ضربت لنا أزمة اللاجئين الأخيرة خير الأمثلة على الإنسانيّة. فقد تأسست الجمعيات الخيريّة، وجمع الناس الأموال وأطلقوا الحملات. كما فتحت كثير من الدول أبوابها لإخوانها من بني الإنسان. على سبيل المثال، استضافت تركيا ولبنان والأردن والعراق العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، على الرغم من ظروفهم الاقتصادية المتأزمة.
كتب من كانوا أطفالًا لاجئين خلال الحرب العالمية الثانية خطابات دعم إلى اللاجئين السوريين. كما أسست اللجنة الأولمبية الدوليّة فريقًا خاصًا في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016، يتكوّن من الرياضيين اللاجئين من كل أنحاء العالم.
وأطلقت الجماعات المسيحية حملات لتشجيع التبرّع ومساعدة المحتاجين، رغم أن أغلبية السوريين مسلمون.
أجل، كانت هذه هي الأخبار الجيّدة، ولكن لا شك أن السلوك العام لدى العالم تجاه اللاجئين كان ضربًا من ضروب الرفض القاطع. ويبدو أن الحرب والإرهاب والتعصب أثبتت قوتها بما يكفي لأن تجعل كثيرين يغيّرون وجهتهم.
علينا أن نتذكر في البداية ما الذي حدث: إن الحروب والصراعات في أفغانستان، والفقر والصدامات في شمال أفريقيا - والأكثر جدارة بالذكر هي الحرب الأهليّة القاسية في سوريا - هي التي خلقت أكبر أزمة لاجئين شهدها عالمنا على الإطلاق.
على الرغم من هذا، تجاهل معظم العالم، متخذًا موقفًا باردًا، محنة اللاجئين. كما أدّت لا مبالاتهم إلى عدد من الكوارث التي كان من الممكن منعها بسهولة إذا تكاتفت الجهود.
على سبيل المثال:
ڈ يبلغ عدد النازحين داخليًا في سوريا 6.1 مليون شخص، بينما يحتاج 13 مليون سوري إلى مساعدات إنسانية.
ڈ فرّ 4.5 مليون سوري إلى الدول المجاورة. رغم هذا، يمانع المجتمع الدولي في تقديم المساعدة، حتى وإن كانت عبر المساعدات الماليّة إلى الدول المُستضيفة للاجئين.
ڈ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن المال الذي يُجمع من أجل الاستغاثات يقلّ بكثير كل عام.
ڈ فُقِد 10 آلاف طفل سوري لاجئ في أوروبا، وقد تستغلهم جميع أنواع الشرور التي يمكن تخيّلها.
ڈ فقد أكثر من 10 آلاف شخص حياتهم منذ 2014، وهو يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط.
• من المهم لنا نحن المسلمين أن نفهم الأسباب الأساسيّة لهذه اللامبالاة. فيبدو أن التعصّب والخوف هما القوتان اللتان تقودان ممانعة المساعدة، كما لا يمكن إنكار أن كثيرًا منها ينبع من الإرهاب وأسلوب الحياة المتخلف المرتبط بالمسلمين.
إن أول نقطة ينبغي أن توضّح هي أنه ليس هناك مكان للعنف أو الحياة المتصلبة في الإسلام. فالإسلام يشجّع على الحب والسلام والتسامح والتراحم بغض النظر عن اختلاف الأمة أو العقيدة أو النوع الاجتماعي. إنه ينشر أسمى درجات العصرية والمساواة والتهذيب في كل مناحي الحياة لدى الأفراد.
تعتبر الصورة المقترنة بالمسلمين حاليًا صورة ثانوية منهم ولا تتبنى سوى مظاهر مختلفة تشكلت من الخرافات والتقاليد. وبسبب هذه المظاهر الخرافية التي تعطي صورة خاطئة عن المسلمين؛ عانى المسلمون من انحدار متباطئ، لكنه ثابت، عن عصرهم الذهبي، عندما كانوا سائدين في كل شيء: بدءًا من الفنون إلى العلوم، ومن تفوّقهم في التمدّن والهندسة المعمارية إلى احترام حقوق المرأة.
لا تتبع الجماعات الإرهابية القرآن، بل يفترون باختلاق الأحاديث المغلوطة ونسبها إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والآثار الخرافيّة لثقافاتهم القبليّة.
وليس من المُدهش أن بقية العالم غير مُلمّ بهذه التفاصيل. وبمساعدة السلبية المتحيّزة بلا هوادة التي يقودها الإعلام؛ من السهل أن يقعوا فريسة للخوف والتعصّب.
لهذه الأسباب، من واجبنا نحن المسلمين أن نعود إلى ديننا الحقيقي استنادًا إلى القرآن مثلما فعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. عندما يحدث هذا، وبعيدًا عن الممانعة عن مساعدة اللاجئين، لن تستطيع شعوب العالم الانتظار لأن تترابط وتندمج مع المسلمين.
http://www.raya.com/news/pages/7a612271-03fa-497b-bcc7-d150f1450602