عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 مباشرةً، تحديدًا في السابع من أكتوبر تم إعطاء طيار مقاتل يُدعى سكوت سوانسون مهمة لم تُجرّب من قبل. جلس سوانسون في مقطورة في مرآب خلف مقر وكالة الاستخبارات المركزية، وكان مُوكَّلًا بقيادة أحد الطائرات بدون طيار والتي أطلق عليهم اسم بريداتور (Predators)، هذه الطائرة كانت تحلق فوق مدينة قندهار، أي تبتعد عنه بحوالي 11 ألف كيلومتر، وكانت تلك هي أول طائرة بدون طيار مسلحة.
عندما صدرت الأوامر، قام سوانسون بالضغط على زر موجود في جهاز التحكم، انطلق الصاروخ الذي أطلقته الطائرة نحو هدفه في قندهار، وفي غضون ثوانٍ معدودة، شهدت أفغانستان كارثة جديدة من شأنها أن تجعل الحياة على الأرض كالجحيم.
منذ ذلك الحين، أصبحت الحرب الدولية عبارة عن حرب للطائرات بدون طيار. في خلال عام واحد، بين أغسطس 2014 وأغسطس 2015، نفّذ أسطول بريداتور واحد 4300 طلعة جوية وأطلَق الصواريخ تجاه ألف هدف مختلفين.
في عام 2002، كان هناك 167 طائرة بدون طيار، ولكن اليوم وصل هذا العدد لأكثر من 7 آلاف طائرة، حيث تعتبر سلاحًا يمكن أن يقتل بسهولة من الجو. على سبيل المثال، تمت إصابة مدنيين عائدين من حفل زفاف في اليمن أثناء هجمة جوية باستخدام طائرات بدون طيار في ديسمبر 2013، مما أسفر عن 14 قتيلًا، واكتفى مسؤولو الحكومة بالقول بأن السيارة التي كان هؤلاء المدنيون يستخدمونها اشتبهت عليهم مع سيارة أحد المنتمين لتنظيم القاعدة، وكما هو الحال مع جميع القضايا الأخرى، لم يقم أحد بالنظر في تفاصيل حادث القتل هذا.
أفادت التقارير أن حوالي 3962 شخصًا، من بينهم 962 مدنيًا و207 أطفال، قُتِلوا في هجمات لطائرات بدون طيار قامت بها الولايات المتحدة على باكستان وحدها منذ عام 2004.
وفقًا لأحد التقارير، فإن 90% من الهجمات الأخيرة لطائرات بدون طيار في أفغانستان لم تكن موجهة إلى أهداف محددة. بمعنى آخر، هذه الهجمات أصابت المدنيين. ويشير التقرير إلى أنه في أحد العمليات الخاصة في شمال شرق أفغانستان، في الفترة بين يناير 2012 وفبراير 2013، قُتِل 200 شخص بواسطة طائرات بدون طيار، من بينهم 35 شخصًا فقط كانوا أهدافًا محددة، ويُعتقد أيضًا أن الخسائر المدنية في اليمن والصومال تفوق التوقعات.
إن قتل المدنيين على أيدي الدول القوية أمام أعين العالم يظهر حجم هذه المأساة، ولكن الضغط على زر القتل لـ "أهداف محددة" هو شأن آخر. الدولة الأمريكية العميقة، والتي - منذ 11 سبتمبر - لم تكن قادرة على تغيير فكرة أنها يمكنها القضاء على الإرهابيين عن طريق قتلهم، تفشل في فهم أن هذه السياسة تؤدي إلى إنشاء إرهابيين جدد. لا تزال الدولة الأمريكية لم تفهم أن عليها أن تحارب بالفكر، لا بالسلاح. كانت رغبة أوباما في إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط صادقة على الأرجح، ولكن جماعات تشبه المافيا تسيطر على دول بأكملها وتشكيلات سرية فوق القانون والدولة، لم ترغب في إنهاء هذه الحرب القذرة في الشرق الأوسط.
أحد أهم الطرق لعرقلة الخطط السرية لتلك الجماعات هو كشفها، يجب أن نعلن بكل وضوح أن الطائرات المسلحة بدون طيار التي تحلق في سماء الشرق الأوسط ليست ضرورية، ولكنها جزءًا من حيلة خبيثة. ربما لا يستطيع قادة الدور ومسؤولو المخابرات القيام بذلك، ولكن من خلال إرادة الشعب يمكن القيام بالكثير. الإرادة الشعبية وروح الوحدة لديهما القوة الكافية لتغيير أنظمة بأكملها. لا بد من وضع حد لهذه الجرائم التي تُرتكَب بحق أناس أبرياء وأطفال. كل ما عليك القيام به هو أن تتحدث علنًا بدون خوف.
http://www.makkahnewspaper.