بقلم : هارون يحي
يبدو ان شهر فبراير 2016سيكون علامة مميزة في أزمة اللاجئين السوريين. فها هي قوات الأسد و بدعم جوي روسي تتقدم منذ نوفمبر 2015، وهي الان تحاصر قلب مدينة حلب، كما انها اغلقت كل الممرات بين حلب وتركيا.
وكانت تركيا قد اتبعت سياسة الحدود المفتوحة بينها وبين سوريا والتي تمتد ل 600 كم ، منذ اليوم الأول للازمة. فهناك اكثر من 2.5 مليون لاجئ سوري يعيشون حاليا في الأراضي التركية. وان قدر لتحالف الأسد-روسيا الاستيلاء علي حلب ، فانه من المتوقع ان ينزح مليون لاجئ سوري اخرين الي الحدود التركية .
وتشير التقديرات الي ان حجم الانفاق التركي علي اللاجئين السوريين خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 10 مليار دولار امريكي ، كلها من مصادر تركية بحتة. وفي غضون ذلك تجاهل المجتمع الدولي وجود اولئك اللاجئين في تركيا وتركو البلاد التركية وحدها دون مساعدة.
ان المشكلة الأكثر الحاحا والتي ستطفو الي السطح قريبا تكمن في المليون لاجئ والمتوقع ان يبدأو في النزوح من حلب. ويريد مكتب المفوض السامي للاجئين من تركيا فتح بواباتها لاستقبال هذا الكم من اللاجئين. فمفوضية اللاجئين لا تدري بأن تركيا لم تغلق ابوابها أبدا، امام هذا الشعب المكلوم.
ولم تلق مناشدات تركيا العاجلة الي المجتمع الدولي وتحديدا الامم المتحدة والأتحاد الاوروبي من اجل المساعدة، صدي بنفس درجة هذا الوضع الطارئ. فلعدة شهور تغني الأتحاد الاوروبي بمساعدات عاجلة لتركيا بقيمة 3 مليار يور لسد احتياجات اللاجئين في تركيا. كما تحدث الاتحاد الاوروبي عن توفير تلك المبالغ لاكثر من عامين قادمين.
ويقول رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو في ذلك : " ان الثلاثة مليار يورو ليست بمساعدات من أجل تركيا ولكنها اموال للاجئين السوريين. فهناك سوء فهم ، حيث ان تركيا ليست بعديمة الضمير الانساني، كي تساوم علي اللاجئين ب 3 مليار يورو. فنحن لم نتكلم مع اي احد بخصوص تكلفة رعياتنا لاولئك اللاجئين. فهذه الأموال عبارة عن مساعدات انسانية فحسب وخاصة بالاجئين السوريين، كانت قد عرضها الاتحاد الاوروبي لتخفيف العبء المالي. ولن ينفق سنتا واحدا من اموال الاتحاد الاوروبي علي تركيا"
وفيما يتعلق باحتياجات اللاجئين ، فان ال 3 مليار يورو تلك، غير كافية لتلبية تلك الاحتياجات . فالمطلوب هو تلبية احتياجات الاسكان والاطعام والتدفئة والملابس والمياه النظيفة والتعليم ، لملايين اللاجئين. ان الأزمة والتوتر المتفاقمين في المنطقة تجعلان من التنبؤ بانتهاء الحرب، امرا صعبا. وحتي لو انتهي القتال، فلن يجد اللاجئين مساكنا ولا مدنا يمكن ان يعودوا اليها. ولذلك فانه من المحتمل ان تستمر محنة اللاجئين في الخمس السنوات الماضية لخمس سنوات قادمة علي أقل تقدير. ولهذه الأسباب جميعا، لابد من اعتماد مساعادات مالية بحوالي 30 الي 40 مليار يورو ، بشكل عاجل وذلك في مساهمة حقيقية من أجل هؤلاء الناس اليائسين.
ان اتحادا اوروبيا يقارب ناتجه المحلي السنوي من20 ترليون دولار ، فانه بذلك يمثل اكبر الكيانات الاقتصادية في العالم. وبناءا عليه فانه من غير اللائق لهذه المجموعة القوية ان تساوم مساعادتها الانسانية بحياة البشر وبهذه الطريقة. علي القادة الاوروبيين ان يرفعو صوت ضميرهم فوق كل المصالح القومية والواقعية السياسية، آن الوقت للانسانية وليس للمساومة.