البعوض
ucgen

البعوض

787
 
(إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحيِي أَنْ يَضَربَ مَثلاً مَا بَعُوضَةًفَمَا فَوقَهَا فَأَمّاَ الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْرَبّهِم وَأَمّاَ الَّذيَنَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَاَدَ اللهُ بِهذَامَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِي بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلاَّالفَاسِقيَن). (سورة البقرة: 26)
 
كثيًرا ما ذُكر في القرآنِ الكريم موضوع الطبيعة والتأمل فيها، وهنانلاحظ آيات الخالق لأنَّ الكائنات الحية وغير الحيّة تمثل دليلا على عظمة المُبدعوقوته وعِلمه وكمال صَنعته، وهذا الصانع هو سبب وُجودها. والإنسان يستخدم عقلهلمعرفة هذه الأدلّة والإشارات ومعرفة الله تعالى. ولكن هناك بعض المخلوقات التي ضربالله بها مثلاً يريد من ذلك أن يلفت إليها انتباهنا، والبعوض من بين هذه المخلوقات.
 
(إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحيِي أَنْ يَضَربَ مَثلاً مَا بَعُوضَةًفَمَا فَوقَهَا فَأَمّاَ الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْرَبّهِم وَأَمّاَ الَّذيَنَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَاَدَ اللهُ بِهذَامَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِي بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلاَّالفَاسِقيَن).(سورة البقرة: 26)
 
تذكر الآية الكريمة أن البعوض حشرة عادية غير ذات أهمّية بالنظرإلى الكائنات الحية التي نشاهدها، ولكن في الأصل هي إحدى آيات الله التي يجب أننمعن فيها النظر ونفكر فيها، فالله تعالى لا يستحيي أن يضرب مثلاً أكبر من هذاوأفضل.
 
مغامرة البعوض غير العادية
المعروف أن البعوض حشرة مصاصة للدماء، وأنّها تعيش على الدم. ولكنهذه المعلومة ليست صحيحة، لأن أنثى البعوض فقط تمتصّ الدماء.
فالأنثى لا تمتص الدّم لكي تتغذى عليه، فغذاؤها بصورة عامة هورحيق الزّهور، والسبب الوحيد لهذا الفرق بين الذكر والأنثى التي تمتص الدم هو أنّأنثى البعوض تحمل البيض، وهذا البيض يحتاج إلى بروتين لينمو. وبمعنى آخر، نستطيعأن نقول إنّها تحافظ على تواصل نسلها بهذه الطريقة.
 
التزاوج بين الذكر والأنثى
عندما يصلُ ذكرُ البعوض إلى مرحلة البلوغ يقوم بالبحث عن الأنثىمُستعملاً في ذلك حاسة السّمع، وحاسّة السّمع عند الذكر أقوى ممّا هي عليه لدىالأنثى.
 
فالصّوت الصادر من الأنثى ينتبه إليه الذكر ويلتقطه بواسطةالشعيرات الدقيقة التى توجد في نهاية عضو الإحساس. وأثناء عملية التّزاوج مع الأنثىيقوم بمسك أنثاه بواسطة أعضاء مثل الكلاليب. وعندما تطير الذّكور تكون في شكلجماعيّ شبيهة بالغيوم. وعندما تدخل أيّ أنثى في هذا السّرب، يعمد الذّكر أثناءطيرانه إلى القيام بعملية التزاوج، فيمسك الأنثى بواسطة كلاليبه، ويتمّ العملية فيمدّة قصيرة ويرجع إلى المجموعة التي كان فيها.
 
تحمل الأنثى البيض، وتقوم بمصّ دم الإنسان لتغذيته. وهنا يتجلىالفرق بينها وبين الذكر. وعندما نزل القرآن الكريم ذكر هذا الأمر الذي لم يكنمعروفا رغم أهميته. فدورة حياتها، أو فترة نموّها شيء في منتهى الغرابة.
 
نبذة صغيرة عن دورة حياة البعوضة
تعمد الأنثى التي تكون حاملة للبيض إلى مصّ الدم من أجل تغذيةالبيض. وفي شهور الصيف أو الخريف تضع الأنثى هذا البيض على الأوراق الرّطبة أوبجانب البحيرات اليابسة. فالبعوضة الأم بواسطة اللاقطات الحساسة الموجودة تحت بطنهاتقوم بالبحث عن مكان مناسب لوضع بيْضها. وعندما تجد المكان المناسب تقوم بوضعبيضها. وطول كل بيضة لا يتجاوز المليمتر الواحد، فتضعها واحدة تلو الأخرى أو في شكلمجموعة وتكون في صفّ واحد. وهناك نوع ثان من البعوض يقوم بربط بيضه بعضه ببعض ثميضعه بعد ذلك. ويصل عدد حبات البيض التي تضعها أنثى البعوض في المجموعة الواحدة إلى300بيضة. وتضع البعوضة بيْضها، ويكون لونه أبيض. وبعد مدة ساعة إلى ساعتين من وضعالبيض يتغير لونه ويصبح أسود. والحكمة في تغير لونه هي ألا يكون عرضة للأكل منقبل الحشرات والطيور. وهكذا يُحفظ هذا البيض، وبعض الأنواع يتغيّر لونه حسب البيئةالتي يوجد فيها.
 
