يحظى شهر رمضان، سيد الشهور كلها وسلطانها، الذي يُنتظر لـ11 شهرًا بكل شوق، بترحاب يملأه السرور من العالم الإسلامي مرة أخرى في عام 2018. ومثلما كان الشهر في كل عام، حلّ علينا شهر رمضان هذا العام أيضًا بسحره وجماله الخاص.
فالتحضيرات لشهر رمضان، التي بدأت فعليًّا قبل أيام، تعطي إشارة محببة على السعادة التي يشعر بها المسلمون لأداء واجبهم الديني المتمثل في الصيام. لمدة 30 يومًا، وخلال الفترة بين الفجر والمغرب، سوف يصوم مسلمو العالم بدون أن يأكلوا أو يشربوا أي شيء من أجل رضا الله. تعد ليلة القدر ملمحًا مهمًا آخر في شهر رمضان بالنسبة للمسلمين، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن لأول مرة على نبينا -صلى الله عليه وسلم- وتتزامن مع شهر رمضان. يخبرنا الله في القرآن بأن ليلة القدر خير من ألف شهر، لذا فإن ليلة القدر هي مناسبة أخرى تستدعي حماس المسلمين.
يقول الله تعالى في الآية 183 من سورة البقرة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ». فتنفيذ أوامر الله في القرآن يشكل متعة مهمة للمسلمين، ومثلما يفعل المسلمون كي يظهروا محبتهم لله من خلال السجود بين يدي الله أثناء الصلاة خمس مرات يوميًّا، فإنهم يظهرون خلال شهر رمضان شكرهم وإخلاصهم لله من خلال صوم 30 يومًا. يحيط هذا الشعور بالعرفان العالم الإسلامي وكأنه درعٌ لهم.
يحمل هذا الواجب، الذي يعد التزامًا دينيًا خلال شهر واحد من العام، تأثيرًا كبيرًا على روحانية المسلمين. وخلال شهر رمضان، سوف يتناول المسلمون السحور مع أحبائهم ويبدؤون في الصيام، وعندما يأتي المساء، سوف يكسرون صيامهم معًا مع أذان المغرب بوجبة الإفطار المبهجة. وبعد الإفطار، سوف يتجمعون في المساجد ويؤدون صلاة التراويح. سوف يتذكرون إخوتهم المحتاجين، ويساعدونهم بأي طريقة ممكنة. والمؤمنون الذين سيكبحون جماح رغباتهم ويتعلمون السيطرة عليها من أجل رضا الله، سوف يقضون أياماهم يعبدون الله، وسوف يكونون أيضًا أكثر تهذيبًا بالقوة التي يجلبها هذا الشعور الروحاني. سوف يتجنبون الكذب، ومضايقة الآخرين، والنميمة، والفظاظة، وسيحاولون التحلي بالصبر أكثر من أي وقت آخر.
وفي واقع الأمر، قال نبينا – صلى الله عليه وسلم- في أحد الأحاديث الشريفة «الصيام جُنة من النار كجنة أحدكم من القتال». وقال نبينا – صلى الله عليه وسلم- في حديث آخر «الصيام جنة وحصن حصين من النار».
في شهر رمضان، تجد الموضوعات الدينية تغطية أكبر لها في التلفاز والصحف، ويصبح هذا فعالًا في نشر هذه الروحانية في المجتمع بدرجة أكبر. تبدأ الغالبية العظمى من الناس في التفكير في الأمور التي ربما لا يكونون قادرين على التركيز فيها خلال حياتهم اليومية. في وجبات الإفطار التي تكون وقت الغروب، يدعو المسلمون ربهم معًا «بأن يساعد المؤمنين المحتاجين، وألا يجعل أيًّا منهم بلا طعام أو مأوى، وألا يحرمنا من رحمته ونعمه، وأن ينصر المسلمين على من يضطهدونهم، وأن يوحد شمل المسلمين». يساعد هذا على زيادة وعي العالم الإسلامي، ويساعدهم على أن يتحدوا سويًّا في وقت نحتاج فيه إلى الوحدة، والأخوة، والتعاون أكثر من أي شيء.
يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم، مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو، تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى».
فالمسلمون الذين يشعرون، بحسٍ من الشرف، أنهم يشكلون جسدًا واحدًا، سوف يرون أن الأمن والسلام والراحة لإخوتهم المسلمين أكثر أهمية من حياتهم، وسيسعون بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق ذلك.
شهر رمضان، وهو شهر نافع لجميع هذه الجماليات، يرحَّب به في منازلنا مرة أخرى بصفته ضيف شرف. نسأل الله أن يمنح جميع المسلمين حول العالم أن تهلَّ عليهم أشهر رمضان كثيرًا وهم في وحدة، وتعاون، وسلام، وراحة، ورخاء. ونسأل الله أن يقبل الصيام من جميع المسلمين.
https://www.sasapost.com/opinion/ramadan-king-of-months/
https://123news.co/opinions/1008426.html