دور الدعاية في محرقة اليهود
ucgen

دور الدعاية في محرقة اليهود

20299


كانت محرقة اليهود واحدةً من أشد المآسي في التاريخ الإنساني، إلا أن كثيرا من البلدان كانت غير مبالية ولا مُهتمة بذلك الأمر آنذاك، وقد استغرق الأمر بعض الوقت من الولايات المتحدة لتتخذ موقفًا من ذلك. وكانت المملكة المتحدة على دراية بما كان يحدث، وعلى الرغم من ذلك، اتبعت منذ البداية سياسة جرأت هتلر، وعلى الرغم من أن الهولوكوست في الوقت الراهن قد اكتسبت زخمًا في البلدان الغربية، وأُكدت في تشريعات كثير من هذه البلدان، إلا أن ذلك يختلف تمامًا في بلدان العالم الإسلامي.


إن الدعاية أحادية الجانب، وشُح المعلومات الخاصة بكيفية تعرض اليهود للقتل، وفظائع غرف الغاز، ومعسكرات الاعتقال والإبادة خلال فترة الهولوكوست، تركت كثيرا من المسلمين غير مكترثين تمامًا بالوحشية اللا إنسانية للنازيين والمتعاونين معهم. لذا، يجب على المسلمين أن يتعاملوا مع حقائق التاريخ بوضوح من خلال دراسة هذه الجريمة البشعة في حق الإنسانية.

لم تنشأ المحرقة من فراغ، بل استندت على معتقدات معادية للسامية، والكراهية القديمة لليهود، فقد استخدم هتلر هذه الدعاية الأيديولوجية لإعادة إيقاظ تلك العاطفة الخاملة لدى الملايين. واستغل قوة خطابه الحماسي، وأقنع الملايين بالاعتقاد بأن اليهود، والذين كانوا يشكلون أقل من 1% من إجمالي الشعب الألماني، يجب القضاء عليهم دون رحمة.

بدأ النازيون في استهداف اليهود باستخدام الدعاية الأيديولوجية في تلقين الشعب الألماني الكراهية والعداء ضد اليهود، فقد كتب أدولف هتلر في كتابه "كفاحي" عام 1926، إن "الدعاية تحاول فرض عقيدة على الشعب بأسره". وقد دافع عن استخدام الدعاية من أجل نشر كراهية اليهود، وغيرها من الأقليات الأخرى. عندما تقلد النازيين السلطة عام 1933، أنشؤوا وزارة الرايخ للتوعية العامة والدعاية، برئاسة جوزيف غوبلز، وكان العرض من آلة "الدعاية السوداء" تلك، نشر العداء لليهود والأقليات الأخرى التي يتم استهدافها في جميع أنحاء ألمانيا، والتي أطلقوا عليها "غير مرغوب فيها".

كما بدأ النازيون أيضًا في مقاطعة للمحلات التجارية والشركات اليهودية، وهي استراتيجية معادية للسامية كالتي نراها اليوم في حركة مقاطعة إسرائيل. وفي جميع أنحاء ألمانيا، كانت تُعلق الملصقات، التي تصف اليهود بالوحوش القبيحة وتحمل شعارات مثل "لا تشتري السلع اليهودية". في عام 1940، عُرض الفيلم المعادي للسامية "اليهودي الأبدي" في دور السينما في جميع أنحاء ألمانيا. وفي المدارس، كان المعلمون يحذرون طلابهم مما يسمى "بالخطر اليهودي"، وخلال الدروس كان اليهود يُهانون بشدة.

في 20 كانون الثاني/ يناير 1942، في مؤتمر وانسي، توصل كبار المسؤولين النازيين إلى "حل نهائي للمشكلة اليهودية"، وكان ذلك يعني الإبادة المنهجية لجميع اليهود: رجالًا ونساءً وأطفالًا، وحتى الرضع، غير تاركين يهوديًا واحدًا حيًا، وأن تقع تلك الأعمال الوحشية في جميع المناطق التي يحتلها ويسيطر عليها النازيون. وتماشيًا مع ذلك القرار، أقيمت معسكرات الإبادة، وبها، وتحت ظروف مروعة، قتل النازيون حوالي 11 مليون شخص، منهم 6 ملايين يهودي تقريبًا.

