي في كرمه على الذين هم كرماء في هذه الحياة. يبشر الله عبادهالمخلصين الخير في الدارين. الذين يبذلون قصارى جهدهم لنيل استحسانه و الذين يخشونه و يقدرونه حق قدره و يطيعون القران قدر استطاعتهم في هذه الدنيا سيمجدون بنعم كالتي في الجنة.
يصرح القران أن الذين يعملون الصالحات ينعمون بمنن عدة.(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)سورة النحل, الاية97
(و قيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة و لدار الاخرة خير و لنعم دار المتقين).سورة النحل, آية . 30
(إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا و لم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه و هداه إلى صراط مستقيمو أتيناه في الدنيا حسنة و انه في الآخرة لمن الصالحين) سورة النحل
أشار القران أن هذه النعم كانت مخصصة,أولا ,إلى الرسل و المؤمنين المخلصين. مثلا, جعل الله من رسولنا صلى الله عليه و سلم, غنيا في هذه الحياة.(ووجدك عاءلا فأغنى) سورة الضحى,اية 8
كذلك الرسول داوود عليه السلام,و الرسول سليمان عليه السلام,و ذو القرنين و الرسول إبراهيم و أسرته,كلهم تمتعوا بغنى كبير.
هذه تعد بشارة حسنة من الله,أن يكافئ عباده المخلصين ببركات عظيمة في هذه الحياة. هذه النعم تعد للمؤمنين بمثابة مكافأة و مصدر للفرح, لكن أيضا,إشارة إلى كرم و رعاية المقتدر.
حال المؤمنين الذين بادروا منذ الان في تلقي البركات الابدية الموعودة,ليس كحال الكافرين الذين يذوقون منذ الان جزع جهنم في هذه الحياة الدنيا.
نعمة أخرى من نعم الله على المؤمنين المخلصين تتمثل في أن سيئاتهم تبدل 30 إلى حسنات.كما ذكر سابقا, الكائن البشري هو مخلوق يستطيع ارتكاب الاخطاء بسهولة. فالفرد يمكنه أن يقع في الخطيئة و يرتكب الذنوب من دون أن يعلم, كذلك يتصرف بطريقة غير صحيحة و يقول الكلام البذيء.لكن المهم أن يتوب الفرد عن أخطائه و يصحح تصرفاته.
يبشر المولى في القران, عباده ذوي السريرة المخلصة, الخير كله.(أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا و نتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) سورة الاحقاف, آية 16
(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) سورة النحل,اية 97
هذه البشارات تظهر الكرم اللامحدود لله, الرحمن الرحيم على عباده,كمثل تبديل سيئاتهم الى حسنات.
يشير القران إلى هذا في الايات التالية
'(إلا من تاب و امن و عمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما من تاب و عمل صالحا فانه يتوب إلى الله متاباسورة الفرقان
و الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و امنوا بما نزل على محمد و هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم و اصلح بالهم) سورة محمد, آية 2
المؤمنون هم الذين يؤمنون بالله الذي خلقهم,يطيعون أوامره و ينتهون عن ما نهى عنه و يعيشون على خلق القران, و خاصة لديهم الكثير من الامل و الرجاء في الدار الآخرة.
