عدنان أوكطار
يواصل دونالد ترامب – أحد مرشحي الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي ستقام عام 2016 – إثارة الغضب من حوله عن طريق تصريحاته السافرة، فبعد النقد الواسع الذي تلقاه ترامب جراء هجومه اللفظي على الاسكتلنديين، والبريطانيين، والمكسيكيين، والمهاجرين، فها هو ترامب مرة أخرى يتسبب في حدوث موجة من الصدمات وذلك بسبب مقترحه المتعلق بوجوب غلق المساجد داخل الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن هذا لم يكن التصريح الأكثر فظاظة من قبل ترامب، فقد فجرت دعواه "بوجوب منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة في المطلق" الغضب في جميع أنحاء العالم، وقد أصبح جيب بوش – مرشح رئاسي آخر من الحزب الجمهوري – واحدًا من كُثر ممن يوجهون تلك الانتقادات اللاذعة لترامب في أعقاب تصريحاته الاستفزازية.
وجهت إدارة أوباما أيضًا الانتقادات لترامب بسبب مقترحاته السافرة، وقد قال بين رودز – نائب مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما – أن تصريحات دونالد ترامب غذت تلك الدعاية التي يتبناها تنظيم الدولة – التي تخوض الولايات المتحدة حربًا ضده – بأن الولايات المتحدة تخوض حربًا ضد الإسلام.
وجود مثل هذه التحذيرات أصبح أمرًا حاسمًا، وقد أصبح جليًا وجوب اتخاذ بعض التدابير للحد من مثل هذه الخطابات.
وإذا ما دافع السياسيون على نحو غير مسؤول عن عنف الدولة، والظلم، والكراهية، أو بعبارة أخرى: التمادي في حالة الإرهاب التي تمارسها الدولة، فإن العواقب المترتبة على هذا الأمر ربما ستكون مروعة، فالتشجيع على العنف، والتفجير، والتمييز، والظلم، والاستبداد، ومحاولة قلب العالم إلى سجن كبير هو في حقيقة الأمر لا يختلف كثيرًا عن تلك الفلسفة التي يتبناها الإرهابيون.
تحتاج تلك الجماعات المتطرفة التي تدعي أنها تتصرف وفقًا لتعاليم الإسلام والجماعات اليسارية الإرهابية الأخرى إلى بعض الأعداء الرمزيين من هؤلاء ممن يعتمدون على العنف وذلك حتى تتمكن تلك الجماعات الإرهابية من الاستمرار في استخدام دعايتهم. ومع ذلك، وفي عالم تسود فيه المحبة والرحمة لن يجد هؤلاء الإرهابيون أيًا من تلك المواد الدعائية التي يعتمدون عليها.
لهذا السبب، فإنه من الضروري دحض تلك الفلسفة الإرهابية التي تؤمن بأن "العنف والإرهاب قادرون وحدهم على مكافحة وحل إرهاب الدولة، والفاشية، والظلم".
لذلك، إذا ما استمر السياسيون في تشجيع العنف ضد جماعات وفئات بعينها بتلك اللهجة القاسية المستبدة، وبدلًا من العمل على دحض تلك الروايات الإرهابية، فيمكن أن تؤدي تلك اللغة المتعجرفة المجردة من الحب إلى ازدياد وتيرة الإرهاب بشكل أكبر مما هي عليه الآن.
وبالتالي، فإنه من الضروري على السيد ترامب التخلي وبشكل فوري عن مثل هذا النوع من الخطابات الذي يجعل منه الهدف الأول لهؤلاء الإرهابيين. يجب عليه – ترامب – أن يقدم اعتذارًا عن تصريحاته تلك، وأن يوضح بما لا يدع مجالًا للشك أنه لا يمكن أن تُوضع تلك المجتمعات البريئة في سلة واحدة مع هؤلاء الإرهابيين، وأنه من الممكن محو جميع أشكال الإرهاب عن طريق الجهود الفكرية وذلك اعتمادًا على النهج السلمي الداعي للمحبة.
إذا ما استطاع ترامب تغيير أسلوبه في الحديث على هذا النحو الإيجابي فإن هذا قد يكسبه الدعم من الجميع، وسيدفع هذا خصومه أيضًا للتخلي عن تلك الجهود التي يبذلونها من أجل إنهاء مسيرته السياسية بشتى الطرق.
لن يؤدي خطاب الكراهية الساعي لتفجير حرب عالمية جديدة لشيء سوى لجلب المزيد من العداوات لهؤلاء الذين يتبنون هذا الخطاب، سيشعل ذلك الخطاب المحرض على الكراهية ضد الأمريكيين الأفارقة، والمهاجرين، والمسلمين، واليهود، والمكسيكيين، والأفارقة، والروس، واليابانيين، والمجتمعات الأخرى، سيشعل النيران داخل الولايات المتحدة والتي ستنتشر فيما بعد لباقي أنحاء العالم والتي سيصعب إخمادها. ليس بالأمر الصعب تخمين ما يمكن أن يحدث بمجرد أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة وأن هذا قد يؤدي إلى خروج سيكولوجية الحشود عن نطاق السيطرة وقد تؤول الأمور إلى الجنون والفوضى.
وأول من ستبتلعه تلك الاضطرابات العرقية – في مثل هذه الظروف – هي الولايات المتحدة ثم سينتقل الأمر بعد ذلك لبقية أنحاء العالم. لن تتبقى أماكن مماثلة للولايات المتحدة، أو فرنسا، أو العالم الذي يسوده السلام إذا ما فُقدت الفطرة السليمة والمنطق، وقد أصبح جليًا أنه لا أحد يريد أن يرى العالم في مثل هذا الوضع.
وقد قُدر عدد المسلمين الذين يعيشون داخل الولايات المتحدة بأكثر من 7 ملايين مسلم. هناك العديد من المشاهير الأمريكيين الذين ينتمون إلى الإسلام مثل دايفيد شابيل، وسنوب لاين، وبستا رايمز، ومحمد علي، ومايك تايسون، وويل سميث، وجانيت جاكسون، وشاكيل أونيل، وإيمان، وإلين بورستين، ورشيد والاس، وويسلي سنايبس، وأنس الأنصاري، وتوني جونس، نيكول كوين، وعمر ريجان، وموس ديف، وإيكون.
وقد كان المحامي – كيث إليسون – هو أول مسلم على الإطلاق يتم انتخابه لعضوية الكونجرس الأمريكي، وقد انتُخبت باربرا محمد شريف كعمدة لمقاطعة بروارد في ولاية فلوريدا، وهناك أكثر من 20 ألف مسلم مُشتغل بالجيش الأمريكي، كل هؤلاء ليسوا فقط جزءًا أساسيًا من المجتمع الأمريكي وإنما أيضًا هم ثروة كبيرة لهذا البلد.
يجب على الولايات المتحدة – التي هي عبارة عن عُصبة قوية من البشر من مختلف الخلفيات والأعراق والتي أُسست على أساس القيم المشتركة مثل الديمقراطية والحرية – حماية هذا التنوع المجتمعي بواسطة المحبة، الرحمة، والتسامح.
لذلك، فإن العمل على إزالة تلك الفلسفة العوجاء والتي تؤدي لزرع الكراهية وذلك عن طريق بعض الحملات التثقيفية واستخدام لغة المحبة المتأصلة في القرآن، والتوراة، والإنجيل سيكون بلا شك المسار الأفضل لحل هذه المسألة.