عاش أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجا في التضحية بالنفس والأخلاق العالية. وعلى وجه الخصوص أولئك الذين كانوا يدعون بأصحاب الصفة لقد كرسوا حياتهم كلها لله. لم يتزوجوا، تخلوا عن الاهل و الذرية ولم يطمحوا إلى رفعة ومناصب. لقد حرصوا على صحبة الرسول كل أوقاتهم وتربوا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم.
أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الذين ضمتهم غرفة ملحقة بالجزء الشمالي من المسجد النبوي كانوا يدعون بأصحاب الصفة. لم يتزوجوا وليس لهم أقارب أو لهم قبيلة ينتسبون إليها. لم يعملوا بالتجارة ولا سعوا لكسب المال ولكن كان همهم هو كسب ما عند الله وتحصيل العلم على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. عاشوا بعيداً عن أسرهم وزهدوا في الدنيا وواظبوا على طلب العلم وتحصيل القرآن وما عند الله طول حياتهم والاستماع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. كانوا ما بين 400 إلى 500 من الناس وكان يطلق عليهم أيضاً جند الحكمة. وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حريصا جداً على تلقينهم العلم وتربيتهم.
هؤلاء المؤمنون حقاً الذين كرسوا أنفسهم لمرضاة الله وفي سبيله، ولم يحيدوا يوماً عن نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. حافظوا على تحصيل العلم وقاموا بتبليغه للصحابة الأخرين. في كتاب "لغة القرآن، دين المتقين"
(M.Hamdi Yazir, Hak Dini Kur'an Dili, 2/940)
ذكر المؤلف أن هذه الآية من سورة البقره نزلت فيهم:
(لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة:273)
أتباع المهدي (عليه السلام) إن شاء الله، سيقتدون بهم ويستغلوا كل يوم من حياتهم في العمل لمرضاة الله، لن يتركوا السيد المهدي (عليه السلام) ولن يرهبوا التعب والمشقة. نسأل الله العلي القدير أن يجعلنا من اتباع المهدي (عليه السلام) وأن نكون سبباً في عموم أخلاق القرآن العالم أجمع.