يخبرنا الله سبحانه في القران الكريم أن أكثر الناس بعيدون عن التعاليم الروحية للقران الكريم "ولكنأكثرالناسلايؤمنون" الرعد. لذلك بعض الجاهلين من الناس الذين لا يفكرون يعتقدون أنهم على صراط مستقيم حتى ولو أنهم لا يؤمنون بوجود الله سبحانه. وهؤلاء هم ممن يظن أن قوتهم الكبرى وعددهم يعطي لهم الاحساس بالأمان ، وبالتالي فانهم ينظرون الى الاحداث بشكل سطحي ويتصرفون كأنهم أعلى وأفضل من الآخرين. ولكنهم يجهلون حقيقة كبرى هي موالاة الله سبحانه لهم وما وعد للمؤمنين.
(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) النساء 141
فهذه الآيةتقرر أن الله يعطي كل الأفضلية والدعم للمؤمنين
في سورة الشرح يخبرنا الله سبحانه بسره بأن يجعل كل عسر يسرا يحتمله، فالمرض والشفاء من خلق الله سبحانه ومع كل عسر يأتي اليسر والفرج، كما هو مقرر في السورة:
(ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) الشرح 5-6
وهذا الدعم من الله وهذا العون لا يعلم به الا المؤمنون ، وهكذا فليس مهما ما يلاقيه المؤمنون فانهم يتصرفون بإحساس من الرضى والاطمئنان. يقول الله تعالى واعدا عباده:
(والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله شهيدا) النساء 45
ان الذين يشركون بالله غيره ويتكبرون عنه يجازون بكثير من الخوف والرعب. هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ويشركون به خلقه يظنون أن ما يحدث وما هو موجود ليس له معنى وبالتالي فانهم يعيشون في خوف دائم وبأعصاب مشدودة.
(اذ يوحي ربك للملائكة أني معكم فثبتوا الدين آمنوا سنلقي في قلوب الدين كفروا الرعب) الأنفال 12
ان الله تعالى يعين ويدعم المؤمنين خلال حياتهم كلها. لقد أعانهم بإعطاء معجزات للأنبياء وبإرسال جنود غير مرئية وملائكة حافظين وكذلك قد ساق لهم حوادث طبيعية في صالحهم.
قال تعالى:
(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما) الفتح 4
(ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما) الفتح 7
يقرر القران الكريم الدعم الكبير والسند الذي يحظى به المؤمنون فضلا من الله سبحانه الذي له جنود السموات والارض
يخبرنا الله تعالى عن هذا العون للمؤمنين في هده الآيات
(إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون) الصافات 172-173
(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) غافر 51
(ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) لَهُمْ محمد 11
(إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون) آل عمران 122-123
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) آلعمران160
(بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) آل عمران 150
(.. لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) الروم 4-6
ان جميع الناس سيختبرون في ايمانهم بالله وباليوم الاخر وقد يظهر لنا ان الأخيار في هذا العالم يعيشون تحت نفس الظروف التي يعيشها تحتها غيرهم. وفي الحقيقة يعيش المؤمنون نمطا من العيش مختلفا جدا عن نمط عيش الكافرين وكما هو مقرر سابقا فان الله يجعل الامور سهلة بالنسبة للمؤمنين ويهديهم دائما الى كيفية الخروج من الظروف الصعبة. انه بوضوح عون الله تعالى.
يقرر القران الكريم ان الله برحمته الواسعة يعين عباده ويساندهم بصفة لا يتصورونها وبسهولة لا يتوقعونها.
يصف الله تعالى هذا العون بمثل قوله تعالى:
(...ريحا وجنودا لم تروها) الاحزاب 9
(و يرسل عليكم حفظة) الانعام
وهنا نتطرق الى بعض الامثلة لعون الله تعالى للمؤمنين.
يتمثل عون الله تعالى للمؤمنين بصفات كثيرة منها ارساله سبحانه للمؤمنين في اوقات صعبة.