الجهاز التنفسي
جهاز التنفس الذي تستعمله الدودة التي تتحول بعد ذلك إلى البعوضةعبارة عن قضيب تخرجه خارج الماء لتتنفس بواسطته. والدودة الموجودة في الماء تكونمعلقه رأسًا على عقب (أي بالمقلوب). وهي تفرز مادة صمغية من جسمها من أجل منع نفاذالماء إلى داخل القضيب.
إنّ البعوض لا علم له بالتغييرات الحاصلة في لون البعوض الأم، ولافي البيض والشرانق. فهذا النظام ليس من صنع البعوض نفسه، وهو لم يوجد بالمصادفةذلك لأن هذا النظام وجد مع وجود البعوض ذاته.
 
الخروج من البيض:
عند انتهاء فترة حضانة البيض يخرج الدّود الواحدة بعد الأخرى منالبيوض، ويتغذى هذا الدّود بشكل متواصل، ويكبر إلى أن يوقف الجلدُ هذا النمو. وهذاهو التغّير الأول في الجلد. فجلد الدود يكون صلبًا، ومن السهل كسره. وتقوم الدودةبتغيير جلدها مرتين إلى أن يكتمل نموّها.
 
إنّ طريقة غذاء الدودة مصممة بشكل غريب، فالدودة بواسطة الشعيراتالموجودة في طرفيها تكون على هيئة مروحة، وبهذه الطريقة تكوّن مدخلا صغيًرا تضمن بهدخول البكتريا وأجسام ميكروسكوبية إلى الفم.
 
وفي داخل الماء تكون هذه الدودة في وضع مقلوب، وتقوم بعملية التنفسعن طريق القضيب، أي مثل الغواصين، وعن طريق إنزيمات خاصة تفرزها الماء من من الدخولإلى القضيب الذي تتنفس منه.
 
ومن الواضح أن هذا المخلوق يقوم بأغلب أعماله بمنتهى الدقةوالحساسية في آن واحد، وهذا ما يضمن له استمرار حياته. فلولا وجود الخرطوم الذييستعمله البعوض للتنفس، ولولا السائل اللّزج الذي يفرزه ليمنع به دخول الماء إلىالقضيب لنفذ الماء إلى القضيب. فلولا هذان النظامان لما كانت هناك إمكانية لحياةالبعوض. وهذا يعني أنّ جميع أنظمة البعوض لا يعتريها أيّ قصور، وهي مكتملة منذ ظهرتإلى الوجود، وهذا دليل على أنها مخلوقة.
 
والدودة تغير جلدها، وعندما تغيره في المرة الأخيرة تصبح في شكلجديد. فلكي تتغير الدودة إلى بعوضة توجد مرحلة أخيرة يتعين أن تصل إليها وهي"الشرنقة". فالغلاف الذي يحمل هذه الدودة يبدأ في التّلف، وهذا يعني أنها يجب أنتتخلص من هذا الغلاف. وبعد أن تتخلص من هذا الغلاف تصبح على هيئة مختلفة تمامًا عماكانت عليه.
 
فهذان الكائنان المختلفان هما نفس الكائن، ومن الصّعب التصديقبأنهما نتاج للطّبيعة. وكما نرى فلا الدودة ولا البعوضة بإمكانهما تصميم مثل هذاالعمل الدقيق غريب الأطوار.
 
عندما تُغلق الثقوب الموجودة في الأنبوب الذي بواسطته تستطيع الدودةأن تتنفس تصبح وجهًا لوجه مع الخطر بسبب انعدام الهواء. لكن بعد التغير الأخير لاتحتاج الحشرة الجديدة إلى هذا القضيب، فهناك قضيبان آخران في طرفي الرأس تستطيع بواسطتهماأن تتنفس. ولهذا فإن هذه الكائنات الجديدة تصعد إلى سطح الماء قبل أن تشرع في عمليةتغيير غلافها.
 
فالبعوضة الموجودة في الشرنقة تكون قد تغيرت تمامًا؛ يصبح لهاهوائيات للحس والشم وصدر أجنحة وبطن ورأس، فالبعوضة تصبح جاهزة للطيران. والبعوضةعندما تخرج يجب ألا يلمس رأسُها الماءَ لأن لحظة واحدة بلا هواء بالنسبة إليهاتسبب لها الموت. ولهذا السبب فوجود الريح أو التياراات المائية يمثل خطرًا علىحياتها.
تنشق الشرنقة من الطرف العلويّ، وفي هذه المرحلة يوجد خطر كبيريتمثل في إمكانية دخول الماء إلى الغلاف، ولكن المنطقة التي تنشق من الغلاف هي التييخرج منها الرأس. ولكي لا يمس الرأس الماء يكون مغلفًا بنوع خاص من الصمغ يمنع وصولالماء إليها وهذا أمر معجز لأنّ أيّ هواء يجعلها تسقط في الماء وتموت، ولهذا فإنّالبعوضة تقوم بوضع رجلها على الماء حالما تخرج.
 
