كل شيء ندركه في حواسنا الخمس هو تفسير للإشارات الكهربية في عقولنا
ucgen

كل شيء ندركه في حواسنا الخمس هو تفسير للإشارات الكهربية في عقولنا

1978
     بالرغم من أن بعض الأشخاص قد يدركون بأن الصور تتألف من إشارات كهربيية في المخ، فهم أيضا قد يشكلون انطباعا بأن الحواس الأخرى تختلف. فهم يظنون أنهم إذا لمسوا أو شموا شيئا بأنهم يتصلون بشكل مباشر مع المادة الملموسة. مرة أخرى، فهم لا يتعدى مستوى إدراكهم أكثر من أنها إشارات كهربية في المخ.
 
     عندما نلمس شيئا بأيدينا فنحن في الحقيقة لا نلمسه بتاتا. هناك رابطة كيميائية تتكون بين الذرات وفي معدل حركة ثابت، وفي الواقع تلك الذرات لا تلمس بعضها البتة. وفي المعنى الفيزيائي، نحن لا نلمس أي شيء نظن أننا لمسناه. ونتيجة لهذا الإحساس الوهمي للمس، فإن الذرات في أيدينا تهتز وتنشأ عنها موجات كهربية، تلك الموجات تتحرك نحو مركز اللمس في المخ وبعدها تتم ترجمة تلك الموجات مباشرة بعد وصولها. وتلك معجزة رائعة. وفي نفس الوقت عندما يترجم المركز البصري الموجات الواردة على أن الشيء المرئي هو "زهرة صفراء" – على سبيل المثال – فإن المركز الحسي للمس يترجم الموجات ما إذا كانت الزهرة ناعمة أو دافئة أو خشنة وغيرها من صفات. وكذلك الإشارات الصادرة من الفم إلى منطقة التذوق في المخ تعطي شعور الطعم أو الحلاوة أو الحموضة للطعام. الإشارات الصادرة من الأنف تصل إلى مركز كشف الرائحة في المخ حيث تعمل على ترتيب المدرك الحسي في المخ والخاص بعبير المادة المعنية. الصوت في الأذنين يصل إلى المخ بأشكال أخرى من الإشارات الكهربية، عندها ندرك أن الشخص الذي ينادينا بأسمائنا هو الأم أو الأب. نحن نستمتع بالنغمات المعدة عن طريق الإشارات الكهربية بعد إرسالها إلى المخ من الأذنين، وليس لدينا أدنى شك بأن النغمة المسموعة هي نغمة الهاتف.
 
وهذه المعجزة العظيمة هي من صنع الله سبحانه وتعالى.
 
     ولكن في الحقيقة ذلك الصوت المسموع قد نتفاجأ بأنه لا ينتمي إلى الهاتف، ولا حتى صوت الموسيقى ينتمي إلى المسجل. لقد جربنا وسمعنا صوت الهاتف، ولكن المصدر الحقيقي لهذا الصوت والذي لم نره، المصدر الذي لم نسمعه على حقيقته لا يتم إلا بمشيئة الله وحده. الشيء الذي نراه في الخارج لم يكن الزهرة الصفراء، الوردة بصورتها ورائحتها وجمالها ما هي إلا إشارات كهربية تصل إلى عقولنا، وليس لدينا أي دليل على أن صورة الزهرة التي نراها هي نفسها صورة الزهرة أم شيء آخر غير الواقع. "بيتر روسل" شرح تلك الظاهرة بقوله:
 
" لو كان ما نعرفه هو الصور الحساسة والتي تظهر في عقولنا، فكيف نتأكد من أن هناك حقيقة فيزيائية وراء حواسنا؟ هل هو مجرد افتراض؟ جوابي هو: نعم، هو مجرد افتراض؛ مع ذلك فهذا الافتراض يبدو أكثر قبولا ".
 
     ليس هناك شك بأنه من غير المعقول بالنسبة لنا أن نعرف ما إذا كانت الصورة والصوت والرائحة والطعم تجسد في عقولنا نفس الحالة الموجودة في الواقع. بالنسبة لتلك القاعدة، نحن متأكدين من شيء واحد؛ هناك عالم قد خلق لنا موجود في عقولنا. ولا نعلم ما إذا كان الآخرون يرون العالم تماما كما نراه نحن. نحن فقط نرى الصور ونسمع الأصوات ونتذوق طعم عالم خلق خصيصا من أجلنا. نحن لا نملك القدرة لتوجيه أي خبرة لأي شيء آخر.
 
     ذاك هو الواقع، ولنا أن نسأل: هل بإمكان الإشارات الكهربية وحدها أن تعطي عالما متناسقا؟
 
بالطبع لا، هو الله رب العالمين، الذي خلق العالم لنا على حقيقته ووضوحه وجماله. لقد نفخ فينا من روحه، وهي الروح التي خلقها الله تعالى وهي التي تعي وتنعم وتبتهج، أما الإشارات الكهربية ما هي إلا أداة فحسب.
يشارك
logo
logo
logo
logo
logo