عندما يموت كائن حي ما، تتلاشى الذرات المكونة له وتصبح ذرات مكونة لأشياء أخرى ( شجرة، بكتيريا، أو قطرة من المطر). هذه الأجزاء الهيكلية الأساسية لكل شيء تكون جد دقيقة الحجم لدرجة أن شعرة واحدة بإمكانها إخفاء خلفها 500000 من الذرات الموضوعة فوق بعضها البعض. بعبارة أخرى، يكاد يكون مستحيلاتخيل مقدار صغر الذرة و دقتها.
نستطيع أن نذكر المقارنة التالية من أجل فهم ما تقدم: 1 مم هو عبارة عن خط بهذا الطول: «-»، فلنتخيل أننا قسمنا هذا الخط إلى 1000 من الأجزاء المتماثلة. كل جزء إذا يكون طوله 1 ميكرون و هو حجم الكائنات الدقيقة. ان حجم برامسيوم نموذجي يساوي 2 ميكرون (دقيق جدا)، فاذا كنا نريد رؤية هذا التركيب في قطرة ماء يتوجب علينا تكبيرها الى أن يصبح قطرها حوالي 12 م. من جهة أخرى، اذا كنا نريد رؤية الذرات في نفس هذه القطرة سيكون علينا تكبير قطرها الى طول 24 كم. و هو ما يجعل الذرات اذا تتواجد بابعاد مختلفة كليا.
من أجل التعامل بالمقياس الذري يجب أخذ كل شريحة طولها 1 ميكرون و تقسيمها 10000 مرة وهذا هو حجم الذرة أي عشر المليون من الملمتر (1/10 مليون مم). المقارنة الموالية ستساعدنا على فهم أحسن لما سبق:
حجم ذرة ما بالمقارنة مع حجم خط بطول 1 مم هو بمثابة سمك ورقة واحدة مقارنة مع ارتفاع مبنى Empir state ،واحد من أطول المباني في الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفقا لارادة الله سبحانه عز و جل، كل ما هو موجود من الكائنات مكون من ذرات بهذا الحجم العجيب، بل الأكثراثارة للدهشة هو أن 99.9999 %من كل ذرة هو في الواقع فارغ. السبب الوحيد الذي يجعل الذرات تتجمع لتشكيل الجزيئات هو تواجد الالكترونات التي لا تحتل إلا مساحة صغيرة داخل هذه الكتلة (حيث 99.9999 %عبارة عن فراغ). و هذا ما يكمن وراء وجود الكون من شموس، أسود، جبال، ناطحات سحاب، طائرات، بشر.... و كل شيء آخر.
فهل يوجد احتمال واحد أن يكون أحد العلماء الدارسين للخلايا و الذرات المكونة لجسمه في المخبر قادرا على صنع ذرة واحدة؟ بالطبع لا. لان العلماء بعيدون جدا عن اكتشاف جميع تفاصيل الجزيئات دون حجم الذرة. ولذلك، القوة العظيمة و روعة خلق الله ، الذي يخلق مجرات بطول مليارات الكيلومترات انطلاقا من مكونات بمقدار عشر مليون الملمتر (مم)، هما شيئان واضحان لقوم يتفكرون.
الله سبحانه و تعالى يخلق كائنات بمجرد القول لها "كن" و يزودها بتفاصيل خارقة’ فكل شيء يتركب من ذرات يعني أن كل ما هو موجود عبارة عن دليل كبير على هذا الخلق الرائع.
قال تعالى: و هو الذي خلق السموات و الارض بالحق و يوم يقول كن فيكون قوله الحق و له الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب و الشهادة و هو الحكيم الخبير (الأنعام: الآية 73).