ِعرفْ جيّدًا حزب الاتّحاد الدّيمقراطي
ucgen

ِعرفْ جيّدًا حزب الاتّحاد الدّيمقراطي

1621

الأكراد شعب كبير في منطقة الشّرق الأوسط، وقد ناضل الأكراد منذ سنوات طويلة من أجل إثبات وجودهم في البلدان التي عاشوا فيها في وضعيّة التمزّق الشّتات. ذاق الأكراد صنوقا من الأذى في إيران ما بعد الثّورة وفي العراق زمن صدام حُسين، وفي سوريا لم يتمكنوا حتى اليوم من الحصول حتّى على الجنسيّة السّورية. كما عاش الأكراد ظروفا صعبة جدا في تركيا، وقد حاولوا الاندماج داخل الشعب التركي في صراع شديد بين ما يتعرضون له من تهديد من قبل حزب العمال الكردستاني من جهة وبين ما تُمارسه عناصر الدّولة التّركية العميقة من آلاعيب ومؤامرات.  

ففي الوقت الذي مارست فيه الدّولة العَميقة صُنوفًا من العنف والتعذيب ضدّ المواطين الأكراد المحبين لبلدهم، مثل الأكراد العدد الأكبر من القتلى في ما تمارسه منظمّة حزب العمال الكردستاني الشّيوعية من حوادث القتل في تركيا منذ ما يقرب من 40 عامًا.  هذا الشعب عانى الأمرين طوال سنوات طويلة جدا، وفي العراق وتحديدا في عهد السيد مسعود البرزاني رجل الدولة المقتدر تنفس الأكراد الصعداء، وفي تركيا كذلك شعُروا بشيء من الارتياح بعد فضح الدّولة العميقة وتفكيك خيوطها. 

لكن تنظيم حزب العمال الكُردستاني الإرهابي، وفي إطار "مساعي البحث عن حلّ" يبدو في الظاهر أنه أوقف أعماله الإرهابية في الجبال، لكنه نزل إلى المدن في شكل مختلف من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي؛ في مسعى منه لإقامة دولة غير شرعيّة، وهو بذلك يخالف دُستور البِلاد ومساعي نشر السلم والعدل في البلاد. 

هذا تهديد حقيقي لتركيا، وهو يَصلح لأن يكون موضوعًا لمقال مستقلّ. وفي هذا الخصوص يجدر بنا أن نعود إلى مسألة أكراد سوريا ونلقي نظرة فاحصة عليها، فالتنظيم الإرهابي الذي حاول إقامة نواة لدولة كرديّة في تُركيا بذل مساعي كبيرة منذ زمن طويل لتنفيذ المشروع نفسه في سوريا. ففي سنوات التسعينات نفذ الجيش التركي هجمات عنيفة، وبسبب ذلك اضطر مُقاتلو حزب العمّال الكردستاني  وزُعماؤُه للفرار والالتجاء إلى سوريا.

وفي عام 1999، وعلى إثر الضغط الذي مارسته تركيا على سوريا أُجبرت على إخراج عبد الله أوجلان زعيم تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي الذي تسبب في مقتل حوالي 40 ألفا من الجنود الأتراك و أكثر من 18 ألف من العناصر التابعة للتنظيم، سلّم عناصر هذا التنظيم أنفسهم للمخابرات السّورية، وانتقل بعد ذلك قسم منهم إلى جبال قنديل الواقعة في شمال العراق مركز تنظيم حزب العمال الكُردستاني، وقسم آخر منهم تم استخدامه من قبل حزب البعث في سوريا.

وفي سنة 2003 تم إنشاء حزب الاتّحاد الدّيمقراطي الذي يمثل نسخةً مطابقة للأصل من حزب العمّال الكردستاني التابع لأوجلان. وهذا التنظيم أعلن مبايعته لأوجلان، وجعل اسمه القانوني "كونكري كل" (Kongre-Gel ). (وقد أصبح اسمه  Kongre-Gel بعد أن أُدرج حزب العمال الكردستاني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في كل من الولايات المتحدة الأمركية ودول الاتّحاد الأوروبي).

يعتمد حزب الاتحاد الديمقراطي نظام تعدد الرؤساء والذي يرتبط مباشرة بأوجلان، فصالح مُسْلم يلقي خطاباته بتوقيع من أوجلان، أمّا الرئيس الآخر فهي آسيا عبد الله، وإحدى العناصر المسلّحة التي تعيش في قنديل مركز حزب العمال الكردستاني. أما الأمراء فينحدرون من قادة حزب العمّال الكُردستاني الموجودين في قنديل. أمّا الجناح المسلّح لحزب الاتّحاد الدّيمقراطي فيُطلق عليه اسم YPG .

الشعب الكردي في سوريا على عكس الأكراد المَوجودين في العراق، فهم يخضعون لتحكّم شرس من تنظيم لينينيّ يهدف إلى تأسيس ديكتاتورية بروليتارية، وهم يُعانون بسبب ذلك أشد المعاناة. وقد كشف مركز "كريس كروب Crisis Group" أحد أشهر مراكز البحث أن حزب الاتحاد الدّيمقراطي يضطهد بشكل عنيف كل من لا يؤمن بإيديولوجيّته، والأشخاص المتدينين والشعب الكُردي البسيط1.

وقد كشفت منظمة حقوق الإنسان في تقريرها لعام 2014 والذي يتكون من 108 صفحات عن معلومات خطيرة بخصوص المناطق التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي مثل كوباني والجزيرة الواقعتين في سوريا. وقد حمّلت المسؤولية لهذا التنظيم بخصوص الاعتقالات العشوائية والإخلال بحقوق الإنسان وعمليات القتل المنسوب  لمجهولين وكذلك لعمليات الاختطاف.

وورد في التقرير أنه يتم القبض على المتهمين دون أي أوامر للاعتقال، ويتم حرمانهم من مقابلة محامييهم، كما يتعرضون للتعذيب ويبقون رهن الاعتقال دون محاكمات. كما أنه يتم قريبا إسكات كلّ صوت مُعارضٍ،  وتوجد حالات اعتقال كثيرة جدّا بتهمة الاشتباه في القتل. وفي إطار التقييم، أكد التقرير على أنّ حزب الاتّحاد الديمقراطي هو عبارة عن جزء من حزب العمال الكردستاني الإرهابي الموجود في تركيا، وممارساته تثير قدرًا كبيرًا من القلق2. 

 

كما أن تعليقات الصّحف الغربية تثير الانتباه في هذا الخصوص؛ فبعد أن قدم جامي داتمر في صحيفة ديلي باست جملة من المعلومات عن طبيعة الحكم في المناطق الكردية في سوريا قال ما يلي "إن حزب الاتّحاد الديمقراطي هو الجناح الاستبدادي لحزب العمال الكردستاني".

"إن أهالي كوباني من الأكراد حذرون جدًّا من توجيه أيّ انتقاد لحزب الاتحاد الديمقراطي؛ ولا أحد إطلاقًا من الذين ينتقدون هذا التنظيم يرغب في الكشف عن هويته الحقيقية. إن الحزب (حزب الاتحاد الديمقراطي) أحال حياة المعارضين إلى جحيم لا يُطاق".

" أكثر المقاتلين الموجودين في كوباني ليسوا من الأكراد السوريين، بل هم عناصر من حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضمن المنظمات الإرهابية. القادة الذين يُعطون الأوامر بالحرب في كوباني، والنساء اللائي يظهرن في تقارير وسائل الإعلام الغربية في أثناء الحصار ليسُوا في الحقيقة من القادة المحلّيين".    

من بين هؤلاء أشخاصٌ قدموا من أكراد منطقة قنديل. وقنديل توجد في شمال العراق على مسافة نحو 30 كلم من تركيا. وقد اتّخذ منها تنظيم حزب العمال الكردستاني الانفصالي مجالاً لتدريب مُقاتليه في مخيمات التدريب هناك، وهذا يشير إلى المناطق الجبلية التي تُمثل ملجأ لعناصر هذا الحزب"3.  

والأوضاعُ نفسُها عاشتها منطقة تل أبيض في الآونة الأخيرة، فقد أوضح جمعة أحمد وهو أحد السّكان التّركمان أنّ القوات التابعة لحزب الاتّحاد الديقراطي اِستولت على بيوتهم وممتلكاتهم، وأحرقت الوثائق الشخصيّة للأهالي وأعلنت أن هذه المنطقة تابعة لهم، وأضاف " لقد أَجبرُونا على ترك قريتنا وقالوا: من الآن فصاعدًا هذه سوف تُدعى رُوجُوفا"4.     

وفي هذا الإطار يجدُر بنا أن نورد ما قاله أبو عبد الله زعيم الجبهة الإسلامية الكردية "لقد خرجنا من سُجون الأسد ثم دخلنا إلى سجون حزب الاتحاد الديمقراطي،  لا شيء تغيّر بالنّسبة إلينا5".  ومن المهمّ التذكير هنا بأنّه في عام 2011م كان أوّل اللاجئين الأكراد إلى تركيا بسبب ظلم حزب الاتحاد الديمقراطي وليس بسبب نظام الأسد.

أما الدّعم الذي يتلقّاه حزب الاتّحاد الدّيمقراطي من قبل نظام الأسد فذلك موضوع آخر. ووفقا للقضية التي تدور مُجرياتها في تركيا بخصوص الدعوى المفتوحة بحق الجانح المسلح التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي (KCK ) فإن أوجلان وجه رسالة عن طريق محامييه إلى بشار الأسد عام 2011م، وجاء في الرّسالة أنه في مقابل الدعم الذي يقدمه الأسد لحزب الاتّحاد الدّيمقراطي فإن الحزب سوف يدعم النّظام في سوريا 6. وبالنتيجة فإن حزب الاتحاد الدّيقراطي يخدَع الولايات المتحدة الأمريكية ويشتغل لمصلحة نظامِ الأسد.   

ونحن نريد أن نبيّن الأمر التالي: لا يوجد لدينا أي اعتراض على إقامة دولة كرديّة في سُوريا والعراق، بل إنّ ثمة عرض تركيّ لتقديم الدّعم للسّيد البرزاني وسوف يكون دعما قويًّا، وتركيا مستعدّة لتقديم الحماية وتقوية الدّولة وإسنادها.   

هذا التنظيم الذي يبدو في الوقت الحاضر أنه يدعم الولايات المتحدة الأمريكية هو في الحقيقة يكنّ لها الحقد الدّفين، ويعتبر أنها دولة اِمبريالية شأنها شأن إسرائيل (تنص وثيقة تأسيس هذا الحزب على ضرورة القضاء على الدّول الامبريالية)، وهذا الحزب يتلقّى الدعم من جميع الدول والمجموعات الشّيوعية في العالم؛ ومن هذا المنطلق يتلقى الدّعم كذلك من حزب البعث السّوري.

وبالنتيجة فإن الدّولة الكردية الشّيوعية التي سيتمّ إنشاؤها بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية-  والتي سوف تكون تحت سيطرة حزب العمّال الكردستاني –سوف تتّخذ من تركيا، بما تمثّلة من موقع استراتيجي مهمّ منطلقًا لها باتجاه الشرق الأوسط وبلاد القوقاز والدّول الأوروبيّة، وبذلك تشكل هذه الدولة كابوسًا للعالم كلّه.       

في هذا الخصوص يتعين التأكيد على ضرورة اتخاذ موقف واضح؛ إن الأكراد هم تاجُ فوق رؤوسنَا، عرضُهم من عرضِنا، وكرامتهم من كرامَتنا، وهم إخواننا. أمّا حزب العمال الكردستاني وحزب الاتّحاد الدّيمقراطي وجناحه المسلّح فهم يحاولُون استخدام يافطة القوميّة الكرديّة من أجل إخفاء نواياهم الحقيقيّة المتمثّلة في إقامة دولة شيوعيّة ذات طابع إرهابيّ. وعند تقييم الوضع في سوريا ينبغي الانتباه لضرورة الفصل بين هاذين الأمرين وإدراك حقيقة المَخاطر المُحدقة بالمنطقة.                                                                                              

1. http://www.crisisgroup.org/en/regions/middle-east-north-africa/syria-lebanon/syria/151-flight-of-icarus-the-pyd-s-precarious-rise-in-syria.aspx

2. http://www.hrw.org/news/2014/06/18/syria-abuses-kurdish-run-enclaves

3. http://www.thedailybeast.com/articles/2015/06/02/town-the-u-s-helped-save-now-run-by-terrorists.html

4. http://www.mcclatchydc.com/2015/06/13/269821/ethnic-cleansing-charged-as-kurds.html#storylink=cpy

5. http://www.timeturk.com/tr/2013/08/01/esed-in-zindanlarindan-ciktik-pyd-zindanlarina-girmeyiz.html#.VJZcxsBGo

6. http://ajanshaber.com/-ypg-pkk-tarafindan-kuruldu-haberi/132098

http://www.sasapost.com/opinion/kurdistan/
يشارك
logo
logo
logo
logo
logo