أن الكفر هو مصدر كل الشرور
ucgen

أن الكفر هو مصدر كل الشرور

1756

يسير الإنسان المؤمن بوجود الله في طريقه، يلتزم أوامره ويمضي حياته في طاعته، وفي نهاية ذلك يعتنق المؤمن الإسلام، دين الله الكامل الذي أنزله للإنسان، ويلتزم بالقرآن، الكتاب الذي يهديه إلى الطريق القويم، متخذاً الرسول الكريم(ص) وصفاته التي يسردها عليه القرآن قدوة له· وعندما يحاول اتباع الصفات النبيلة الواردة في القرآن الكريم، يجد نفسه في محاولة دائبة للتحلي بالصفات الحميدة في كل لحظات حياته· هذا هو ضمير المؤمن الذي يعرف أن الله هو الذي خلق الحياة والموت والدار الآخرة · إن الذين يصرون على إنكار وجود الله، أو يرفضون الاستسلام له ولدينه الحنيف، يفشلون في تحقيق دين الله، لأنهم لن يدركوا حلاوة القيم والمثل التي يحملها القرآن الكريم· لهذا السبب تكون عناصر مجتمع الكفار   من الذين يعيشون ليس من أجل تحقيق مرضاة الله، بل من أجل تحقيق مرضاة البشر، أو من الذين يعيشون دون قيم ودون ضمائر ·

إن السرقات وتعاطي الرشوة والانتحاروالقمار وانتهاك حقوق الآخرين، والجريمة والظلم، كلها أعمال يرتكبها أولئك الذين لا يخشون الله، وهم يقومون بها إما سراً أو جهراً· ولا يمكنهم كظم غيظهم، وهم يمتلكون الكثير من مشاعر الحسد والطموح، ومن السهل عليهم إيذاء مشاعر الآخرين بطريق حديثهم· فهم لا يعرفون بذل النفس بل تحكمهم رغباتهم الأنانية واهتماماتهم التافهة· قد يقول أحدهم: ''حسناً أنا لست متديناً ولكنني لست عدوانياً أيضاً''· نعم هذا صحيح، إلا أن هذا الشخص لا بد أن يتعرض في يوم من الأيام إلى موقف يستثير غضبه ويدفعه إلى القيام بأعمال شريرة لم يكن ليجرؤ على القيام بها قبلاً· وقد تسمع منهم بعد ارتكابهم جريمة قتل بحق أحدهم: ''ولكنه يستحق هذا''· المؤمن لا يمكن أن يصدر عنه فعل وقول كهذا؛ لأنه معروف عنه الصبر، وأنه لا يمكن أن يرتكب عملاً حرمه الله عز وجل، وبذلك فهو لا يستسلم لغضبه · من جهة أخرى يمكنك أن تسمع أحدهم يقول: ''أنا لست مؤمناً ولكنني لا أتقاضى رشوة''، فهذا محض ادعاء؛ لأنه في الواقع مستعد لارتكاب أي إثم عندما يجد نفسه تحت ضغط لا يمكنه تحمله· يحاول البعض التذرع بشتى الأعذار لتحليل الرشوة التي يتقاضونها، فيقولون مثلاً: إنهم بحاجة إلى المال من أجل إدخال الأطفال إلى المدرسة· إلا أن المؤمن لا يمكن أن يقوم بفعل كهذا وهو يعلم أنه سيعاقب عليه يوم الحساب ·

تقدم بعض الجرائم الشائعة أمثلة واضحة عن مواقف عدم الإخلاص· فالسرقة على سبيل المثال، جريمة منظمة، قد تعتبر قانونية تماماً من قبل الناس في ظل ظروف معينة· فبعض المواد التي تسرق من الفنادق مثل المناشف والكؤوس وعدة الطعام من ملاعق وسكاكين··لا تعتبر سرقة بناء على تلك الاعتبارات· ولكن عندما ينظر إليها من وجهة نظر الدين، فإن السرقة مهما تكن الظروف، عمل لا أخلاقي · هذه الصفات مشتركة بين أولئك الذين لا يخافون الله· وهناك مئات الأمثلة التي يمكن أن تشير إلى مثل هؤلاء· إنهم يقدمون التضحية فقط عندما يجدون أن هناك فائدة ترتجى من ورائها، وعندما يحصلون على هذه الفائدة يتوقفون عن تقديم التضحيات· أما المؤمن فيتميز بالعزم والتصميم، ويقوي خوفه من الله من هذا العزم· هذا الخوف هو أيضاً ضمان للأمن الذي يوفره الدين للمجتمع ·

ففي المجتمعات الكافرة تختفي القيم التي تدعمها العائلة مثل الحب والرحمة والاحترام والولاء· فالمؤمنون الذين يخشون الله، ويؤمنون بمسؤوليتهم الفردية عن أعمالهم  فقط هم الذين يظهرون الرحمة والولاء دون مقابل · إن الأسرة التي تقوم على الحب والرحمة والتضحية والقيم الأخرى التي جاء بها القرآن الكريم، ضرورية من أجل أمان وازدهار المجتمع، أما المجتمعات التي لا تقوم على هذه القيم، ستنتهي إلى الاضمحلال بسبب انحلال الأسرة التي تعتبر اللبنة الأساسية في المجتمع ·