في القران الكريم مثال لكيفية عون الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) آل عمران 124-126
في آية أخرى من القران الكريم يعين الله تعالى المؤمنين بإرسال جنود غير مرئية
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا) الاحزاب 9
ان قرار الله سبحانه أن المؤمنين هم دائما المفلحون هو وعد أكيد ورحمة كبيرة وبالفعل فان المؤمنين لا ينسون ابدا هذه الحقيقة. كل العون يأتي من الله وكل القوة لا تكون الا منه سبحانه. انهم لا ينسون ابدا ان الدعم من الملائكة هو بشرى من الله و مظهر لعون الله وغوثه.
في القران الكريم يخبرنا الله سبحانه بهده الحقيقة
(إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم) الانفال 9-10
ان المؤمنين الدين يعلمون ان الله يقدر على اعانتهم كلما دعوه ورجوه يشعرون برضى وأمان في نفوسهم حتى في الاوقات الاكثر صعوبة ويعيشون حياة طيبة بفضل هذه المعنوية والروحية العالية
(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) النساء 141
لقد جعل الله الكافرين يعتقدون خطأ أن المؤمنين أكثر عددا. وبعكس هؤلاء الكافرين فان المؤمنين ينجحون بفضل ذكائهم وفهمهم وادراكهم وكذلك بفضل المميزات الروحية الجيدة التي وهبها الله لهم
زيادة على ذلك يخبرنا القران الكريم أن الله تعالى يري عدد وقوة المؤمنين أكبر في أعين أعدائهم ليستفزهم ويرعبهم.
هناك قصة مذكورة في القران جرت أحداثها في عصر السعادة النبوية الكريمة:
(وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الأنفال 44-45
ان فئة المؤمنين القليلة التي كانت بالفعل أضعف من فئة الكفار، ومن معجزة الله تعالى أن بدا عدد المؤمنين أكثر ، مما يجعل الأمور أسهل للمؤمنين في سبيل نجاحهم.
في بعض الآيات القرآنية يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه سيضاعف من قوة المؤمنين كلما أراد. ويجازيهم في مقابل صبرهم بإعطائهم أكثر قوة من أجل الفوز بالمعركة
(يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) الأنفال 65-66
ومعنى هذه الآيات أن الله يساند رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في ساحة المعركة بإظهارهم أكثر قوة وأكثر عددا
ان الله هو دائما ولي المؤمنين ، والذي يعطي لهم الدعم، وهو وحده الذي يملك القوة الحقيقية بقوله "كن" . يقدر الله على خلق ما يشاء و الذين يتوكلون على الله ويعتمدون عليه ويؤمنون بقوته الأبدية يعرفون هذا ويعيشون بأمان
تنزيل السكينة الالهية في قلوب المؤمنين
في سورة الفتح يخبرنا الله تعالى أنه أنزل دعما روحيا
(هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما) الفتح 4
(لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) الفتح 18
ينزل الله سبحانه سكينته في قلوب المؤمنين في الأوقات الصعبة من أجل أن يشعروا بإحساس من الرضى والاطمئنان والعزيمة
في الواقع هذا الاحساس هو مع المؤمنين في كل وقت لأنهم يعلمون أن الله هو رب وسيد كل الأمور وليس معهم أي سبب يجعلهم يشعرون بالحزن والهم والقلق. انهم يعلمون هذه الحقيقة
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) آل عمران 160
كل المؤمنين يعلمون أن المصاعب مهما كثرت فإنها مؤقتة . وايمانا بأن هذه الحياة الدنيا أقصر من الحياة الأبدية التي تنتظرهم في اليوم الاخر فانهم يدركون ان الالام التي يكابدونها في الدنيا ستكون لهم منفعة ليبرهنوا على صبرهم وعلى صدق نيتهم وليدخلهم الله جنته
هناك في الجنة لن يشعر المؤمنون بالقلق والحزن والفقر والمشاكل والصعوبات، بل بالعكس سيحيون في وسط نعيم خالد ولهم فيها ما تشتهيه النفس من لذة ونعيم
