البحث عن استراتيجية للقضاء على التفجيرات الانتحارية
ucgen

البحث عن استراتيجية للقضاء على التفجيرات الانتحارية

1229

تبدو التفجيرات الانتحارية العنيفة والمتتالية التي حدثت خلال الشهر الماضي في أماكن متفرقة، من العراق إلى اليمن، ومن نيجيريا إلى باكستان، ومن تركيا إلى بروكسل، مقدمة لموجة عنيفة من الإرهاب العالمي. كما تجعلنا الزيادة الكبيرة في عدد الهجمات الانتحارية وفي تكرارها وشدتها، نفكر بأن الأشخاص العاديين قد يواجهون هذا الوجه القبيح للإرهاب مرات أكثر في المستقبل القريب.

في السابع والعشرين من مارس، استهدف تفجير انتحاري حديقة في مدينة لاهور الباكستانية، ما أدى إلى مقتل اثنين وسبعين شخصًا معظمهم من النساء والأطفال، وجرح ما يقرب من 350 آخرين، وأفاد تقرير بأن منفذ الهجوم اقترب من منطقة لعب الأطفال وقام بتفجير القنبلة التي كان يرتديها، قبل تلك الحادثة بيومين فقط تسبب هجوم انتحاري في ملعب في المدينة العراقية الإسكندرية بمقتل 41 شخصًا وجرح 105 آخرين، كما انفجرت ثلاث سيارات مفخخة في ثلاث مناطق في مدينة عدن اليمنية منذ أيام قليلة ما أدى لمقتل 26 شخصًا.

في السادس عشر من مارس، استهدف هجوم نفذه انتحاريتان تدّعيان الانتماء إلى جماعة بوكو حرام، مسجدًا في مدينة مايدوجوري في نيجيريا أثناء وقت الصلاة ما أدى لقتل 24 وجرح 23 مسلمًا.

وخلال شهر مارس أيضًا، تسبب هجومان انتحاريان في مدينتي أنقرة وإسطنبول التركيتين، قامت بهما منظمة بي كا كا الإرهابية بقتل ما يقرب من خمسين شخصًا وجرح العشرات.

وهذه مجرد أمثلة قليلة على الهجمات الانتحارية التي وقعت في شهر مارس فقط، وقد كان هناك هجوم انتحاري كل يوم تقريبًا حول العالم في الآونة الأخيرة.

تتسبب الهجمات الانتحارية باستشهاد آلاف المسلمين كل عام في البلاد الإسلامية، وبشكل لا إنساني تعتبرها بعض الدوائر الغربية "حراكًا طبيعيًا في منطقة الشرق الأوسط"، وبناءً على الاعتراف بالطبيعة المشينة لتلك التصريحات منذ هجوم باريس 2015، فقد أثار الهجوم الانتحاري الذي وقع مؤخرًا في 22 مارس في منطقتين مختلفتين من بروكسل - والتي تعتبر في قلب أوروبا - قلق العالم الغربي.

ويواجه المجتمع الغربي الآن حقيقة أن الإرهاب ليس شيئًا على الشرق الأوسط فقط أن يتعامل معه، ولكنه كارثة تجتاح العالم.

منذ الثمانينات، بدأت جماعات ذات أيديولوجيات كثيرة في تبني التفجيرات الانتحارية كطريقة للإرهاب، ومن بينها في المقام الأول المنظمات الإرهابية الماركسية الشيوعية والجماعات الإرهابية الدينية المتطرفة.

تُحفز هذه المنظمات الإرهابية منفذي التفجيرات التابعين لها بما يتماشى مع قيمهم الأيديولوجية التي يعتقدونها، ثم بعد ذلك تُقنعهم وتُحضرهم لتلك الأعمال العنيفة، ويأتي هذا التحفيز العاطفي والمثالي من الجماعات والأحزاب الماركسية الشيوعية.

وعلى ذلك، فبينما يُعتبر هؤلاء الأفراد أشخاصًا عاديين لا قيمة لهم ولا أهمية، يتم إقناعهم بأنهم "أبطال الحرية الذين سيُخلدون، بترك بصمتهم في العالم وكتابة اسمهم في تاريخ الثورات". وفي الجماعات الدينية المتطرفة، يكون تشجيعهم على تنفيذ تلك الهجمات الانتحارية بانتهاك القيم الدينية مثل "الجهاد والشهادة ودخول الجنة"، وحقيقة لا يوجد في القرآن الكريم أساس لذلك، ولا يوجد كلام إلهي يسوغ هذه الهجمات الدنيئة.

وعلى النقيض تمامًا، فالهجمات الانتحارية حرام طبقًا للقرآن الكريم، وهي ليست سوى قتل جماعي، ليس لأنفسهم فقط وإنما لأشخاص أبرياء أيضًا، ويجب أن نتذكر أن الانتحار أيضًا يعد جريمة قتل.

