فتحت أنقرة أبوابها في الحادي والعشرين والثاني والعشرين من مارس/آذار الماضي؛ لاستقبال ضيف مهم.. فقد التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم ورئيس البرلمان، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سمو أمير الكويت، في زيارة استمرت يومين. كما قلّد الرئيس التركي سمو أمير الكويت «وسام الدولة التركية»، فيما قلّد سمو أمير الكويت الرئيس التركي «قلادة مبارك الكبير»، وهما أرفع وسامين في الدولتين. سادت حالة من الود في أجواء المقابلة، إذ تبرع أمير الكويت بمنحة كريمة لصالح ضيوفنا السوريين، قبل أن يوقع الطرفان على عديد من اتفاقيات التعاون في مجالات الدفاع والسياحة وتعزيز مكانة الإسلام.
لم يكن هذا اللقاء في الحقيقة سوى الأحدث في سلسلة من اللقاءات التي جرت بين تركيا ودول الخليج العربي، والتي بدأت مطلع 20177. فمنذ شهر واحد فقط، زار الرئيس أردوغان البحرين وقطر والسعودية، حيث استُقبل استقبالًا حارًا من قادة هذه البلاد: جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر. وكان إلغاء التأشيرات مع البحرين وقطر من بين أهم نتائج الزيارة التي سُلط عليها الضوء. كما وقع الأطراف خلال المقابلة أكثر من 50 اتفاقية في مجالات الاقتصاد والدفاع والتعليم والبيئة والعلوم والتكنولوجيا والصناعات البحرية.
مكَّنت اتفاقيات الطاقة على نحو خاص من نقل مصادر الطاقة الكبيرة من دول الخليج إلى أوروبا. ونتيجة لهذه الاتفاقيات، سوف تشيد شركة أرامكو السعودية للنفط معمل تكرير في تركيا. وبالمثل، بدأت شركة النفط الوطنية القطرية في العمل على تشييد منشأة لتخزين الغاز الطبيعي المسال. كما أُنشئ «صندوق الاستثمار العقاري السعودي التركي» خلال زيارة الرئيس أردوغان ليصير أحدث مبادرة مشتركة في الصناعات العقارية، بعد تحقيق إنجازات مماثلة في مجال الطاقة. وأسست تركيا أيضًا صندوق الثروة السيادي لتزيد من استثماراتها المشتركة مع دول الخليج.
وبالإضافة إلى التمويلات الكبيرة التي تضطلع بها الدولة، بدأ مستثمرو القطاع الخاص في هذه الدول في وضع أدوات مالية (حلال) تمكنهم من الاستثمار في تركيا، وكان أول منتج معلن هو «الشهادات العقارية».
تعتبر التحالفات الاقتصادية مجرد بداية، إذ إن هذه الخطوات اتُخذت لتعزيز روح الوحدة التي تزداد قوة يومًا بعد يوم. من المهم أن تكوّن الدول الإسلامية تحالفات في كل منطقة، وأن تنظر كل دولة إلى الأخرى بعين الاحترام والمحبة وأن يعرفوا ويشعروا أنهم دائمًا أصدقاء وإخوة لبعضهم بعضًا. ينبغي أن تبدأ هذه الوحدة والتحالف في الشرق الأوسط، وهو ما يحدث حقًا.
ولهذا، طالما استمررنا لسنوات في النصح والتأكيد على مدى أهمية التحالف المتعدد الأوجه مع دول الخليج.
لا ينهض المسلمون بظلم بعضهم بعضًا؛ لأن هذه العقلية هي عقلية المستعمرين، كما أن هذه العقلية الأنانية الخطيرة ألحقت ضررًا كبيرًا بجغرافيا المسلمين لوقت طويل، وينبغي للمسلمين ألا يسمحوا أبدًا لهذه العقلية القذرة بأن يكون لها مكان بينهم.
ينبغي للمسلمين دومًا أن يساعدوا بعضهم، وأن ينهضوا سويًا، وأن يكونوا مثالًا لبقية العالم بصداقاتهم الجميلة. ولا شك أن النجاح الاقتصادي الذي يتحقق عبر التعاون والجهود المشتركة للعالم كله سوف ينهي بدوره الفقر والجوع، وسوف يدفع بعجلة التقدم الطبي، ويطور مستويات التعليم في المجتمعات.. أي أنه باختصار سوف يغير العالم. وينبغي للمسلمين أن يكونوا رواد هذا المجهود العظيم.
يحتاج العالم الإسلامي في الوقت الحالي إلى روح الأخوة أكثر من أي وقت مضى، إذ إنه الوقت المناسب الذي تبنى فيه التحالفات من أجل إحداث وثباتٍ علمية واجتماعية وثقافية واقتصادية قوية. سيكون عام 2017 بداية لكثير من المشروعات المشتركة الجديدة. ونأمل أن تساعد هذه التحالفات في تقوية روح الأخوة. وإنه لواجب عظيم يقع على عاتق القادة المسلمين أن يجلبوا المجتمعات سويًا تحت لواء الصداقة والمحبة والوفاء، وأن يجعلوا هذا التحالف مستدامًا؛ فهذه هي أخلاقيات القرآن الكريم، وهو ما سيجمع أبناء العالم الإسلامي مجتمعين سويًا.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/14264/article/70998.html
http://www.raya.com/news/pages/2d88c7ab-b76e-4ea9-b981-bbaaea7f6614