خلال الاعتداءات الأخيرة من قبل القوات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي استمرّت منذ السّابع عشر من تمّوز تمّ تدميـر أكثر من 17 ألف منزل منها 2465 منزلا دمرت تدميرًا كليا، وقُتل ما يزيد على 2150 شخصًا. لقد تمّ إلحاق الأذى بـأكثر من 25 مستشفى ومؤسسة صحية في هذا العُدوان. وأفادت وكالة غوث وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنّ أكثر من 170 ألف فلسطيني لجأ إلى مدارس الأمم المتحدة في غزّة، وتجاوز عدد الجرحى الـ 10 آلاف جريح. إن غزّة الآن في حاجة ماسة للمساعدة بالغذاء والصّحة والسّكن.
الفلسطينيّون يعيشون في ظروف قاسية جدّا، ليس فقط في غزة، ولكن أيضا في مخيمات اللاجئين في البلدان الأخرى. فعلى سبيل المثال، هناك 20 ألف من الفلسطينيين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في مخيم اليرموك في سوريا على الرّغم من انتشار الجوع والحرب الأهلية الدائرة في البلاد. ومن المستحيل أن ننسى صور النّاس الذين يتضوّرون ويموتون جوعا في مخيم اليرموك.
الفلسطينيّون الذين فروا من الحرب الإسرائيلية العربية لجأوا إلى بلدان أخرى غير سوريا، وخاصة الأردن ولبنان. وقد ظهرت العديد من الأمراض في المخيّمات بسبب الظروف غير الصّحية في هذه المخيّمات. وقد أصبح الوضع أكثر صعوبة لعلاج المصابين. هناك نحو مليون و800 ألف شخص يعيشون في المخيّمات في قطاع غزة والضّفة الغربية على مدى عقود. والعدد الإجمالي للاّجئين الفلسطينيّين يقارب خمسة ملايين، وهذا الرّقم يمثل 70٪ من جميع الفلسطينيين.
التّركمان والشّيعة يفرّون هم كذلك اليوم من هجمات تنظيم الدّولة الإسلامية في العراق وبلاد الشّام، وهذه موجة جديدة من اللاجئين؛ والأطفال هم الأكثر تضرّرًا من شدة الحرارة والظروف القاسية. وخلال الفترة القريبة الماضية توفّي خمسة أطفال بسبب الحرارة في مخيم للاّجئين التّركمان.
يعاني اللاّجئون السّوريون في الوقت الحالي أوضاعا قاسية، ويصف الدّكتور بسام ضويحي، وصف رئيس الحملة العالمية لنصرة الشعب السوري الوضع في سوريا بالقول إنّ 300 ألف شخص قد لقي مصرعه، وأصيب وسجن نحو 400 ألف آخرون، وتمّ تدمير مليون ونصف المليون منزل. وهناك ما مجموعه 11 مليون لاجئ، ستة ملايين في سوريا وخمسة ملايين في البلدان المجاورة. ومن غير اللائق تمامًا أن يدير أي مسلم ظهره لهذه الوقائع، أو يتخلى عن واجبه في المساعدة والبحث عن حلول جذريّة لهذه الأزمة المستفحلة.
لا تقتصر المشاكل في البلاد الإسلامية بأي حال من الأحوال على سوريا وفلسطين، فالعديد من الشّعوب المسلمة، بما في ذلك الأويغور الأتراك والعراقيّون والأفغان، والصوماليون والسودانيون وغيرهم يتطلعون إلى أصحاب الضّمائر الحية والخيّرة من أجل المساعدة.
أشارت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) في تقريرها إلى أنّه بسبب الظروف المناخية وارتفاع أسعار المواد الغذائية هناك 33 بلدا، 26 منها في أفريقيا تحتاج إلى المعونة الغذائية الخارجيّة. وتقول منظمة الأغذية والزراعة إن 870 ألف شخص في حاجة ماسّة للمساعدات الغذائية في الصومال، و3.5 مليون في جنوب السّودان، وخمسة ملايين في السّودان. وهؤلاء يتكونون أساسا من النّازحين أو الذين يعيشون في فقر مدقع في المناطق الريفية.
وتقول الأمم المتحدة إنّ عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات الغذائية في السّودان هو أعلى من العام الماضي. وصرّح منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر أنّ الوضع في السودان لا يقلّ خطورة عن سوريا.
إن الظّروف سيّئة للغاية في الصّومال أيضا، ووفقا لأرقام الأمم المتحدة، هناك 870 ألف شخص في حاجة إلى المساعدات الغذائية من أجل البقاء على قيد الحياة.
هل نحن حقا غير قادرين على توفير ما يكفي من المساعدات لهؤلاء الناس في ظل هذه الظروف القاسية؟ وهل نحن بالفعل نرغب في مساعدتهم في هذا العالم الذي يشهد الكثير من المعاناة؟
وفي تقرير آخر صدر عن البروفيسور بينستروب أندرسن، وهو شخصية بارزة في حملة المنظمة (الفاو) ضدّ إلقاء فضلات الطّعام، ذكر أنّ 100 مليون طن من المواد الغذائية تلقى تُرمى بعيدًا في أوروبا كل عام بينما يحرم منها هؤلاء الفقراء، ووفقا لتقديرات المنظمة الأكثر تفاؤلا، يتم فقدان ثلث الغذاء المنتج في العالم إما قبل أن يستهلك أو يتم هدره عند استهلاكه.
وتُظهر البيانات أن هناك موارد غذائية تكفي لإطعام سبعة مليارات شخص في العالم. وفي هذه الحالة، فإن المسألة الأكثر إلحاحًا هي الحصول على هذه الموارد في المناطق التي هي في حاجة إليها ثم إنشاء نظام لضمان أن لا أحد في هذا العالم سيبقى جائعا أو بلا مأوى.
الغذاء هو جانب واحد فقط من النفايات، والنّفايات الأخطر هي الأسلحة المصنعة للقتل وتدمير المدن. لقد غاب الحب في عالم اليوم، وهناك سعي حثيث بين البلدان لتسليح نفسها بشكل جنوني، إن الكراهية لا ينتج عنها سوى الدّمار ومزيد من المعاناة. وعندما يتمّ وقف كل النّفايات على كل الأصعدة، عندما يتم تحديد آليات توزيع هذه المواد الغذائية بناء على ما يُرضى الله تعالى عندئذ فقط يتم القضاء على هذه المشاكل.
الأزمة الحقيقية في هذا العالم هي أزمة وجدان وضمير وفقدان لمعاني المحبة، وهذا الأمر تنتج عنه بالضّرورة الأنانية والكراهية ومزيد اشتعال الصراعات النّزاعات في العالم، فضمور مشاعر المحبّة وراء الخلافات والصّراعات بين مختلف الطوائف على أساس العرق أو المعتقد.
العالم يرنو إلى أهل المحبّة ليُديروه بالحبّ والعدالة، ولكي يضعوا حدّا للقتل وإراقة الدّماء. فنسأل الله أن يعجّل بهذا الفجر الجديد الذي يحتاجه هذا العالم المتصحّر.