سورة مريم هي السورة التاسعة عشرة من القرآن الكريم وهي تتألف من 98 آية. السورة تأخذ اسمها من قصة السيدة مريم (عليها السلام) و التي تبدأ من الآية السادسة عشرة.
قال تعالى ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ) سورة مريم آية 16.
كشفت الآيات الأولى من السورة عن صلاة النبي زكريا (عليه السلام). أخبر النبي زكريا (عليه السلام) الله تعالى أن زوجته عقيم و هو كبير بالسن و لا يمكنهما إنجاب الأولاد وبالتالي هو يشعر بالقلق إزاء من سيرعى أهل بيته و يقيم الدين الحنيف من بعده و دعا الله تعالى أن يرسل له مساعدا من لدن الله و بصيرته. تقبل الله صلاته المخلصة وبشره بغلام اسمه يحيى. أرسل الله النبي يحيى (عليه السلام ) كعبد صادق و يخاف الله.
هناك أيضا في هذه السورة قصة السيدة مريم (عليها السلام) و التي يضرب بها المثل في العفة والطهارة من قبل الله سبحانه وتعالى. أخبرنا الله سبحانه أنه إختار عبده النبي زكريا (عليه الصلاة و السلام) ليكون مسؤولا عن السيدة مريم (عليها السلام). و تبين في الآية ايضا ان السيدة مريم (عليها السلام )غادرت أهلها وذهبت الى مكان ما في شرق البلاد لوحدها. زار الملك جبريل ( عليه السلام ) السيدة مريم عندما كانت هناك في شكل شخص. ومع ذلك ظنت السيدة مريم (عليها السلام) أنه إنسان وطلبت منه البقاء بعيدا عنها. فقال جبريل لها انه أرسل من الله ليبشرها بنبأ سار وهو إنجابها لطفل من لدن الله و بصيرته. حملت السيدة مريم (عليها السلام) و كان حملها بمثابة معجزة من الله لأنه لم يلمسها رجل قط ابدا. ولما وضعت طفلها وعادت إلى قريتها كانت السيدة مريم (عليها السلام) لا تكلم أحدا كما أمر الله على الرغم من رفض المجتمع لها، ولم تدافع عن نفسها ضد الاتهامات البذيئة و حافظت على الأمر الذي امرها الله تعالى به .
لاحقا في هذه السورة الكريمة:
•هناك قصة النبي ابراهيم (عليه السلام). المحادثات التي جرت بين النبي ابراهيم (عليه السلام) و بين والده الذي رفض أن يؤمن بنبوته وبالدين الحنيف الذي بشره به. حذر النبي ابراهيم (عليه السلام) والده من عبادة اي شيء غير الله وطلب منه أن يخضع إلى الله بسبب المعرفة التي وهبها الله تعالى لإبراهيم (عليه السلام). حذر إبراهيم و الده من طاعة الشيطان مع المشورة. ومع ذلك اصبح والده غاضبا من ابنه الذي حاول أن يوجهه ومجتمعه بعيدا عن الدين ابائه و اسلافه الخاطئ ، فقال لابراهيم (عليه السلام) إن لم تتوقف عن هذا ليرجمنه بالحجارة. ذهب النبي ابراهيم (عليه السلام) بعيدا عن مجتمعه وما كانوا يعبدون بسبب هذا الموقف من والده. تركهم النبي ابراهيم (عليه السلام) وهم يعبدون الأصنام، وهاجر من مسقط رأسه.
•في سورة مريم هناك أيضا معلومات عن غيره من الأنبياء الذين أرسلوا. بين لنا ربنا أن النبي موسى (عليه السلام) كان مخلصا جدا وانه دعا الله ليجعل شقيقه النبي هارون (عليه السلام) مساعدا له. بالإضافة إلى ذلك ذكرت السورة أيضا خصائص النبي إسماعيل (عليه السلام) و أوضحت انه أمر طائفته ( مجتمعه) بأداء الصلاة والزكاة وكان مرضيا عند الله بسبب أخلاقه الحميدة. يخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه أعطى جميع رسله بركات عديدة.
• يبين لنا ربنا أنه سبحانه خالق كل شيء، خالق السموات و الأرض و ما بينهما و لذلك لا بد من عبادته وحده لا شريك له، و ان يكون المرء المسلم حازما وحاسما حول الصلوات التي أمرنا الله بها.
• يبين لنا الله سبحانه وتعالى أنه سوف يزيد من ايمان الذين يبحثون عن المسار الصحيح، و لهذا يحتاج المرء ان يكون عازما على فعل الخيرات.
تبين الآيات الأخيرة من سورة مريم أن أولئك الذين يقولون (إتخذ الرحمن ولدا) يرتكبون خطأ خطيرا، و لابد على جميع من في السموات و الأرض العودة الى الله وحده عز وجل و عبادته. تبين السورة أن في يوم القيامة سوف يأتي كل شخص بمفرده للحساب أمام الله ( و كلهم آتيه يوم القيامة فردا ). تبين السورة ايضا مقارنة بين الذين ينكرون وجود الله أو المشركين بأن الله سوف يحاسبهم حسابا عسيرا و بين الذين يعملون الصالحات و يعبدون الله وحده سيجازيهم بالمحبة و الغفران.