و بالتالي فانهم بعيدون كل البعد عن الحزن و القلق الروحي,لانهم يؤمنون بالقدر و الله الذي خلق كل شيء. و هكذا فإنهم يخضعون إلى كل ما يحصل لانه (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) 51
يسارع المؤمنون إلى مغفرة من الله و يقولون (حسبنا الله و نعم الوكيل) سورة ال عمران,اية 173
هذه الدنيا هي مكان محفوف بالابتلاءات,منذ الأزل,يتعرض فيها المؤمنون إلى الجوع,المرض و الارق و يواجهون الحوادث مع خسائر مادية و مصاعب أخرى متعلقة بقدرهم. إذا علم المؤمنون أن هذه الأحداث إنما جعلت لاختبار إيمانهم, إذا ستكون قدرة الصبر عندهم مصدرا للاجر الابدي في الدار الاخرة و سيدركون أن هذه الابتلاءات ستساعدهم على بلوغ النضج التام.لهذا, هم يثقون بالله و يبقون راضين,سعداء و فرحين,محررين من كل القلق و عدم التوازن الروحي. هكذا فإن فرحهم و حماسهم دائما في زيادة. (و من تاب و عمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا) 71 سورة الفرقان. هذه الحالة مختلفة تماما بالنسبة للمكذبين, حيث أنهم يشكون الضيق الروحي و أنواع مختلفة من الآلام الجسدية. و ما هي إلا بداية الآلام التي سيعانون منها في جهنم. يصف الله في القران, الأشخاص الذين استقاموا, (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) سورة الانعام 125
سيهب الله كرمه إلى المؤمنين الذين يتقربون منه في خشية و خشوع, يتوبون إليه و يطلبون عفوه. إذا كانوا مخلصين حقا فإنهم سينالون الكثير من النعم الرائعة في هذه الدنيا. (و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى و يؤت كل ذي فضل فضله و إن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) سورة هود, اية 3
يحاول المؤمنون عمل الصالحات لنيل رضى و رحمة الله, لكي يستطيعوا بلوغ الجنة.فكل ما يطمحون إليه هو خدمته و إرضائه.إن المؤمنين لا يطلبون خدمة و تلقي الاستحسان من شخص اخر غير الله ولا الحصول على رتبة أو مكانة سامية. فالمؤمنون يخشون الله, يقدرونه حق قدره و يحبونه, متذكرين أنه سيكون دائما رفيقهم الوحيد و حاكمهم العدل.
يقول المولى في القران, إن عباده المخلصين سيجزون أجرا عظيما و خالدا, هذا الأجر سيكون متكاملا و مضاعفا مرتين.
(و إذا تتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا و يدرءون بالحسنة السيئة و مما رزقناهم ينفقون) سورة القصص
(إن الذين امنوا و عملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) سورة فصلت,8
(و إن كنتن تردن الله و رسوله و الدار الاخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) سورة الأحزاب, 29
(إن الذين يتلون كتاب الله و أقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانية يرجون تجارة لن تبور29 ليوفيهم أجورهم و يزيدهم من فضله إنه غفور شكور) 30 سورة فاطر
(و الذين امنوا و عملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم و لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) 7 سورة العنكبوت
(و من يقنت منكن لله و رسوله و تعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين و أعتدنا لها رزقا كريما) 31 سورة الأحزاب
(من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها و هم لا يظلمون) 160 سورة الأنعام
(إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات و الصادقين و الصادقات و الصابرين و الصابرات و الخاشعين و الخاشعات و المتصدقين و المتصدقات و الصائمين و الصائمات و الحافظين فروجهم و الحافظات و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما) 35 سورة الأحزاب
في هذه الايات المذكورة, يعد الله عباده المخلصين أجرا عظيما, الذين يبذلون الجهود, يسارعون لنيل استحسانه, يعملون الصالحات و ينشرون قيم القران حولهم. أما الأجر الأعظم فيتمثل في نيل رضى الله. ذلك أن الله يعد أجرا عظيما و كريما إلى المؤمنين به, الذين هدفهم الوحيد في هذه الحياة هو الفوز باستحسانه و رحمته من أجل بلوغ الجنة.كما أعلن القران كذلك عن أجر آخر و هو أن المولى سيحيط المؤمنين المخلصين برحمته. (فأما الذين امنوا و عملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك الفوز المبين) 30 سورة الجاثية. مهما كانت الحالة التي يصير عليها المؤمنون فإنهم يثقون بالله, يرجعون إليه, يريدون إرضائه و لا يعارضون أبدا قيم القران.لهذا السبب فإن رحمة, محبة و كرم الله دائما يصحبهم.