يقول الله تعالى في سورة المائدة "أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا"، ولهذا ففكرة أن الله تعالى قد يحب ارتكاب مثل تلك الأعمال الوحشية، بدون تمييز بين الرضع والأطفال وكبار السن والأبرياء، لا يمكن إلا أن تكون نتاج عقل جاهل مُضلل، وغير واعٍ، ولا منطقي، جاهل بالقرآن الكريم.

يقوم علماء الدين الجاهلون أحيانًا بغسل أدمغة هؤلاء الأفراد الجهلة غير الواعين، وأحيانًا أخرى يتم ذلك عن طريق تجار الدين المضللين المتعصبين الذين يستمدون قوتهم من التطرف، وفي ظل تلك المؤثرات الخبيثة، يصبح بعض الأشخاص مستعدين لتنفيذ جميع أنواع العنف، والأفعال المتعصبة.

وفي بعض الأحيان تعتبر المنظمات الإرهابية الأطفال الصغار في العائلات الفقيرة - والذين يحتاجون إلى تعليم وإقامة مجانية - المرشحين المفضلين لأن يصبحوا انتحاريين. في الواقع، وفقًا لشهادة طفل في الثانية عشرة تم تجنيده مؤخرًا ليقوم بعملية انتحارية قرب بيشاور، ولكنه قام بتسليم نفسه إلى قوات الأمن في أفغانستان، فهناك الكثير من الأطفال يدربهم رؤساؤهم الذين يعدونهم بأنهم سيذهبون إلى الجنة ويتحررون من مشاكلهم بتنفيذ الهجمات الانتحارية.

وهؤلاء الأشخاص الذين تشجعهم الجماعات الماركسية الشيوعية ليصبحوا انتحاريين يتم أيضًا خداعهم بأكاذيب الأناركية الشيوعية ويخضعون لتدريب أيديولوجي جاد.

ما يجب أن يقال هنا إنه ليس هناك مغزى من ترويع هؤلاء الأشخاص المضللين، والذين هم على استعداد لتعريض أنفسهم لخطر الموت في سبيل أيديولوجية كاذبة مزيفة، بتهديد بالقتل أو بالقنابل أو بالأسلحة أو العمليات الإرهابية. لم تُسبب هذه الطرق - حتى اليوم - سوى زيادة عدد الانتحاريين، فالعنف دائمًا ما يولد المزيد من العنف.

في الواقع تخبرنا المعلومات التي جمعتها المصادر الاستخباراتية المختلفة أنه يوجد اليوم في أوروبا والولايات المتحدة مئات الانتحاريين الذين دربتهم فصائل مُختلفة، ويُعتقد أنهم يعملون كخلايا مستقلة، منتظرين الوقت الذي يتحركون فيه، أغلب هؤلاء ولد ونشأ في تلك الدول، ويرتادون مدارس جيدة وليس لديهم سجل إجرامي، ونتيجة لذلك من شبه المستحيل تمييزهم.

يصبح الأشخاص الجهلة والمخدوعون أكثر وأكثر تحمسًا لتجربة الشعور بالفزع وقلة الحيلة والخوف والتهديد الذي يظهر في المجتمع في كل مرة يقع هجوم انتحاري، وبالتالي، فما يجب القيام به لقلب هذا الموقف المريع أمر في غاية الوضوح، يجب أن يتم في المدارس شرح الأكاذيب الأيديولوجية الكائنة خلف تلك الهجمات الانتحارية بغض النظر عن الفلسفة التي تدعو إليها، وأن تُشرح في المؤتمرات وفي المعارض بالأدلة العلمية بأية وسيلة ضرورية وأن تكون على جدول أعمال زعماء الرأي والسياسيين، باختصار كل أصحاب المناصب القيادية في المجتمع، سواء الصغار أو الكبار.

الحل الوحيد هو شرح هذه الحقائق المهمة، ودحض هذه الأيدولوجية المتعصبة المتطرفة فكريًا بالأساليب القرآنية والعقلانية والشرح المنطقي بهدف استئصال الإرهاب، وإطلاق حملة واسعة عاجلة لتوفير التعليم ورفع الوعي.

يمكن للأيديولوجية الأناركية الشيوعية أيضًا على الجانب الآخر أن تنتهي عن طريق كشف مغالطاتها العقلية المادية، وإذا أرادت المجتمعات القضاء على التفجيرات الانتحارية فعليهم بتحسين أنظمة التعليم والرد على الأيديولوجيات الخاطئة بأخرى صحيحة بدلًا من وضع الأسس للمزيد من العنف أو تقييد حرية مواطنيها.

http://www.sasapost.com/opinion/suicide-bombings/
 
http://www.harunyahya.com/en/Articles/219187

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo