العالم الإسلامي واسع الانتشار ليس فقط في جغرافيته ، ولكن في التقاليد المختلفة. ومع ذلك ، عندما ننظر إلى العالم الإسلامي اليوم ،نرى ان الخشونة قد عمت المكان. في احد الاوقات ، اعتبر المسلمين حسن الخلق ؛ في العصور الوسطى ، اعتبر الصليبيين صلاح الدين الايوبي وخصوصا من قبل ريتشارد قلب الاسد كشخصية حكيمة ونبيلة تستحق الاحترام.لقد قاد الإسلام العالم في العلوم والفنون والآداب. الآن عندما ننظر الى العالم الإسلامي، نرى الثقافة المتدهورة التي يظهر فيها الرجال بمظهر رث كمظهر القديسين ، وحيث تجبر المرأة الجميلة من قبل المتعصبين على خفاء جمالها ، وتمجد فيه النساء الغير جميلات باعتبارهن نموذج للفضيلة بسبب طبيعة اجسامهن الغير جميلة كما لو ان النساء ذات الجسم البشع والشعر الاشعث يعتبرن مميزات .
فمما لا شك فيه ، وخاصة في الغرب ، ينظرون الى الرجال مطلقوا اللحا الطويلة الشعثاء
، واالمرتدين الخرق و أنصاف المتعلمين ، كأمثلة للرجال المسلمين. لقد جعلهم الاعلام يبدون كذلك.و هؤلاء الرجال اكثر ما يحبون هو الادعاء بانهم يمثلون العالم الاسلامي في حديثهم. ولكن هذا لا يحدث في الغرب فقط, وانما في العالم الاسلامي ايضا, ، فعدد كبير جدا من المسلمين ينظرون الى هؤلاء الرجال ويفكرون في قرارة انفسهم، "لماذا؟، انظر! انه يرتدي خرقة قذرة ، ولديه لحية طويلة وشعثاء. من المؤكد ان هذا رجل مؤمن !" او ينظرون الى امرأة في ملابس انيقة, تضع المكياج وتظهر شعرها, فتكون ردة فعل العديد منهم على الفور" لماذا! هذه المرأة عاهرة, ساقطة!" هذا النوع من التفكير هو الغباء الشائع في العالم الاسلامي.
فكيف وصلنا الى ذلك؟ كيف يتم ازدراء الفن والموسيقى والجمال في حين انهم نعمة من الله؟ لماذا يتم النظر الى هذه النعم التي ترفع المعنويات وترتقي بالعقل على انها لعنات من الشيطان نفسه؟
ربما يكون ذلك بسبب سماحنا لذوي العقول الصغيرة والافق الضيق ان يخوضوا ويتحكموا بالحوار لفترة طويلة. لقد سمحنا لهؤلاء الناس ان يتمتعوا بالدكتاتورية الثقافية طويلة جدا، وهي كما سماها الكاتب المسيحي لويس ببلاغة " طغيان الفضوليية الأخلاقية ". سمحنا لهم أن يصبحوا حكاما للثقافة. و ماذا كانت النتائج؟ عالم خال من الفرح أو الجمال. عالم يوصف فيه اصحاب المواهب التي وهبهم اياها الله واؤلئك النساء والرجال الذين يرغبون في تبادل المواهب المعطاة لهم من قبل الله بالخطائين. ما هذا الجنون ؟ حقا، إن العالم الذي لا يوجد فيه تقدير للجمال والجماليات يعتبر جحيم ان لم يكن اكبر من الجحيم بقليل.
لم يذكر اي شيء في القرآن يحظر سماع الموسيقى أو ممارسة الفنون. إنه مخطئ من يقول " ان القرأن يحظر الموسيقى! " هذه بدعة ، و أولئك الذين يرتكبون مثل هذه الأمور هم يرتكبون الخطيئة. كما جاء في القرآن ، "﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [يونس: 59-60]، وقال تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ."
كان نبينا رجل حسن المظهر و السمة ، وكان مقدرا للجمال. لقداعتاد على زراعة الورود حول منزله وبالرغم من صعوبة نمو اي نباتات في الصحراء. كما تواجد في ذلك الوقت العطور والروائح الجميلة حيث كان يستخدم الرسول عليه السلام زيت الزيتون المخلوط بروائح الورود, كما اعتاد ان يضع ذلك على شعره حيث يجعله يبدو اكثر شبابا ونضارة. كما ذكر ان ملابسه و عبائته و قميصه كانتا دائما ناصعتا البياض ونظيفة جدا .كانت أسنانه ( نظرا ل استخدام السواك ، و فرشاة الأسنان الطبيعية ) بيضاء ونظيفة. كل هذه الأوصاف من ظهوره تأتي من الأحاديث التي تروى عنه . كل هذه الأوصاف هي مختلفة لا سيما عما نراه كثيرا في ايامنا، وكلها مختلفة لا سيما عما نراه في سلوك المتطرفين الذين يدعون الاسلام.
ولذلك ادعوا اخواني المسلمين الى عدم السماح لانفسهم بالوقوع في مصيدة الفكر الذي يقول انه اذا كان مظهرك رث واشعثا وعابسا يجعلك مسلم ورعا . لا تقع فريسة ل فكرة أن تحريم الموسيقى أو الفن أو الجمال هو ما يريده الله . لا تعتقد ولا للحظة واحدة أنه من خلال معاملتك زوجتك بالازدراء أو الاحتقار ، أو كما في بعض الأحيان كوعاء لقضاء حاجتك، أنك تعيش حقيقة الإسلام ,فالحقيقة انك انك لا تمت للاسلام بأي صلة. بذلك انت تتصرف بطريقة قبيحة و جاهلة، و هذا السلوك هو مفيد جدا لأولئك الذين يسعون لتصوير المسلمين على أنهم متوحشون . و قبل كل شيء ، لا تقع في هذا الفخ من الهراء الطوباوية التي تقول أنه إذا استطاع المسلمون ببساطة العودة إلى الحياة في القرن السابع الميلادي، فأن كل شيئ سيكون جيدا في العالم، و كنا لنعيش جميعا في اطمئنان وكمال إلى الأبد . هذا الرفض للحداثة العالمية لا يعتبر فقط سخيف جدا و رجعي للغاية بل انه خطير جدا ايضا.
و بالنسبة للقارئ الغربي ، أنا أطلب منكم أن لا تقعوا في فخ الاعتقاد بأن الأفراد غير مهذبين، غير النظيفين و الجاهلين الذين يبتدعون التكهنات الدينية المشوهة والمختلطة مع الخرافات الخاصة و الخصوصيات الثقافية والا تعتبروهم ممثلين للاسلام. فهم ليسوا كذلك وفي النهاية هم مجرد قلة. أنهم يحصلون على كل هذا الاهتمام ببساطة لأنهم يتمكنون من التحدث على الجميع. وحتى لا نسقط في فخ المتعصبين والمناهضين للاسلام ، ففي الوقت الذي يقوم البعض ويدعي انهم فقط معارضون للمسلمين المتطرفين يقومون بتصوير هذه القلة من المسلمين المتطرفين على انها ممثل للاسلام في العالم, في حين أن العكس هو الصحيح . المتطرفون لا يتحدثون إلا عن أنفسهم ، بل هم اغلبية فقط في اوهامهم المريضة.
.