نعم الله التي لا تحصى للمؤمنين تكشف لهم مدى ضعفهم وحاجتهم إلى الله تعالى هذا الضعف يدفع بهم إلى حالة من الخضوع له سبحانه . المؤمنون يعلمون جيدا أن كل شيء ملك لله و يعرفون أنهم ضعاف وفقراء مقارنة بعظمة الله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } فاطر 15
بالمقابل يعبر المؤمنون عن خضوعهم إلى الله بالتواضع لعباده. لأنهم يدركون أن كل ما يملكونه من قدرات و مواهب ليست من أنفسهم و إنما هي من الله تعالى. وبسبب هذا فهم شاكرون و حامدون لله باستمرار و لا ينسون أبدا أن الله قادر على أن يأخذ كل شيء وهبهم إياه في أي لحظة يشاء.
{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً } الفرقان 63
الأنانية هي السمة الرئيسية لشخصية الشيطان. لذلك فإن "الأنانية" والغطرسة أصل كل الانحرافات و الأحزان. لأن الغطرسة لم تؤد فقط بالعديد من الناس الى الضنك بل أيضا تقودهم إلى طريق الشيطان فالمتكبرون الذين يعصون الله تعالى بعدم خضوعهم و ذلتهم أمامه سبحانه و يبتعدون عن آياته قد خُدعوا بألاعيب الشيطان.
المؤمنون يعرفون أنهم ضعاف أمام الله
المؤمنون في جهد مستمر لفهم وتقدير و استيعاب عظمة الله. لذلك فهم يعلمون جيدا أنهم ضعاف كما يعرفون أن كل المخلوقات ضعيفة أمام الله تعالى. فهم في معاداة مطلقة مع غطرسة الكفار و يخشون الله بإخلاص و لا يترددون في الاعتراف بضعفهم أمام ربهم سبحانه : قال تعالى
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } الأعراف 188
المؤمنون لا يشركون مع الله أحدا
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لله وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ الله شَدِيدُ الْعَذَابِ } البقرة 165
يشهد المؤمنون أنه لا إله إلا الله بإيمان مطلق. ويعلمون أن الله هو الوحيد الذي يستجيب لدعائهم فهم يوقنون بأن الله تعالى يسمع دعاءهم وهوسبحانه خير من يساعدهم فهو قيوم السموات و الأرض. والمؤمنون يشكرون الله تعالى دوما على نعمه التي لا تحصى عليهم بالخضوع التام له سبحانه و تعالى و بقلب خالص و بطاعة صادقة.
المؤمنون لا يبتغون عرض الحياة الدنيا و إنما يبتغون الآخرة
المؤمنون يبتغون الآخرة "مقامهم الحقيقي" و يعلمون ان هذه الحياة الدنيا هي حياة مؤقتة. ويبين القرآن الكريم إخلاص المؤمنين على النحو التالي : { إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ } ص 46
بالإضافة إلى ذلك، يعلم المؤمنون سبب مجيئهم إلى هذه الحياة الدنيا، وهو للإختبار و الإبتلاء وأنهم بحاجة للقيام بالأعمال الصالحة لكي ينالوا رضا الله سبحانه و تعالى. كما بينت الآيات عنهم : ( الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ ) النساء آية 74
اختار المؤمنون عدم الإفتخار بما فازوا به في هذه الحياة، بل إختاروا أن يكرسوا حياتهم لله تعالى و أن يكونوا متواضعين.
المتكبرون ما قدروا الله حق قدره
يريد المتغطرسون التمسك بممتلكاتهم الى الأبد، من جمال و شباب و سمعة حسنة و كل ما هو عزيز عليهم، لا يمكنهم فهم أن الله هو الباقي و كل ما دونه فاني، وان القوة لله جميعا و أن الله هو العظيم ذي القوة المتين. و مع ذلك ما يزال المتكبرون يتحدون آيات الله بسلوك متعجرف.
قال تعالى {... وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِله جَمِيعاً وَأَنَّ الله شَدِيدُ الْعَذَابِ } البقرة 165
المتكبرون لا يحمدون الله
واحدة من أهم خصائص المتكبرين أنهم في أنفسهم لا يشكرون الله حق شكره، و لا يعظمونه، ولا يُقدّرون قوته وجبروته كما هو واضح لهم و لا يؤكدون عبوديتهم و لا ضعفهم لله. وهذا هو التحدي بعينه .المتكبرون يعيشون في حالة روحية ساخطة بسبب عدم حمدهم لله سبحانه. نتيجة لذلك ، يكرس المتغطرسين حياتهم لهذه الحياة الدنيا تحت تأثير الشيطان الحاقد الشيطان الذي يخدعهم بالأعمال الدنيوية و الشعور بالتكبر.
قال تعالى { اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ } المجادلة 19
المتكبرون لا يظهرون الولاء لأحد
أخلاق القرآن تتطلب من المؤمنين الولاء و الإخلاص. لكن، و كما أن الكافرين لا يفكرون إلا في شؤونهم الخاصة و نفوذهم، فهم دائما يتصرفون لما يخدم مصالحم الأنانية. سيكون عبثا أن نتوقع الولاء والتفاني من شخص متكبر مثل هؤلاء الناس هم فقط موالين لأنفسهم.