أثناء احتجاجات الجيزي وبعد عمليات 17 ديسمبر على حد سواء، أظهرت بعض الأسماء في وسائل الإعلام الدولية وصفا دقيقا للتطورات في تركيا. يبدو أن الأمور بدت مختلفة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة، وعن تلك الموجودة في الشرق الأوسط، وإعطاء الحرية لليساريين والامبرياليين مع كل أآرائهم المتنوعة على الأمور. كان الجميع يحاول معرفة ما كان يجري، ولكن لم ينتج عن التضليل الا العداء والعدوان والغضب والاضطراب. الشيء نفسه يحدث مرة أخرى نظرا للتطورات الاخيرة المحيطة التي تحيط بتركيا في الأسبوع الماضي. وهذا ما زاد من الصعوبات التي تواجه تركيا والشرق الأوسط والأكراد.
لهذا السبب بالذات، فإنه من المهم تسليط بعض الضوء على بعض النقاط التي تحتاج إلى توضيح.
بعد ما هزم المتشددين في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في سوريا، والذي هو فرع من حزب العمال الكردستاني الإرهابي، من قبل ما يسمى الدولة الإسلامية في كوباني شر هزيمة، أصبحت تركيا فجأة هي الهدف. بدأ الجميع يتصرفون كما لو كانت كوباني جزء من تركيا، وكانت تركيا هي المعتدي. بدأ أنصار حزب العمال الكردستاني يهدد الحكومة التركية. ومن المثير للاهتمام، ان حزب العمال الكردستاني أراد منها ان تزوده "بالأسلحة" كما لو كان ليس عدو للجمهورية التركية. وكان هذا هو الذريعة الحقيقية وراء الاحتجاجات التي عمت الشوارع هذا الأسبوع مما تسبب في وفاة أكثر من 20 شخصا.
الآن دعونا ننظر إلى الأشياء الغير مكشوفة:
حزب العمال الكردستاني هو منظمة إرهابية لينينية ماركسية تم إنشائها لتقسيم تركيا وتحقيقا لهذه الغاية، ودون توقف وبكل جبن كانوا يهاجمون الجنود الأتراك طيلة 30 سنة مضت. هي منظمة معروفة بأعمالها الإرهابية في مدن تركيا واستخدامها للعنف، حتى أنها تستخدم الاحتجاجات الديمقراطية كوسيلة لإطلاق العنان لمزيد من أعمال العنف. كان واحدا من أبرز الأمثلة على تلك الاحتجاجات هو ما حدث في الجيزي ، حيث بدأت الاحتجاجات بشكل سلمي ، وما لبثت ان تصاعدت إلى هجمات عنيفة حيث أعلن حزب العمال الكردستاني ساحة تقسيم "منطقة البلدية المحررة." ولذلك فمن الواضح أن الاضطراب هو أسلوب يستخدمه حزب العمال الكردستاني في تركيا باستمرار كلما سنحت له الفرصة، مستغلا الديمقراطية لتحقيق اهدافة الخبيثة لتقسيم تركيا.
تركيا لديها خيارات مختلفة فيما يتعلق بحل قضية تنظيم الدولة الإسلامية. ومع ذلك، فإن التهديد الحقيقي والخطر بالنسبة لتركيا في هذه اللحظة هو حزب العمال الكردستاني. منذ الانقلاب العسكري في عام 1980، هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها تركيا حظر التجوال وللمرة الأولى منذ ثماني سنوات، تم نشر جنود في شوارع ديار بكر. غضب حزب العمال الكردستاني غضبا شديدا، بسبب الذل والعار الذي لحق به جراء هزيمته في كوباني، وعاث في الأرض فسادا في شوارع تركيا وبدأ بقتل الناس. يحاولون التغطية على إحباطهم بسبب فشلهم في كوباني ومن خلال أعمال العنف في تركيا، البلد المسالم والديمقراطي.
وسائل الإعلام الدولية، وحتى بعض الأتراك، يعزون هذه الحوادث إلى حقيقة أن تركيا لم تسمح للأكراد الذين أرادوا عبور الحدود للمشاركة في القتال. وهذه الفكرة خاطئة لسببين:
الخطأ الاول هواعتبار حزب العمال الكردستاني جزء من الأكراد. الأكراد هم زينة تركيا، مشهود لهم باللطف والنزاهة والشجاعة. كان الأتراك دائما جنبا إلى جنب مع الأكراد طوال تاريخهم وهم يمثابة اخوة واخوات. من ناحية أخرى ،حزب العمال الكردستاني، ، هو منظمة إرهابية لينينية،استخدموا دائما القومية الكردية كوسيلة ضغط، بينما في الحقيقة؛ هم فقط يؤذون مصالح الكرد من خلال أيديولوجيتهم. في الواقع، ومرة أخرى متاجر الاكراد هي التي أحرقت ونهبت وهم الذين تعرضوا للتهديد من قبل حزب العمال الكردستاني للانضمام الى الاحتجاجات في الشوارع ضمن التطورات الأخيرة.
