نحن نعيش في نهاية الزمان، حيث يستشهد الملايين من النساء والأطفال المسلمين الذين تم إهمالهم، أو يحرمون من حقهم في أن يعيشوا حياة إنسانية كريمة، وهذا في جميع أنحاء العالم. فاليوم في سوريا، والعراق، وأفغانستان، واليمن، وليبيا، أطفال صغار يفتحون أعينهم كل يوم على صوت انفجار القنابل، الآلاف من المسلمين يعيشون تحت التهديد المستمر من الموت، ويحاولون الحفاظ على الحياة في مدن مدمرة تمامًا ومهجورة. من الذي يُريد أن يهاجر إلى بلد آخر تاركًا وراءه الزوج والأولاد والأم والأب، والتاريخ، والماضي، والأرض التي ولد فيها؟ من ذا الذي يُريد تجربة هذه الرحلة المضنية، ظمآن وجائع، مع الخوف الدائم من الموت الكامن في كل مكان؟ من يُريد تجربة فقدان طفل؟ ما الذي تغير من جرف المياه للجسم الضئيل للطفل آيلان على الشاطئ - والذي لم تحظ صورته سوى ببضعة أيام من التغطية في الصحافة العالمية - العالم كله صامت وهادئ، وكأنهم يشاهدون فيلمًا، لا يزالون يُكملون مشاهدتهم للمهاجرين وهم يغرقون في البحر ويستشهدون.
عندما سُئل سوري يعيش في منطقة الحرب: "كيف أثرت فيك صورة آيلان؟" كان جوابه كاشفًا للحقيقة العارية عن الوحشية والعنف في سوريا، حيث قال: "كسوري لا يزال يعيش في سوريا حتى عام 2015، لم أتأثر على الإطلاق. ففي حلب، رأيت أشلاء الأطفال تتدلى من الأشجار، لقد استنزفنا دموعنا قبل آيلان بفترة طويلة".
هناك الآلاف من المسلمين الذين يضطرون إلى الهجرة من عدد كبير من البلدان مثل: العراق، وأفغانستان، وفلسطين، وميانمار، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وعلى وجه الخصوص سوريا. اختار هؤلاء الناس المخاطرة بحياتهم في رحلة خطرة فارين إلى بلد آخر، وذلك بدلًا من العيش في أوطانهم خائفين على حياتهم. يغادر العشرات من الناس أوطانهم ليُبحروا في البحر المفتوح، متكدسين في قارب مطاطي صغير. مع الأمل في حياة أفضل، يسافرون في عربات الشحن المُبردة أو يتدلون من أبواب القطار. بدون أن يعرفوا ما الذي سيحدث في مستقبلهم، تجدهم يحاولون الفرار من بلدانهم ولو اضطروا إلى الحفر تحت الأسلاك الشائكة. يوضح علاء هود - والذي حاول السباحة إلى الجزر اليونانية لمدة 3 ساعات، بعد أن بدأ قارب الإنقاذ القابل للنفخ الذي كان على متنه بتسرب الماء، حتى وجده خفر السواحل اليونانية - أنه لا يخاف الموت: "لم أكن خائفًا، لأنه على مدى السنوات الثلاثة الماضية من حياتي، في سوريا، قابلت الموت وجهًا لوجه يوميًا، السباحة في البحر لا تُعد شيئًا بالمقارنة مع ما عشته في سوريا. في سوريا، يسير الناس في الشوارع وتبدأ القنابل في الإمطار عليهم".
في آخر 5 سنوات، فقد 25,000 لاجئ حياتهم في البحر المتوسط، هناك أيضًا الآلاف من الناس الذين فُقدوا ولا يُمكن إيجادُهم، وإذا نظرنا إلى حقيقة أن هناك فرصًا قليلة إن لم تكن معدومة لأن يصل هؤلاء الناس إلى شواطئ أوروبا، فمن المُعتقد أن هؤلاء العشرين ألف شخص في عداد المفقودين من المرجح جدًا أنهم قد لقوا حتفهم في البحر.
في شهر رمضان، وبينما تتصاعد صرخات المسلمين الأبرياء من جميع أنحاء العالم إلى السماء، وبينما يغرق الشرق الأوسط في حمام دم، يقع الكثير على عاتق كل مسلم لتحقيقه، والكثير للسعي نحوه. هذا هو العصر، فقد حان وقت استيقاظ المسلمين، وعلينا أن نفتح مداركنا. ليس الاتحاد الأوروبي، ولا أمريكا هما من سيضعان حدًا لمعاناة المسلمين. بدون إضاعة أي وقت، يجب على المسلمين التخلي عن الأفكار الطائفية والعنصرية، والتخلص من الخلافات والنزاعات والعداء، وعلينا بالتأكيد أن نتحد تحت القيم الأساسية للقرآن. إذا وقف المسلمون صفًا واحدًا، كجسد واحد، إذا ما وقفوا ضد نظام الدجال بأكمله، وذلك باستخدام المعرفة والإيمان كالحاجز الذي لا يهتز، فبالتأكيد لن يكون هناك المزيد من الجثث الصغيرة التي يتوجب علينا دفنها.
رمضان هو الوقت الذي ينبغي فيه أن يستيقظ 1,700,000,000 مسلم ويتحدوا سويًا، يجب علينا جميعًا أن نجتمع معًا ضد القسوة لخلق طوفان عظيم من الحب باستخدام العقل، مع المعرفة، مع الإخلاص والدقة، مع الحب العميق لله، مع روح مراعاة بعضنا البعض. مع هذا الحماس للوحدة، يجب علينا ألا ندع طفلًا بريئًا آخر أو امرأة يستشهدون، كما يجب علينا ألا نترك ولو شخصًا واحدًا مُهملًا في العالم الإسلامي.
"وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" - (سورة النساء، 75).
http://www.raya.com/news/pages/f106c1a9-7073-4d29-87e5-a95a057506df