وليس سرًا بالتأكيد أن ألمانيا النازية ركزت اهتمامها على كسب دعم بعض قادة الشرق الأوسط خلال فترة الحرب، فالدعاية المدمرة ضد اليهود والتي بدأت مع صعود هتلر إلى السلطة، وصلت إلى العديد من مناطق النفوذ في أنحاء العالم، وقد استخدموا أساليب دعائية مماثلة في العديد من دول الشرق الأوسط، إذ بدأ راديو برلين بثًا إذاعيًا باللغتين العربية والفارسية بهدف بث العداء والكراهية ضد اليهود، كما أعد النازيون برامج تدريبية للشباب في هذه المناطق، واصفين اليهود "بالأعداء".

اليوم، نسبة ضئيلة فقط حول العالم لا تعرف عن المحرقة أو تنكرها، وصارت بعض الطوائف الإسلامية، تحت تأثير التعاليم المتحيزة والتلقين العقائدي الذي يبث الكراهية ضد اليهود، أميل لإنكار هذه الفظائع، ولكن إنكار المحرقة هو إنكار للحقائق التاريخية.

لماذا الاعتراف بهذا الإنكار للمحرقة ودحضه أمر شديد الأهمية؟ السبب هو إذا وقعت مثل تلك المذبحة في المستقبل مرة أخرى، لليهود أو لأي عرق أو أمة أو دين آخر، سيكون الناس قد تعلموا وهكذا لن يحجروا مشاعرهم أو يقفوا متفرجين، بل سيعارضونها بشكل فعال. يجب أن يقفوا ​​بشجاعة ضد هذا الظلم، آخذين القوة لمحاربة الظلم دائمًا من إيمانهم بالله.

ينبع عدم مبالاة الكثيرين بأهوال المحرقة من الافتقار إلى التعليم المناسب، و"الدعاية السوداء" المتواصلة والتضليل، وغالبًا لا يُمنح الدور الذي تقوم به الدعاية والتشهير والتضليل تركيزًا كافيًا، إلا أن فهم دور الكذب والمغالطات يُعطي لرسالة المحرقة معنى في الحياة اليومية، والحاجة إلى الحفاظ على الحقيقة، والمبادئ الأخلاقية وقيمة الحياة. يحتاج الناس ذوو الضمير الحي إلى غرس الشجاعة والعزيمة والأمانة للوقوف في وجه الأيديولوجيات الخبيثة ورسائل الكراهية.

كما يجب أن يقود المسلمون "حملة" ثقافية واسعة النطاق: يجب على المسلمين المتعلمين والمثقفين أن يوضحوا لأولئك الجاهلين السياسات التي مهدت الطريق لإحدى أكبر المآسي التي شهدتها البشرية على الإطلاق، كما من المهم أيضًا إحياء مبادئ الإسلام التي تتطلب الحفاظ على العدالة وحماية المظلومين وإظهار الرحمة والتعاطف تجاه الأبرياء.

كما أن لزعماء المسلمين في المجتمع، سواء كانوا سياسيين أو دينيين، واجب مهم، إذ يجب عليهم توضيح أن الإسلام لن يسمح أبدًا بهذه الكراهية أو الاضطهاد، وعليهم أن يبلغوا مجتمعاتهم بأن أي يهودي، أو أي شخص آخر يعاني أزمة ما، يجب أن يلقى دومًا مساعدة المسلمين وفقًا للقرآن الكريم. ومن الأهمية القصوى والالتزام الأخلاقي إيقاظ ضمير الناس والتأكد من أن المآسي المشابهة لن تتكرر أبدًا.

http://www.jpost.com/Opinion/The-role-of-propaganda-in-the-Holocaust-539981#/

يشارك
logo
logo
logo
logo
logo