هكذا فالحياة بهذا الايمان يجعلهم يواجهون كل حدث بثقة كبيرة في ربهم ومن ثم فان ذلك يعطي لهم رضى ربانيا وفرحة تكون أفضل النعم في هذه الدنيا
ان المؤمنين عليهم أن يتذكروا أن كل القلوب وكل القوة بيد الله سبحانه لأنه تعالى هو الذي يخلق ما يشاء ومن يشاء. الذين يبحثون عن السعادة والأمان لي يجدوا طريق هذه النعم اذا لم يهذهم الله تعالى للهدى
الذين يتوجهون الى الله تعالى وينتظرون منه ثوابه سيجدون دائما طريق الهداية والدعم القريب من الله القدير
(بل الله مولاكم وهو خير الناصرين)آل عمران 150
التدمير الآني لكل المكائد ضد المؤمنين
ان الكفار الذين يكافحون ويحاربون المؤمنين يسلكون كل الطرق والوسائل المكيدة مثل اتخاذ تحالفات ضد المؤمنين ونصب مكائد ضدهم. انهم يعتقدون أن عددهم الأكثر من عدد المؤمنين سيتوجهم بالنصر. ولكنهم ينسون أنه ما من اثنين الا الله ثالثهم وما من ثلاثة الا الله رابعهم وينسون تماما أن الله أقرب من أحدهم من حبل الوريد. وعندما يكتمون نياتهم أو يجهرون ضرباتهم فان (الله عليم بذات الصدور) لقمان 23 . أي أن الله عليم بكل خطة من خططهم مهما صغرت وكل مكيدة يحاولون أن ينصبوها
وهكذا فان الله يرصد خططهم في بدايتها مهما عظمت وتعقدت وأنه لا يهم عظم الكيد أو خفاءه فان الله الخالق يخبرنا في القران أنه يبطله
(ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين) الانفال 18
(وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) ابراهيم 46
وفضلا عن هذا يخبرنا الله سبحانه بمكايدهم وأنها لا تضر المؤمنين المخلصين ولكن ترجع ضررها على أصحابها
(استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا) فاطر 43
ان المؤمنين يعلمون أن العون من الله ذي الفضل العظيم هو معهم دائما ويحيون بثقة كبيرة بالله تعالى . انهم يعلمون أن كل حالة لها حكمتها ولها خيرها حتى ولو لم يقدروا على الاحاطة بها
هداية الناس من الله سبحانه ذي الرحمة الواسعة الى الصراط المستقيم وتقوية ايمانهم
كما سبق ذكره فان الله يدعو الناس دائما الى اتباع الصراط المستقيم الذي دعا اليه رسله والكتب التي أنزل لهم. انه يرسل الى كل أمة تحذيرات حتى تكف عن الكفر بالله تعالى والعودة الى الايمان وهذا بفضل كبير من الله سبحانه الذي يريد اليسر لعباده حتى يقووا ايمانهم فيساندوا بأفضل الطرق يخبرنا القران الكريم عن هذا الدعم من خلال هذه الآيات
(الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما) النساء 175
(ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين) البقرة 198
ولكن لا يجب أن ننسى أن الناس لن يهتدوا الى طريق الحق الا بمشيئة الله سبحانه ذي الرحمة الواسعة المطلقة فيختار من يشاء من عباده ويقدر لهم طريق الحق ويهديهم اليها
(ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم) التغابن 11
(فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) الانعام 125
(لله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم) النور 35
وقبل الوصول الى الحقيقة فان كثيرا من الناس في حيرة كبيرة. انهم في أغلب الأحيان مغمورون بالحزن والقلق والغيرة واليأس والغيظ والحقد. وأصغر العقبات تجعلهم في حالة كآبة كبيرة ولكن عندما يعتنقون الايمان ويخضعون الى القدرة والقوة الالهية فان هذا الوضع الروحي التشاؤمي الأسود يزول مباشرة. وهذا ما يسمى التحول من "الظلمات الى النور"
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة 257
(هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) الأحزاب 43-48
انها رحمة كبيرة من الله تعالى الذي خلق بالحياة الانسانية بكل تقلباتها و بفضل هذا تعرف جيدا حقيقة الايمان و العقيدة.