بينما يهل علينا بقلوب شغوفة رمضان آخر يقربنا إلى الله، لنتبتل له سبحانه وتعالى بإخلاص وتجرد، هناك إخوة وأخوات لنا في العقيدة يعانون الاضطهاد في شتى أنحاء العالم، لا يغيبون عن أذهاننا، ولا تخلو صلواتنا من الدعاء لهم.
إن شعوب الشرق الأوسط المضطهدة تعاني الويلات والمتاعب في ظل الحصارات الظالمة، والغارات الوحشية. إن إخواننا وأخواتنا الذين يعيشون في سوريا، وفلسطين، والعراق، وأفغانستان، وبورما، وكشمير، وتركستان الشرقية، وباتاني، والفلبين، والقرم، وفي كثير من الأماكن الأخرى في شتى أنحاء العالم، يتعرضون للاضطهاد، والتطهير العرقي، والمجازر، والتعذيب الذي يهدف إلى تدميرهم. فمن أجل خلاص كل المسلمين في العالم، من الضروري تأسيس وحدة وتضامن بين كافة المسلمين.
يستحيل أن نمحو من ذاكرتنا صور الأبرياء الذين استشهدوا من جراء القنابل والأسلحة الآلية، وأجساد الأطفال التي تراصت بعضها بجانب بعض. في أجواء شهر رمضان الذي نعيش نفحاته هذه الأيام، لا يغيب عن أذهاننا ودعواتنا إخواننا وأخواتنا الفقراء، ونؤكد أننا سنبذل أقصى ما في وسعنا من أجل المساعدة في تأسيس الوحدة الإسلامية الضرورية لخلاصهم.
إن الوحدة، والتكافل، والتعاون، والصداقة، والإيثار، وتقديم العون وغيرها من السلوكيات الطيبة هي أسس القيم الأخلاقية للقرآن الكريم. كما أن القيام بدور موحد بين المؤمنين، وتشجيعهم على حماية بعضهم بعضًا هو ركيزة الإيمان والصفات الأخلاقية التي أمر بها الله تعالى. ولا يجب التغاضي عن الأخلاقيات السيئة مثل الغضب، وسوء النية، والخصام بين المؤمنين، بل لا بد من اتخاذ القيم الأخلاقية القرآنية أساسًا في شتى الأمور. لا شك أن السعي لإصلاح مثل هذه المواقف، وتبني موقف موحد وسلوك تصالحي، أحد أشكال العبادة التي أمرنا الله بها. فقد أمر الله المؤمنين بذلك في الآية الكريمة:
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)». (سورة الحجرات)
يُتوقع من المؤمنين أصحاب الأخلاق الحميدة، والضمائر اليقظة، والصادقين، والمخلصين أن يدعو بعضهم بعضًا دائمًا إلى الأمور الطيبة، والصداقة، والأخوة، ويحث بعضهم بعضًا على التوحد والتكافل بما يتوافق مع آيات الذكر الحكيم. علاوة على ذلك، يبين الله للمسلمين كيف سيكفل برحمته أولئك الذين يتبعون أوامره، ويسعون إلى تحقيق الوحدة والتكافل بين المسلمين، ويبشرهم بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة. يذكر الله تعالى المؤمنين في آية أخرى كيف أن التخاصم والمشاحنة فيما بينهم يؤدي إلى الوهن والضعف.
قال تعالى «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)». (سورة الأنفال)
المؤمنون مأمورون في مختلف الظروف بنهي الناس عن المنكر، وأمرهم بفعل المعروف، وحثهم على الأخلاق الحميدة، والصبر والتحمل في هذا السبيل. وكما أن من واجبهم حل أي خصام ينشب بينهم وبين غيرهم من المسلمين بطريقة ودية، هم ملزمون أيضًا بالإصلاح بين فئتين مسلمتين إذا ما نشب بينهما نزاع، وحثهم على التعاضد، والتكافل، والحب، والسلام، والأخوة. فهذا السلوك الإصلاحي شرط رئيسي لتحقيق مراد الله. فقد أمر الله تعالى المؤمنين في القرآن بما يلي:
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)». (سورة الحجرات)
وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك الأمر في أحاديثه على النحو التالي:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كُرَب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة…».
وقال – صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ…».
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «… من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه…».
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده».
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ…».
عسى الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل دعاءنا، وينزل السكينة والأمان على جميع إخواننا وأخواتنا المظلومين، الذين لا يغيبون عن خاطرنا طرفة عين مع صيامنا وإفطارنا، إلى جانب جذوة حب الله المشتعلة في قلوبنا.
https://www.sasapost.com/opinion/our-calls-in-ramadan/
http://mshreqnews.net/post/108861