هارون يحيى
تفعل منظمات الإغاثة أشياء عديدة للمحتاجين، لكن تحتاج منظمات الإغاثة أحيانًا للدعم العاجل أيضًا.
يُعد وضع منظمات الإغاثة والتي تستمد شرعيتها من المادة 71 في ميثاق الأمم المتحدة، من أبرز القضايا في العلاقات الدولية، إذ تلعب دورًا يكاد يُضاهي في أهميته دور الحكومات أو منظمات الأمن المشتركة، إن لم يكن أعظم، وتمتلك تلك المنظمات هياكل أهلية غير تابعة للحكومات، ولديهم مجال عمل واسع ويمكنهم الوصول للمناطق عالية الخطورة لتقديم المساعدة لهذه المناطق، لأنَّها لا تتبع أجندة اقتصادية أو سياسية.
تقوم الجماعات في مناطق الحرب بإيقاف قوافل الإغاثة على نقاط التفتيش التي يُقيمونها، وعلى الرغم من ضرورة إجراءات السيطرة تلك، إلا أن المساعدات التي تُرسَل للمدنيين، يتم اعتبارها عادةً دعمًا مُقدمًا للعدو يجوز إعاقته، خصوصًا من قبل داعمي النظام، بالإضافة لذلك، تتعرض منظمات الإغاثة أحيانًا لهجمات مسلحة، ويمكن رؤية العديد من تلك الأمثلة في سوريا، ففي نهاية العام الماضي، استُهدفت قافلة إغاثة بقصف جوي وهي تعبر من تركيا إلى عزيز، مما أدى لوفاة 7 أشخاص واحترقت 20 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية، وفي شهر مارس من هذا العام، أعلنت روسيا أنَّ قافلة إغاثة تابعة لهم تم استهدافها.
وتدخُّل الأمم المتحدة له دورٌ هامٌ في هذا التطور، لأنَّ الأمم المتحدة لا تتعرض عادةً لمحاولات إعاقة بشكل متكرر، ويرجع السبب لأنَّ رد فعل الرأي العام الدولي أمام مثل هذا النوع من الهجمات يمكنه أن يكون أسرع وأكثر فاعلية، في الواقع، تلعب تلك الحقيقة دور الدليل الحي على أنَّ فضح مثل هذه الهجمات وطريقة تقبل الرأي العام لها يمكن أن يكون رادعًا.
وتملك الأمم المتحدة منظمة حصرية تهتم بالمساعدات الإنسانية، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية OCHA.
تُنسّق OCHA مع الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، من أجل الاستجابة لحالات الطوارئ. وتُنفَّذ أنشطة OCHA بشكل أساسي بالتعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف UNICEF)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).
وعلى كل حال، منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة هي منظمات متعددة الجنسيات، لهذا هيكلهم بيروقراطي، واتخاذ أية خطوات أمر يستهلك وقتًا، وعندما تظهر الحاجة للمساعدات الإنسانية، فإن أهمية الدقيقة تُصبح أمرًا جليًا، ويُعَد إرسال المساعدات الإنسانية متأخرةً لأسبابٍ بيروقراطيةٍ - للنساء، والأطفال، وكبار السن، والتي قد تنقذهم من الموت - أمرًا غير مقبول إطلاقًا.
وبالنسبة لسوريا، يفرض هذا الوضع بناءً تنظيميًا استثنائيًا على منظمات الإغاثة الصغيرة، عدا الهلال الأحمر، والصليب الأحمر، لكن تشكيل تنظيم استثنائي يعني ضياع وقت كبير، ويُشكل مُخاطرة تهدد الحياة. لكن تنفيذ عمليات الإغاثة للمنظمات المذكورة آنفًا تحت إشراف ورقابة مسؤولي الأمم المتحدة، وتعليق أعلام الأمم المتحدة على قوافل الإغاثة، من شأنه توفير وضع ملائم. والعمل بهذه الطريقة سيمنع الأطراف المتناحرة من مُعاملة جماعات الإغاثة بشك، وبذلك ستتمكن قوافل الإغاثة من التحرك بأريحية، ويعود الفضل في هذا للحماية التي يوفرها علم الأمم المتحدة.
وتَبَنِّي الأمم المتحدة لنظام يزيل عوائق البيروقراطية التي تُعيقها، يُعد الخطوة الأكثر صوابًا، والتي تحمل أهمية حيوية فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية. إزالة الصعوبات، والعوائق البيروقراطية، والعقبات، والمخاطر التي تواجهها منظمات الإغاثة، أمرٌ ممكن تحقيقه من خلال احتياطات وقرارات عديدة، لكن لا شك في أن هذه الخطوات تُعد بالكاد كافية كحلٍ مؤقتٍ لهؤلاء المحتاجين. ولإيجاد حل دائم، يجب تحقيق السلام، والاستقرار، والأمن في هذه المناطق في أسرع وقت ممكن. ولهذا، يجب على الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، والدول الإسلامية في الشرق الأوسط، الاجتماع لمناقشة الحلول الممكنة للمشاكل، ويجب على الدول الإسلامية خصوصًا ألا تنسى أنَّ الوحدة تجلب قوة هائلة.
http://www.harunyahya.com/en/Makaleler/227266/Helping-relief-organizations
http://www.raya.com/news/pages/ad0744ce-31fa-4b67-adbe-91d8fa080cf0