انها حقيقة تاريخية، لم تفيد الديكتاتوريات والانقلابات العسكرية الإنسانية يوما في التاريخ. مهما كانت دوافه، فالانقلاب هو طعنة مميته للديمقراطية، لا يمكن ولا باي حال من الأحوال ان يكون شرعيا او مبررا، لا يمكن السماح به. بغض النظر عما لديهم من عيوب أو الأخطاء التي ارتكبوها، فالحكومات التي أتت الى السلطة من خلال الانتخابات الديمقراطية، يجب نصحها بأسلوب متحضر من خلال المعتدلين من خلال اللقاءات المتبادلة في إطار احكام القانون الديمقراطي. لذلك ينبغي على الناس التي تؤمن بالديمقراطية، وبغض النظر عن رأيهم او أفكارهم أو انتماءاتهم السياسية، عليهم ابداء ردة فعلهم على هذه الخطوة المتخلفة في مصر وان لا يبقون صامتين، وعكس ذلك لا يكون سوى خيانة عظما للديمقراطية.
أي دعم يمكن ان يقدم لهذا الانقلاب يعتبر قدوة سيئة للمجتمعات الأخرى، وستكون له عواقب وتداعيات ربما تصل الى الدول الغربية، كان هناك محاولة انقلاب في فرنسا، كما وسجل التاريخ حالات عنيفة من التمرد وعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في كل من المانيا والولايات المتحدة.
في مصر، يعتبر احتجاز الرئيس مرسي وأعضاء حزبه ومسؤولين حكوميين واخضاعهم لقيود إدارية خال من أي أساس قانوني أوي شرعي. لا يوجد أي تبرير لسلب الناس حريتهم بشكل تعسفي. ينبغي الافراج عنهم فورا، وان يكون ذلك على أولوية الدول الديمقراطية في كل العالم.
من اجل تصحيح الأوضاع في مصر، فمن الأهمية بمكان اجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، في غضون شهر او نحو ذلك، واستدراك ما فات سلب للديمقراطية، يجب التأكيد على ان يدخل مرسي الانتخابات القادمة دون أي مشاكل، وهو والذي حصل على 52% من أصوات الشعب المصري. وألا فأن استبدال مرسي المنتخب شرعيا بشخص اخر غير معتمد من اغلبية الناس، يكون مخجلا على الصعيد الدولي لكل من الشخص نفسه والديمقراطية في العالم. هذا، ويعتبر إطلاق النار على المصليين عمل جنوني ووحشي ونذل بكل تأكيد، وغير مبرر اطلاقا. وإذا حدثت اعمال انتقامية ردا على مثل هذا الفعل، فاعلم الن الوضع الأمني في مصر سيتفكك بسرعة.
في هذه الحالة، هناك شرطين اساسين لكي تستطيع مصر الخروج من هذه الأزمة: أولا، يجب انهاء هذه الاعتقالات التعسفية والغير قانونية فورا، واجراء انتخابات ديمقراطية في أسرع وقت ممكن. ثانيا، يجب على شعب المصر التخلص من العصبية فيما يتعلق بفكره الاجتماعي والإداري وهيكليته الاجتماعية.
ان العقلية المتعصبة التي تعتمد على مصادر أخرى غير-القران والسنة -، والمنتشرة ليس فقط في مصر وانما في كل دول الشرق الأوسط، هي فهم خاطئ للإسلام. هذا التعصب مخالف تماما لجوهر الإسلام وروح القران. وهو السبب الوحيد وراء خلو العالم الإسلامي من الفن والعلوم والتكنولوجيا، وهو تخلف. لذلك، هناك أسباب مشروع لمرسي لإعطاء الأولوية للفن، الجمال والجماليات. يجب على جماعة الاخوان المسلمين ان تكون قضوه للحداثة، وان تتيح للجميع ان يلبس بطريقة انيقة ونظيفة وبأسلوب حضاري، وان تسمح للشباب ان يستمعوا للموسيقى وان يمرحوا.
ستكون الحريات مؤازرة للدين، لان الدين يزدهر في جو من الحرية. ان المقياس التي يجب ان تحتكم عليه الحركة السياسية الدينية هو الحب والرحمة والعدل والديمقراطية التي جاءت في القران وبالتأكيد ليست العقلية المتعصبة. انه من المهم غرس روح الحب والاحترام في المجتمع، واحتضان الناس بمختلف آرائهم وحركاتهم، دياناتهم واعتقاداتهم وإظهار اهتمام كبير بحقوقهم، حرياتهم وجودة حياتهم. يجب وضع أساس مناسب يعتمد عليه الناس من مختلف المعتقدات والآراء وان يشعر كل واحد فيهم بالحب والاحترام تجاه الاخر. ضمان ذلك هو مهمة أساسية تقع على كاهل الدولة.
الى جانب ذلك، يمكننا ان نتحدث عن دولة قوية، فقط عندما يحصل الشباب على حقوقهم في الحياة الاجتماعية وضمان حرياتهم. لهذا، فانه من الأهمية بمكان، ان تعطى النساء الاولوية والاهمية وهن الطرف المضطهد من خلال التعصبية، وان يحصلن على مكانة المناسبة في الحياة الاجتماعية والسياسية: إذا كانت النساء مرتاحة وامنة فحتما سيكون المجتمع مسالم. يجب إعطاء الأولوية لحقوق النساء وان يعاملن باحترام كبير. هذا، ويضمن القران تلك الحريات للمرأة وذلك لان الإسلام يحرم القمع والاكراه، وخصوصا تلك الممارسات والقواعد القاسية التي تفرض باسم الدين. لو ان أنصار مرسي عملوا على تشجيع مفهوم الإسلام المعاصر، لكان هناك ارتياح كبير. انه لمن الضروري جدا الإصرار على تطوير السياسات المبادرة في ازدهار الفن، الموسيقى والعلوم وتربية الأجيال المعاصرة، العالمة، المثقفة، النظيفة والمستقيمة أخلاقيا وانسانيا.
وفي الختام، لم يفت الأوان على أي شيء. انه لمن العبث فرض نظام خانق مع معرفتنا المسبقة بان هذا النظام لن يحقق اية نتائج. المهم هو ان نقيم الاحداث عن بعد وبوجهة نظر عقلانية وتحديد نقاط الخلاف وفتح صفحة نظيفة مليئة بالحلول العقلانية.