‮«‬شَهْرُ‭ ‬رَمَضَانَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬أُنزِلَ‭ ‬فِيهِ‭ ‬الْقُرْآنُ‭ ‬هُدًى‭ ‬لِّلنَّاسِ‭ ‬وَبَيِّنَاتٍ‭ ‬مِّنَ‭ ‬الْهُدَىٰ‭ ‬وَالْفُرْقَانِ‭ ‬ۚ‭ ‬فَمَن‭ ‬شَهِدَ‭ ‬مِنكُمُ‭ ‬الشَّهْرَ‭ ‬فَلْيَصُمْهُ‭ ‬ۖ‭ ‬وَمَن‭ ‬كَانَ‭ ‬مَرِيضًا‭ ‬أَوْ‭ ‬عَلَىٰ‭ ‬سَفَرٍ‭ ‬فَعِدَّةٌ‭ ‬مِّنْ‭ ‬أَيَّامٍ‭ ‬أُخَرَ‭ ‬ۗ‭ ‬يُرِيدُ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬بِكُمُ‭ ‬الْيُسْرَ‭ ‬وَلَا‭ ‬يُرِيدُ‭ ‬بِكُمُ‭ ‬الْعُسْرَ‭ ‬وَلِتُكْمِلُوا‭ ‬الْعِدَّةَ‭ ‬وَلِتُكَبِّرُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬عَلَىٰ‭ ‬مَا‭ ‬هَدَاكُمْ‭ ‬وَلَعَلَّكُمْ‭ ‬تَشْكُرُونَ‮»‬‭. (‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬آية‭ ‬18‭).  ‬

بالنسبة‭ ‬للمسلم‭ ‬فرمضان‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬فيه‭ ‬التفكر‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬والسعي‭ ‬لتأسيس‭ ‬علاقة‭ ‬أقوى‭ ‬وأكثر‭ ‬عمقًا‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الله‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فهذا‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فعله‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬دافع‭ ‬خارجي‭ ‬ما،‭ ‬يكمن‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬المعظم‭ ‬الذي‭ ‬كشف‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬السابقة‭. ‬

الصوم،‭ ‬والمرتبط‭ ‬ارتباطًا‭ ‬خاصًا‭ ‬برمضان،‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬العبادات‭ ‬التي‭ ‬يحافظ‭ ‬بها‭ ‬المؤمن‭ ‬على‭ ‬روحه‭ ‬مشبعة‭ ‬بالعطايا‭ ‬الروحانية‭ ‬التي‭ ‬يمنّ‭ ‬الله‭ ‬العظيم‭ ‬بها‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬رمضان‭. ‬الصائم‭ ‬يشعر‭ ‬بمتعة‭ ‬ممارسة‭ ‬عمل‭ ‬تعبدي‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬مدركًا‭ ‬أنه‭ ‬يحقق‭ ‬مراقبته‭ ‬لذاته‭ ‬فقط‭ ‬ليحظى‭ ‬برضا‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬نزاهته‭ ‬وإخلاصه‭ ‬العمل‭ ‬لله،‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬أعظم‭ ‬المنح‭ ‬الروحانية‭ ‬التي‭ ‬تمنح‭ ‬السلام‭ ‬والطمأنينة‭ ‬للقلب‭.‬

الصوم‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬روحاني‭ ‬يحث‭ ‬على‭ ‬الكمال‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬العبادة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العبادات‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يشغل‭ ‬المؤمن‭ ‬نفسه‭ ‬دائمًا‭ ‬بذكر‭ ‬الله‭ ‬ولا‭ ‬يبتعد‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬الخير‭. ‬تصبح‭ ‬روح‭ ‬رمضان‭ ‬تذكرة‭ ‬دائمة‭ ‬بالأعمال‭ ‬والخيرات‭ ‬التي‭ ‬تجلب‭ ‬رضا‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء‭ ‬هناك‭ ‬خصيصة‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬رمضان‭ ‬تفيد‭ ‬المؤمن‭ ‬حقًا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الروحية‭. ‬بسعيه‭ ‬للتفكر‭ ‬بعمق‭ ‬بإمكان‭ ‬المؤمن‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬بوابة‭ ‬تنفتح‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬ذهنية‭ ‬عميقة‭ ‬يشعر‭ ‬فيها‭ ‬بوجود‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬حياته؛‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشعر‭ ‬فيه‭ ‬المؤمن‭ ‬بالامتنان‭ ‬لكل‭ ‬النعم‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬ويشعر‭ ‬بحب‭ ‬أعمق‭ ‬لله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭.‬

يقدر‭ ‬الله‭ ‬عباده‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ويخلق‭ ‬لهم‭ ‬نعمًا‭ ‬لا‭ ‬تحصى،‭ ‬إذا‭ ‬تفكر‭ ‬المرء‭ ‬بعمق‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يأكله‭ ‬ويشربه‭ ‬ويشمه‭ ‬ويراه‭ ‬ويتمتع‭ ‬به‭ ‬ويحبه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬جميلة‭ ‬وتستحق‭ ‬أن‭ ‬تعاش‭ ‬هي‭ ‬نعم‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬لهذا‭ ‬وجب‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬الإخلاص‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬والمراقبة‭ ‬غير‭ ‬المنقوصة،‭ ‬مقابل‭ ‬هذه‭ ‬النعم‭ ‬يشعر‭ ‬المؤمن‭ ‬تلقائيًا‭ ‬بالمتعة‭ ‬في‭ ‬التفكر‭ ‬فيها‭ ‬ورؤية‭ ‬جمال‭ ‬صنع‭ ‬الخالق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل‭. ‬لهذا‭ ‬بينما‭ ‬يعيش‭ ‬المؤمن‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬يصبح‭ ‬اهتمامه‭ ‬العظيم‭ ‬بخالقه‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭. ‬كلما‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬النعم‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬حياته‭ ‬ممكنة‭ ‬كلما‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬فهم‭ ‬أعمق‭ ‬لعناية‭ ‬الله‭ ‬به‭. ‬يملأ‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬قلبه‭ ‬بالامتنان‭ ‬والحب‭ ‬لخالقه‭. ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التنوير‭ ‬للمؤمن‭ ‬والراحة‭ ‬القلبية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬مقارنته‭ ‬بأي‭ ‬شعور‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭.‬

رمضان‭ ‬هو‭ ‬وقت‭ ‬ارتقاء‭ ‬الروح،‭ ‬وقت‭ ‬يغيّر‭ ‬فيه‭ ‬المرء‭ ‬نظرته‭ ‬تجاه‭ ‬حياته‭ ‬والكون‭ ‬كثيرًا،‭ ‬ويستخرج‭ ‬معانٍ‭ ‬أسمى‭ ‬وأعمق‭ ‬لهما‭ ‬كلما‭ ‬اقترب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خالقه‭.

https://www.azzaman.com/?p=233557

http://mshreqnews.net/post/107111