الخوف من الله والإيمان فقط هما العاملان اللذان يضمنان أمن وسلامة المجتمع، وهما النتيجة الطبيعية للالتزام بالقرآن دستوراً للحياة· هذه حقائق واضحة · تسود الفوضى السياسية المجتمعات التي تقوم على الكفر· يظلم الغني الفقير، ويكره الفقير الغني، يقف أصحاب العمل موقف العمال تجاه أصحاب العمل موقفا عدائيا · ويحل الشعور بالسخط محل الرحمة في قلوب المعوزين ·

إن أخبار الجرائم التي تظهر في الصحف والأخبار اليومية لها سبب واحد: هو عدم الإيمان· فالقاتل الذي يقتل لمجرد الكراهية أو الاستفادة من وراء قتله لهذا الشخص، لا يفكر بأنه سيحاسب على فعلته فهذه· هذه النماذج من السلوكيات الإجرامية تهدد نظام وأمن المجتمع · في هذه المجتمعات لا ينتظر أحدنا إيجاد مفهوم التعاون أو الكرم، فالناس لا تهتم ببعضها· كذلك فإن صحة وسلامة الآخرين ليست مسألة ذات أهمية، حيث لا ضرورة للاحتياطات اللازمة لإبعاد الأذى عن الآخرين وعن المجتمع بشكل عام· لو سقط أحدهم في منتصف الشارع من جراء إصابته بإغماءة، فلن يكترث له أحد، وسيترك وحيداً ليواجه مشكلته بنفسه· وفي محاولة للحصول على أكبر فوائد ممكنة لا يتردد أفراد هذا المجتمع في ممارسة الاحتيال، إذ يبيع البائع منتجات فاسدة دون النظر إلى ما يسببه ذلك من خطورة على صحة المستهلكين؛ بينما لا يتحرج البائعون من غبن زبائنهم بالأسعار، ولا نهاية لهذه الأمثلة ·

في ظل هذا النظام تخضع الخدمات للثمن الذي يجنى من ورائها· يهتم الطبيب بمريضه فقط لأنه سيتقاضى أجراً عن خدمته· باختصار: لا يقدم هؤلاء تضحياتهم إلا في مقابل أجر يحصلون عليه ·

وهكذا نرى أنه لا نهاية للمشاكل الاجتماعية والمواقف اللاأخلاقية عندما يسود الكفر · لا تتجاهل أنك تحتاج إلى تسليم نفسك إلى دين الله، وأنك عندها فقط يمكن أن تحصل على الأمن والاستقرار، ولتعلم أن الحياة التي تكرسها لله فقط هي التي ستضمن لك الحياة الآخرة ·

إن التصرفات اللاأخلاقية، والتي تأتي نتيجة انعدام الإيمان، تتسبب في اعتلال الصحة والمشاكل القلبية· فالشخص الذي يقلب حياة الآخرين جحيماً بسبب حسده، هو في الحقيقة يعيش حياة مليئة بالمشاكل، فالغضب الذي يستسلم له هو السبب الرئيسي لهذه المشاكل· في معظم الأحيان لا يدري الآخرون بما يحمله ذلك الإنسان في قلبه من حسد أو أنهم لا يكترثون له، وهذا في النهاية لا يؤثر فيهم، بل ينعكس سلبياً على الحسود نفسه· فالآية الكريمة تعطينا فكرة عن وضعية الإنسان في هذه الحالة :

فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ كَذلكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ على الَّذِيْنَ لا يُؤْمِنُونَ .   الأنعام: 125 .

يشعر المتدينون بالسعادة عندما يرون أعمال إخوانهم من المؤمنين· إنهم يستلهمون السعادة من صفات الآخرين الحميدة· وعندما يرى المؤمن جمال أخيه المؤمن يستشعر عظمة الله في خلقه فيسبحه ويمجده·· أما في المجتمعات التي لا إيمان فيها فإن الأشخاص يتعاملون بطريقة تؤذي المشاعر، مثل تبادل الألقاب المزرية ، مما يسبب توتراً في العلاقات، سببه الأول الحسد الذي يستشعره الأفراد تجاه بعضهم بعضاً· لذلك فإن الذين يتعاملون على أساس لا أخلاقي، تعترضهم مشاكل كبيرة بسبب فقدان الصبر، وعدم الاتزان في شخصياتهم· بتعبير آخر: إنهم يعذبون أنفسهم· يقول الله تعالى :

إنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُم يَظْلِمُونَ .   يونس: .44

إن المؤمن الذي يضع خشية الله نصب عينيه دائماً، يصبر على كل ما قد يعترضه في حياته· لا تفسده المصاعب ولا تحبطه· ومع ثقته بالله يواجه كافة المحن بتصميم وعزم· يحاكم المؤمن الأمور بحكمة متسلحاً بثقته وإيمانه بالله· أما الكافرون فيعانون من المشاكل والمخاوف المرعبة التي تحول حياتهم إلى جحيم· فلا تستطيع المجتمعات والأشخاص تحقيق السعادة التي يستشعرها القلب، والتي تخبرنا بها الآية الكريمة :  الَّذينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوْبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ . الرعد: 28 .

تفكر في حقيقة الكفر الذي يستأصل كل المشاعر الإنسانية النبيلة، ولا تتجاهل أن أولئك الذين لا يذعنون لله ويخضعون له، سيعيشون حياة مليئة بالمشاكل، وسيندمون في الدنيا والآخرة ·


يشارك
logo
logo
logo
logo
logo