يبشر الله عباده المخلصين الذين يحاولون بإخلاص إتباع طريقه و الذين يكرسون جهودهم و أموالهم لكسب عطفه. سيمن الله عليهم بنعم أزلية تعوض الجهود التي بذلوها. (لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم) 64 سورة يونس. (يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم) 21 سورة التوبة. بعبارة أخرى, بشر الله المؤمنين الخير من الجنة و ذلك عندما أشار إلى أنه سيتقبل كل أعمالهم الخيرة وأن الجمال و السعادة التي سيصلونها صارت قريبة جدا. عندما يعلم المؤمنون أن رحمة الله و حبه اللامتناهي يصحبهم دائما, سيتيقنون أنه سيجزيهم بإدخالهم الجنة لكي يسعدوا و يرتاحوا.كما يقول الله أيضا أن بشاراته السعيدة ستبشرهم بها الملائكة.(و الذين ءامنوا و عملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين) 9 سورة العنكبوت. (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) 30 سورة فصلت
هذه الأنباء السارة يمكن أن تلاحظ في حياة الكثير من الرسل المذكورين في القران. على سبيل المثال أجاب الله دعاء النبي سليمان عليه السلام الوهاب (قال ربي اغفر لي و هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت ) و أتاه فضلا عظيما في هذه الحياة. من جهة أخرى يذكر القران أن ثروات و منابع عظيمة اعطيت للرسل.
و من باب سخاء مكافآته أورث الله المؤمنين العديد من النعم و الامور الجميلة في الجنة. بالتوازي مع ذلك ينعم الله عليهم في هذه الدنيا بالكثير من البركات و يقربهم إليه زلفا و يزيد من شغفهم و رغبتهم في دخول الجنة.
كما يعد الله بأن يكون المؤمنون سعداء دائما و محميين في هذه الدنيا و بأن يرزقهم القوة و القدرة على العيش على طريقة تعاليم القران الاخلاقية.(وعد الله الذين امنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا و من كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) سورة النور 55
هذا وعد الله إلى جميع المؤمنين.لذلك يجب على المؤمنين أن يشكروه و يحمدوه بكرة و عشية لكرمه منقطع النظير.
بإذن من الله,المؤمنون الذين يطيعون القران, يصغون إلى ما جاء به من نصائح و يتأهبون إلى الدار الآخرة, أولئك سيعيشون حياة خالدة, دون عيوب و مطهرين من كل الذنوب.
المؤمنون الذين يتبعون نصائح القران, يظهرون ولائهم, يخضعون عندما يطلب منهم ذلك, يخشون الله و يقدرونه حق قدره, أولئك سوف يطهرهم من الذنوب عند لقائه يوم الحساب.
ستكون هذه الحياة أبدية و كدلالة اسمه, الرحمان الرحيم, سيرزق كل مؤمن الحمد اللامتناهي. فالقران يشير إلى هذا كالآتي, (و الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها و أنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب) 18سورة الزمر.كما يقول الله فيما يلي في نفس هذه السورة أنه في يوم الحساب,كل من يخشونه و يقدرونه حق قدره, سيرحب بهم بحرارة عند باب الجنة (يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيهانعيم مقيم) 21 سورة التوبة.
من المؤكد أن أروع الأنباء التي يمكن أن يتلقاها الناس هي أنهم سيخلدون في الجنة و ستتلقاهم الملائكة عند بابها, جزاء لما عملوا. تعد هذه من الاخبار السارة للذين يصغون و يتبعون جيدا أخلاقيات القران.
على عكس الكفار, سيتلقى المؤمنون عند موتهم بكلام طيب من قبل الملائكة و ستنزع أرواحهم برفق و عندئذ تبدأ حياتهم في الجنة. (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) 32. وعد الله كل هذا الذين يسلمون وجوههم إليه بإخلاص. ذلك أن حياتهم الخالدة في الجنة ستكون أعظم مكافأة للذين يعيشون على خلق القران.