دونالد ترامب ودعاياه الانتخابية المرفوضة
ucgen

دونالد ترامب ودعاياه الانتخابية المرفوضة

2156

أضاف دونالد ترامب – أحد مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستقام في شهر نوفمبر عام 2016 – إلى رصيده المزيد من تلك الأحاديث الاندفاعية المناهضة للمسلمين وذلك أثناء حديثه في أحد حملاته الانتخابية. ما يريده ترامب هو أن تقوم الولايات المتحدة بإغلاق أبوابها أمام المسلمين الراغبين في دخول البلاد سواء كانوا مهاجرين أو سياحًا وقد جاء هذا الطلب في أعقاب الهجوم الذي وقع مؤخرًا في جنوب كاليفورنيا.  

سعى ترامب بشكل ماكر – وذلك في أعقاب تلك الهجمات الإرهابية الأخيرة التي وقعت ضد الغرب – إلى استغلال موجة الخوف التي تحيط بالشعب الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر كفرصة انتخابية، فقد تسبب مقترحه الأخير في إثارة الكثير من الانتقادات اللاذعة من داخل الولايات المتحدة ومن جميع أرجاء العالم بشكل عام. وقد وُصف بيان ترامب "بالخطير" و"التمييزي" وذلك من قبل بعض المسؤولين من حزبه، والديمقراطيين، والأمم المتحدة، والمسلمين، وقادة الغرب. وقد سعى ترامب – في الأشهر الأخيرة – إلى الحصول على المزيد من الاهتمام وذلك من خلال المقترح الذي طرحه بأنه سيقوم بغلق المساجد داخل الولايات المتحدة وذلك في حال انتخابه كرئيس.

تحدث ترامب مسبقًا بالعديد من الكلمات التي تنتقص من شأن الاسكتلنديين، والبريطانيين، والمهاجرين، ثم أشار بعد ذلك إلى الهاسبانك داخل أمريكا – وهم البشر من أصول مكسيكية – واصفًا إياهم "بالمجرمين والمغتصبين". لم يأخذ أي شخص – في البداية – هذه التراهات – والتي كان الهدف منها رفع أسهم ترامب – على محمل الجد. ومع ذلك، فقد جلب – في النهاية - هذا المستوى المتزايد من التشهير والكراهية سيلًا من الانتقادات والشجب ضد ترامب.

صرح المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست بأن مقترح ترامب بمنع المسلمين من دخول أمريكا قد جعل مسألة وصوله إلى كرسي الرئاسة أمرًا مستحيلًا. وقد قال نائب الرئيس الأسبق ديك تشيني – وهو ينتمي للحزب الجمهوري – في أحد البرامج الإذاعية أن مقترح ترامب يخالف جميع القيم التي تؤمن بها وتدافع عنها الولايات المتحدة الأمريكية.

كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مقترحات ترامب "بغير المُجدية، والمسببة للانشقاقات، والخاطئة". وقد اتهم رئيس الوزراء الفرنسي - مانويل فالس - ترامب "بالتحريض على الكراهية".

وقد تم تشبيه كلمات ترامب، في البلدان الإسلامية، بتلك الشعارات التي كان يرفعها هتلر والنازية، وقد قررت العديد من الشركات والمؤسسات في هذه الدول قطع الشراكات والعلاقات التجارية مع ترامب. من المتوقع أن يزداد ذلك الزخم المؤيد لهذا الحظر التجاري مع ترامب في الدول الإسلامية وذلك خلال الأيام المقبلة.

يُعد هذا بمثابة القليل من مئات الانتقادات والإدانات المتعلقة بترامب والتي يتم نشرها كل يوم.

تُعد كلمات ترامب المحرضة على الكراهية والغضب – والتي لقيت الكثير من الاستهجان والإدانة في جميع أرجاء العالم من قبل المسلمين وأتباع الديانات الأخرى – بمثابة الدعوة إلى الإرهاب بكل ما تعنيه الكلمة، فالكلمات برمتها نابعة عن مشاعر سلبية متجذرة، لذلك فإنه إذا ما تم إضفاء الشرعية على هذا الإرهاب – الذي يتغذى على الكراهية، والغضب، والانتقام – فإن هذا من شأنه إعطاء المزيد من التشجيع للعنف والقسوة.

من الواضح أنها ليست سوى بعض الدعايا المتعصبة والتي تهدف إلى مساواة المجتمع المسلم الذي يبلغ تعداده حوالي 2 مليار شخص حول العالم بحفنة قليلة من الإرهابيين المتطرفين. لذلك فإنه يجب على الفور التخلي عن تلك السياسات البدائية، المحمومة، عديمة الرحمة والإحساس والتي تجتاح في طريقها المسلمين الأبرياء غير المذنبين وتصنفهم جميعًا كإرهابيين. وإلا، فإن غض البصرعن ذلك التمييز الذي يحدث اليوم سيؤدي في نهاية المطاف غدًا إلى تشجيع نبرة العداء تجاه الأقليات الأخرى من الملونين، والمهاجرين، واليهود، والهاسبانك، والصينيين، واليابانيين، والروس وما إلى غير ذلك، وقد تصبح الولايات المتحدة فيما بعد واحدة من تلك الدول التي تخرج فيها الصراعات الدينية، والعرقية، والاجتماعية عن نطاق السيطرة، وقد يتسبب هذا في تنامي انتفاضات كبرى ضد الحكومة وحدوث فوضى واضطرابات بشكل عام. 

لذلك فإنه من غير المناسب استخدام هذه اللغة الاستفزازية من قبل بعض مرشحي الرئاسة الأمريكية والتي من شأنها تأجيج الصراعات في مثل هذه الأوقات الحساسة ويأتي ذلك في الوقت الذي يُتوقع فيه من مثل هؤلاء الأشخاص إظهار النضج والشعور بالمسؤولية. يتطلب منصب مثل منصب رئاسة الولايات المتحدة – والذي يُعد أحد المناصب ذات الأهمية الكبيرة بين قادة العالم من حيث إحلال السلام الدولي، والاستقرار، والأمن – وجود شخصيات من ذوي الكفاءة  والذين يمتازون بالجدية، والاتساق، والعدل، والتصالح، ويمتلكون أيضًا القيم الأخلاقية والأدبية بشكل قوي.

لذلك فإننا نعتقد – في ضوء كل ما سبق – أن الولايات المتحدة – أحد أهم الرواد البارزين فيما يتعلق بمسألة الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان – لن تتخلى عن تلك القيم التي اعتنقتها وآمنت بها إلى يومنا هذا، وأن الشعب الأمريكي الحصيف سيتمكن من الوصول للقرار الصائب في ضوء هذه القيم الهامة.

للكاتب أكثر من 300 مُؤلف في مجال السياسة، والدين، والعلوم وقد تُرجمت - هذه المؤلفات - إلى 73 لغة. ويمكن متابعة الكاتب على تويتر@AdnanOktar56  ومن خلال الموقع الإلكتروني ar.harunyahya.com

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo