تشير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى أن كل عام يشهد إهدار ثلث الغذاء الذي يُزرع في العالم. يبلغ سعر هذا الاتجاه المقلق ثلاثة مليارات دولار، وهو مبلغ صاعق؛ إذ يصل حجم إجمالي الإنتاج المُهدر في الولايات المتحدة وحدها إلى حوالي 50%، والذي يعادل - عند احتسابه مضافاً إلى الإنتاجات الغذائية الأخرى - ثلث الغذاء كله، تشير تقديرات المسؤولين إلى أن 50% من إجمالي الإنتاج الغذائي حول العالم لا يصل على الإطلاق إلى موائد الأشخاص.
وفي غضون ذلك، يخلد 815 مليون شخص كل يوم - أي شخص واحد بين كل تسعة أشخاص - إلى النوم بمعدة فارغة، والأكثر من هذا أن التقديرات توضّح أن كل عشر ثوان يموت شخص بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة بالجوع. يواجه 8.7 مليون شخص في سوريا انعدام الأمن الغذائي، ما يعني أنهم لا يملكون مصدراً موثوقاً للأطعمة المغذية ذات الأسعار المعقولة.
رغم هذا، لا توقف هذه المشكلة المؤلمة الإهدار المرعب في الطعام الذي يحدث في مناطق أخرى من العالم. على سبيل المثال، عرض مقطع فيديو التخلص من نصف إنتاج الموز الصالح للأكل والطازج في مزرعة أسترالية لأن هذه الكمية لا تناسب الحجم والشكل المحدّد في المتاجر الكبرى. ويُرفض ما يقرب من 87% من الطماطم صالحة للأكل وغير معطوبة - في مزرعة بكوينزلاند ويتم التخلص منها، والسبب بكل بساطة أن مظهرها لا يبدو جيداً بما يكفي. تعد هذه الكميات المُهدرة ذات جوانب مثيرة للقلق نظراً لظهور الفيديوهات الجديدة التي تعرض بؤس المجاعات التي تقع في سوريا.
وتشير الدراسات إلى أن المياه المستخدمة لاستزراع الكمية المُهدرة يمكنها أن تغذي تسعة ملايين شخص يومياً. والأكثر من هذا أن انبعاثات الغازات الدفيئة، التي تسبّبها الكميات من الطعام المُهدر، يعزى إليها 10% من إجمالي الانبعاثات، وثمّة أيضاً القضية التي تتعلق بالاستخدام غير الضروري للأراضي الزراعية القيّمة حول العالم. وفقاً للدراسات، تُستخدم 30% من الأراضي الزراعية في استزراع منتجات لا تؤكل على الإطلاق، فضلاً عن أن الطعام المُهدر يستهلك مساحة كبيرة من الأرض، وهي مسألة إشكالية إذا وضعنا في الاعتبار أننا بالفعل ننتج كمية كبيرة من القمامة ولا نمتلك سوى مساحة صغيرة لنضعها فيها.
وتشير الحقائق إلى أننا قادرون على إنتاج طعام يكفي لكل شخص على وجه الأرض ويفيض. وبفضل الله، توجد علامات تشير إلى التحسن، إذ يصير الناس أكثر إدراكاً لأبعاد المشكلة، ومع مرور كل يوم تنضم شركات جديدة، وينضم أفراد جدد، إلى المواجهة ضد مسألة إهدار الطعام. على سبيل المثال، يُدعى تجار التجزئة في فرنسا إلى التبرع بالطعام الذي لا يزال جيداً إذا كانت هناك خطورة من إهداره، كما بدأت عدة أسواق في تركيا والدنمارك والمملكة المتحدة في بيع الطعام الذي لا يزال صالحاً بأسعار مخفّضة جداً إذا اقترب تاريخ صلاحيته من الانتهاء.وهناك خطوات عديدة يمكن أن تُتخذ على مستوى الأفراد والحكومات، مثلا سيكون من السهل على البلديات أن تصمّم تطبيقاً على مواقع التواصل لجمع الطعام الذي يُمكن التبرع به. يمكن للمنازل والمطاعم وتجار التجزئة أن يخبروا البلديات بالطعام الذي يرغبون في التبرع به، ومن ثم تكون البلديات قادرة على جمع كميات كبيرة من الطعام الآمن والنظيف بصفة يومية.
يعاني عالمنا في الوقت الحالي من مشكلات عديدة، إذ يوجد العديد من الأشخاص الذين يعانون جرّاء الحروب والصراعات والعنف، فدعونا لا نضيف إهدار الطعام إلى قائمة المشكلات.
http://www.raya.com/news/pages/b97a79c2-c048-46ec-a15e-ed2eb9357bf7