ولكن هناك أسئلة تتبادر إلى الذّهن وهي: كيف تستطيع البعوضة أنتتحول؟ من أين امتلكت هذه القابلية؛ أي تغيير جلدها ثلاث مرات؟ وبعدها تصبح بعوضةكاملة. من الواضح أن الله تعالى قد أوجد هذه الحشرة لتكون آية على قدرته العظيمةعلى الخلق.
 
كيف يعرف البعوض الكائنات الحية في الطبيعة:
إنّ البعوضة لها قابلية الإحساس بالكائنات الحيّة بواسطة حرارتها،فهي تستطيع أن تلتقط حرارة الأجسام في شكل ألوان. ولكن هذا الإحساس بالحرارة لايعتمد على أشعة الشّمس، أي على الضوء، فمقدار الإحساس لدى البعوض هو 1/1000 درجة.
 
يمتلك البعوض حوالي 100 عين، وهذه العيون موجودة في الرأس على شكليشبه قرص العسل، وتقوم عين البعوض باستلام هذه الإشارات وتنقلها إلى الدماغ. وعندماتقوم البعوضة بمصّ الدّم تستعمل تقنية مثيرة للحيرة. فالنظام المعقد المستعمل هوكالتالي: تحط أولاً على الهدف وتقوم بتحديد مكان معين بواسطة الشفاه الموجودة فىالخرطوم، ولها إأبرة مغلفة بغلاف خاصّ تخرجها عندما تقوم بمصّ الدّم.
 
والجلد لا يُثفب بواسطة هذه الإبرة كما يتصوّر، وإنما الذي يقومبهذه العملية هو الفك العلويّ الذي يشبه السّكين والفك السّفلى الذي يحتوي علىأسنان مائلة نحو الدّاخل. فالفكّ السّفلي يعمل مثل المنشار، أي يتحرك مثل المنشارويشق الجلد بمساعدة الفكّ العلويّ. ومن هذا المكان الذي يتم شقّه تدخل الإبرة إلىأن تصل إلى العرق وتمتصّ الدم.
 
مثلما هو معروف، فعندما يخرج دم من جسم الانسان تتم عملية التخثربسرعة كبيرة بواسطة الإنزيمات الموجودة في الدّم. إذًا هذه الإنزيمات تسبب مشكلةكبيرة بالنسبة إلى البعوض لأن الجرح الذي أحدثته سوف يلتئم في مدة قصيرة، وهذا يعنىأنها لا تستطيع أن تمتص الدم. ولكن الحقيقة أنها لا تواجه مثل هذه المشكلة لأنهاتقوم بصنع مادة فى جسمها وتفرزها وتدفع بها إلى العرق في تلك المنطقة تمنع تخثرالدّم. وبذلك تكمل عملية الامتصاص كما تريد. والبعوضة عندما تلدغ الإنسان من مكانمعين فهذا المكان ينتفخ ويكون فيه احتكاك، وسبب ذلك هو المادة التي أفرزتها داخلالجسم لتمنع تخثر الدّم.
 
لا شك أن جميع هذه المعلومات تضعنا أمام أسئلة كثيرة منها:
1)كيف عرف البعوض أنّ هذا الإنزيم يقوم بتخثير الدّم فى جسمالإنسان؟
2)كيف تمكن البعوض من صنع مادة تبطل مفعول الإنزيم الموجود فىجسم الإنسان؟ كيف يستطيع البعوض صنع هذه المادة؟ وكيف له أن يعرف تركيب هذه المادةالكيميائية؟ وكيف يحدث كل هذا؟
3)كيف حصل البعوض على هذه المعلومات؟ وكيف تستطيع هذه الحشرة أنتصنع مثل هذه المادة داخل جسمها ثم تنقلها بواسطة تقنيتها الخاصة إلى جسم الإنسان؟
 
في الحقيقة إنّ الجواب على هذه الأسئلة بسيط، فالبعوض لا يستطيع أنيفعل أي شيء من هذا، فهو لا يملك عقلاً للتفكير في هذه المعلومات الكيمياوية، ولايملك مختبًرا لإجراء هذه العمليات. فالحشرة التى نتكلم عنها لا يزيد طولها عن بضعمليمترات، وهي خلوٌ من أيّ عقل أو إدراك. إنّ الذى خلق الإنسان هو الذي خلق هذهالبعوضة، هذه الحشرة غير العادية الخارقة، وهو الذي ركبها وفق هذا النظام الخارقالذي يثير الحيرة. إنّه الله تعالى الذي خلق السموات والأرض وما بينهما.
(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّموَاِت وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزيُزُالحَكيُم لُهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَاْلأَرْضِ يُحيْي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّشيءٍ قَديرٌ ( (سورة الحديد: 1-2).
يشارك
logo
logo
logo
logo
logo