عدنان أوكطار
فقد 250 ألف سورى حياتهم منذ مطلع عام 2011 وذلك طبقًا للأمم المتحدة، وقد اضطر 7 ملايين شخص إلى الفرار من منازلهم، بينهم ما يقرب من 4 ملايين لاجئ، وذلك بجانب احتياج حوالي 14 مليون شخص للمساعدات الإنسانية.
وقد كان ميثاق الأمم المتحدة واضحًا تمًامًا في مثل هذه الأمور، فعندما يحدث أي تطور من شأنه عرقلة السلام والأمن في أية بقعة من بقاع العالم فإنه يجب على هذه الهيئة الدولية اتخاذ بعض الإجراءات الفورية من أجل التوصل لحلول لمثل هذه الأمور وذلك عن طريق استخدام الوسائل السلمية.
على سبيل المثال، فقد اتخذت الأمم المتحدة بعض الإجراءات الفورية وذلك عندما غزت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية عام 1950، وعندما قامت العراق بغزو الكويت عام 1990، وبالتالي فلماذا لم تتدخل الأمم المتحدة في سوريا؟
الإجابة تم إخفاؤها داخل ميثاق الأمم المتحدة نفسه الذي وُقع عام 1945، فقد منح الميثاق مهمة حفظ السلام في العالم لمجلس الأمن، ولكن في مقدرة أي واحدة من الدول الخمسة دائمة العضوية (أمريكا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين) عرقلة أي قرار يتم اتخاذه من قبل مجلس الأمن. لم يتم ذكر مصطلح "الفيتو" في الميثاق، ولكن من الشائع استخدامه في مثل هذه الحالات.
واليوم، فإن نفس هؤلاء الأعضاء الدائمين داخل المجلس هم من يستخدمون حق الفيتو لعرقلة الإجراءات التي يجب أن تتخذها الأمم المتحدة من أجل التدخل الدولي في سوريا.
وقد قُدمت مسودات مشاريع لأربعة قرارات إلى مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة وذلك منذ بداية الحرب الأهلية داخل سوريا، وقد تم عرقلتها جميعًا من قبل روسيا والصين باستخدام حق الفيتو وذلك من أجل حماية مصالحهم وحليفهم داخل دمشق.
يتبادر إلى الذهن ،عند هذه المرحلة، حلان لهذا الأمر: فإما أن تُصاغ القرارات بطريقة ما لإرضاء جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، أو تحجيم – أو حتى إلغاء – استخدام حق الفيتو. غير أن ذلك الحل الأخير ليس من المرجح حدوثه وذلك لأن كلًا من روسيا و الولايات المتحدة قد أوضحتا على الدوام أنهما لن يصوتا أبدًا في صالح تلك الخطوة التي من شأنها تقييد أو إزالة هذا الحق.
وعلى هذا الأساس، فيبدو أن بذل الجهود من أجل إيجاد حل فى إطار النظام الحالي سيكون هو الشيء الأكثر قابلية للتحقيق. فإن الأهم من بين هذه الفرص هو قرار 377 ألف (د-5) للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو قرار "الاتحاد من أجل السلام".
تم الاتفاق على إيجاد حل عملي، وذلك خلال فترة الحرب الكورية، من أجل تجاوز حالة الجمود تلك التي حدثت نتيجة استخدام الاتحاد السوفيتي لحق الفيتو، تمامًا كالذي نراه يحدث اليوم مع سوريا، فقد قامت الجمعية العامة بعمل تفسير وتأويل موسع للمادة رقم 12 من ميثاق الأمم المتحدة، ومُرر القرار على شكل "توصية" للدول الأعضاء.
لذلك فإنه من الممكن استخدام قرار "الاتحاد من أجل السلام" لتجاوز الأزمة السورية، أو بالأحرى، استخدامه مع تلك الأزمات المزمنة الأخرى المشابهة لتلك الأزمة.
من الأهمية بمكان في هذه المرحلة أن يصدر القرار على شكل "توصية". بعبارة أخرى، يجب أن يكون القرار غير ملزم للدول الأعضاء، وذلك لاحتواء تلك التوصية التي تحوز على موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة على قدر كبير من الشرعية وهو ما يُعد من الأمور الضرورية للقانون الدولي.
وبناء على ذلك، وفي ظل استحالة إجراء تعديل بشأن تقييد استخدام حق الفيتو في ميثاق الأمم المتحدة، فإن قرار "الاتحاد من أجل السلام" سيكون الخطوة العملية التي من شأنها إرساء السلام، وسيظل – في الوقت ذاته – داخل الإطار والنظام الحالي للأمم المتحدة. أوليس على الدول الأعضاء إعطاء الأمر محاولة على أقل تقدير؟