رئيسا للوزراء داود أوغلو يقول، أول مجموعة من اللاجئين الاكراد الذين فروا من سيزري قبل عامين للاحتماء في تركيا هربوا بعيدا بسبب ضغوطات حزب العمال الكردستاني.هذا وحده يكفي لتأكيد حجم الضغوط التي يعاني منها الأكراد السوريين على يد حزب العمال الكردستاني.
لهذا السبب، من الواضح أنه ليس الشعب الكردي هو الذي يريد الذهاب إلى كوباني للقتال، ولكن أنصار حزب العمال الكردستاني هم من يريدون ذلك.
الخطأ الثاني يدعي أن تركيا منعتهم من الذهاب الى كوباني. الحقيقة الوحيدة والواضحة هنا، هي ان اولئك الذين حصلوا على تصريح للذهاب الى كوباني ، هربوا الى تركيا بعد الهزيمة القوية التي تعرضوا لها على ايدي التنظيم . تكبدت المنظمة الإرهابية خسائر فادحة وبالتالي هربت من كوباني، و حتى ما يسمى ب حماسهم للذهاب للقتال هناك ليس إلا مجرد تظاهر.
مفهوم خاطئ آخر هو الادعاء بأن تركيا لا تساعد الأكراد في كوباني. أولا، لا يوجد مدنيين في كوباني. عبد الله الصفتيسي، وهو حاكم المنطقة من قرية سروج في تركيا، التي تستضيف إخواننا وأخواتنا السوريون الاكراد، أفادت رسميا أنه لا يوجد حتى مدني واحد في كوباني وجميع 187،000 من الإخوة الأكراد هم الآن في تركيا. هنا أجزاء أخرى مهمة من تقرير الصفتيسي في:
"أرسلت نحو 800 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية من خلال البوابة الحدودية سروج حتى الآن ... وهي تساوي 25 مليون ليرة تركية. كنا قد قدمت أيضا الدعم لبنيتها التحتية ومرافق الكهرباء والمياه ".
هذا يدل بوضوح على الجهود التي تبذلها تركيا لمساعدة الشعب الكردي.
ومع ذلك ، يتوقع العالم من تركيا مساعدة حزب العمال الكردستاني، وهذا هو السبب وراء التضليل. الطريقة التي يطلب فبها العالم من تركيا دعم المنظمة الارهابية التي لطالما هاجمت جنودنا لسنوات، والتي لطالما روعت الشوارع التركية وملتزمة بتقسيم تركيا، يظهر مدى التصورات الخاطئة الموجودة في العالم. وعلاوة على ذلك، يتطلع الجميع الى تركيا لإتخاذ إجراءات في كوباني، والتي هي جزء من سوريا، وليس من تركيا، وخصوصا عندما تعجز الأمم المتحدة عن فعل شيئا حيال هذا الوضع. رعاية المدنيين في منطقة خارج حدودنا هو دين شرف لنا. ومع ذلك، الضغط على تركيا لتسليح المنظمات الارهابية اللينينية التي رفعت بندقيتها ضد تركيا خارج حدودها، أو لتقديم أي دعم لهم، يعتبر خطأ جسيما.
ينبغي على قوى التحالف ان تدرك أن حزب العمال الكردستاني هو أكثر خطورة ويجب أن يعلموا أنه لا يمكنهم وقف هزيمة حزب العمال الكردستاني في سوريا من خلال إرسال المزيد من الأسلحة أو باستخدام الضربات الجوية. إذا كانوا يريدون حلا لتنظيم الدولة الاسلامية، ينبغي أن يتم ذلك من خلال مشروع منطقة آمنة تلتزم به تركيا. كما أوضح رئيس الوزراء داود أوغلو، الحل في سوريا يجب أن يتضمن إسقاط نظام الأسد والقضاء على حزب العمال الكردستاني. فمن الواضح أن الدول الغربية، والتي لا تتفق مع هذا الطرح، سوف ترتكب نفس الخطأ مرة أخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مما يتسبب في مزيد من اراقة الدماء والفشل مرة أخرى بشكل ملحمي وخرافي.