سوف تنتخب تركيا الرئيس الثاني عشر في العاشر من أب،2014. ما يميز هذه الانتخابات،هو انه للمرة الأولى سوف
ينتخب الرئيس من قبل الشعب التركي مباشرة، بدلا من الجمعية الوطنية الكبرى؛ تم تغيير القانون في عام 2007 للسماح للانتخاب المباشر مع موافقة 69٪ في الاستفتاء. مكتب الرئيس هو الذي يحسم توزيع الواجبات في تركيا. الشخص المسئول في المكتب لديه سلطة الموافقة أو الاعتراض على القوانين التي يسنها البرلمان، أو ينقلها إلى الشعب عبر استفتاء. وبالتالي، فإن انتخاب الرئيس الذي سيكون في وئام مع الحكومة هو عنصر هام من حيث استقرار البلاد. شهدت تركيا موجة من الصعوبات والتنافر بين الرئاسة والحكومة في الماضي. التشريعات التي تمت الموافقة عليها في البرلمان لكنها لم تطبق فعليا أدت إلى زعزعة استقرار البلاد وهذا بدوره أدى إلى تشويه الاقتصاد وكذلك الهدوء العام. الشيء الأكثر أهمية هو أن الامتناع عن عقلية تعرقل تنفيذ الحكومة وتشل الحياة السياسية تحت ستار "الاستعراض".
بالتأكيد، هناك جوانب مختلفة خاصة بهذه الانتخابات التي تشير إلى أهمية أكبر بالمقارنة مع غيرها من الانتخابات. الحروب الأهلية التي انتقلت إلى الحدود الجنوبية لتركيا، فضلا عن "عملية السلام" لإنهاء الإرهاب، حزب العمال الكردستاني الذي استمر خلال ال 30 سنة الماضية هم الأكثر بروزا. إن إمكانية تأسيس كردستان على الحدود الجنوبية لتركيا في العراق وسوريا بالتأكيد أثر على عملية السلام في البلاد، فضلا عن الشؤون الخارجية لدينا.
من ناحية أخرى، انه من المهم أن يكون رئيس الدولة هو الشخص الذي يحتضن 77 مليون من الجمهور وذلك بدلا من أن يكون مجرد منصب سياسي، فهو المحطة التي يجب تحتضن الناس من جميع الأديان والآراء على قدم من المساواة، وحماية حقوق و مكانة الجميع . واضطرت تركيا إلى اتخاذ الجانبين، وأن تكون جزءا من الصراع الطائفي الذي يحدث في الشرق الأوسط. لهذا السبب، من المهم جدا جدا أن يتبني الرئيس الجديد المنتخب العلويين والسنة والمسيحيين واليهود والملحدين ومجمل ما يقرب من 70 من الأصول العرقية لمواطنينا على قدم من المساواة و الحب. إن قوة الوحدة والتكاتف تكون مفيدة في تحقيق السلام وهزيمة مكائد أولئك الذين يسعون لإلحاق الضرر بتركيا أو إنشاء الخلاف داخل الأمة أيضا.
الانتخابات القادمة هي الأكثر أهمية في نظر في حزب العدالة والتنمية فيما يختص بتشريع القانون الثلاثي الشروط الذي يجبر"النواب الذين كانوا في الخدمة على التقاعد تباعا لثلاث فترات والتقاعد على الفترة الرابعة"؛ هذا سيمثل حقبة جديدة بعد حكم حزب العدالة والتنمية 12 عاما. إذا تم تكريم أردوغان برئاسة القصر، سيتم تعيين رئيس وزراء آخر في مكانه ومنصبه حتى انتخابات عام 2015، ورئاسة مجلس الوزراء لمدة عام تقريبا. في عام 2015، سيكون لزاما على حزب العدالة والتنمية أن يأتي إلى صناديق الاقتراع مع مرشح جديد لرئاسة الوزراء.
إذا استعرضنا المسألة من وجهة نظر الجغرافيا في تركيا، سنجد ان التطورات في الشرق الأوسط هي حرجة جدا بالنسبة لأنقرة؛ تركيا مجاورة لدول البلقان وهي واحدة من المناطق الأكثر إشكالية في أوروبا في الغرب، والقوقاز - هو ساحة أخرى من الصراعات - ناهيك عن الشرق الأوسط التي تخوض حاليا في كل أنواع الفوضى. إذا ما أخذ نا القرابة والعلاقات الإيمانية الماضية مع هذه الدول المجاورة بعين الاعتبار، فمن شأنه أن يعزز نتيجة في غاية الأهمية للسياسة الخارجية. تركيا هي البلد التي لديها الكثير من المصداقية بين الدول الإسلامية على أساس الروابط التاريخية لها، ولهذا السبب يتم رصد علاقاتها مع دول المنطقة عن كثب وباهتمام كبير من قبل العالم بأسره. الثقافة التركية التي يبلغ عمرها 2،500 عام، فضلا عن موقف الثابت على الحب والوصاية على الأبرياء، يتطلب من أنقرة المتابعة ولعب دور نشط في الشؤون الخارجية.
تركيا هي جزء من شبكة من خطوط إمدادات الطاقة التي هي ذات أهمية حيوية ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن لأوروبا أيضا. خطوط نقل الطاقة في الشرق الأوسط ومنطقة بحر قزوين - وهي مهمة جدا لنقل النفط والغاز الطبيعي – ينبغي ان تمر عبر الأناضول للوصول إلى أراضي أوروبا؛ وكذلك الممر من البحر الأسود إلى البحر المتوسط يأتي عبر تركيا أيضا. عندما يتم طرح الصراعات في أوكرانيا، وتستخدم روسيا من الغاز الطبيعي كورقة رابحة ضد أوروبا، وتستولي دولة العراق والشام على جزء كبير من مرافق إنتاج النفط واحتياطيات العراق وسوريا في الظروف الحالية، يصبح وزن تركيا اكبر بكثير. إن ظهور كردستان جديد أو تأسيس دولة سنية جديدة اذا تم تقسيم العراق وسوريا ، سوف يعمل على تغيير خريطة الشرق الأوسط، وسوف العلاقات مع هذه الدول الجديدة على عاتق الرئيس الجديد وستكون حكومته ملزمه على التعامل مع السياسات القادمة بتأني وحكمة.
نعيش في مرحلة يتحدث الجميع فيها عن إنشاء 14 دولة مختلفة، مع تقسيم خمس دول في الشرق الأوسط وأنه من المرجح جدا أننا نشهد هذا الواقع ألان. في المنطقة التي يتم فيها تنفيذ إستراتيجية "فرق تسد"، فأن انتخاب قادة طموحين من أجل الوحدة والتكاتف أمر مهم جدا. انه لمن الضرورة الملحة انتخاب قادة مكرسة لإنشاء الوحدة وذلك من اجل حياة الصفاء على أساس الثقافة المشتركة في نفس المنطقة بغض النظر عن العرق أو الطائفة. ينبغي على تركيا المضي قدما في دورها كجسر بين الشرق والغرب مع الرئيس والحكومة المنتخبة حديثا. العالم بحاجة حقيقية لذلك.