"نظرية التطور" و"نظرية الخلق" صراع من أجل البقاء
ucgen

"نظرية التطور" و"نظرية الخلق" صراع من أجل البقاء

2143
 
            رصدت وكالةرويترز للأنباء الثورة التي أحدثها كتاب :"أطلس الخلق" والذي صدر في أبهى حلة له، وانتشر بسرعة فائقة في المتاجر والمحلات والجامعات التركية والعالمية، حيث هدم هذا الكتاب نظرية التطور وأوضح أن ما طرحه داروين كان بمثابة أساس للإرهاب الذي ساد العالم على مدى قرن ونصف من الزمان.
 
          صدر كتاب " أطلس الخلق" بمقاييس جودة عالية في 768 صفحة، حيث دحض المؤلف فيه نظرية داروين بصور ورسومات لكائنات حية مقارنًا إياها بأخرى حقيقية لحفريات تعود إلى ملايين السنين، والتي تدل بجلاء على كذب وافتراء الداروينيين ونظرية التطور، كما تُعتبر برهانًا قويًا على أن هذا الكون لم يُخلق صدفة، بل كان من تدبير خالق هو الله.
 
             بقراءتك الكتاب لأول وهلة، عزيزي القارئ، قد تعقد أن الكتاب من تأليف مناصري نظرية الخلق في الولايات المتحدة الأمريكية والمناهضة لفكرة تشارلز داروين، فهم يستدلون على بطلانها من "الإنجيل" الذي يذكر أن الله هو الذي خلق هذا الكون في ستة أيام، إلا أنك أخي القارئ سرعان ما تكتشف أن هذا العمل العلمي لم يصدر من هذه الطائفة، بل هو وليد جهد علمي معتبر لمؤسسة إسلامية تدعى هارون يحيى، تأسست بتركيا وهي تدعم بقوة نظرية الخلق وتعتمد في طرحها لهذا الموضوع القرآن الذي يتفق مع الإنجيل في أن الكون خلق في ستة أيام.
 
إن العمل الذي تحققه مؤسسة هارون يحيى يحلم بإنجازه مناصرو نظرية الخلق من المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية، فهارون يحيى استطاع أن يؤثر في الرأي العام اتجاه نظرية التطور، فقد أضحت تركيا، بعد سبر للآراء، الدولةَ الرابعة والثلاثين في الترتيب العالمي بين الدول التي تعمل بنظرية التطور مباشرة في الترتيب بعد الولايات المتحدة الأمريكية، فقد صرح مسؤول في مؤسسة محمد فتح الله كولن [1] اسمه "كريم بالجي" kerim belci صرح قائلاً: " نظرية التطور قد ماتت".
          يسعىالباحثون والطبقة العلمية في الحكومة التركية –والتي لها صبغة إسلامية-إلى اجتثاث المناهج التقليدية التي تفتقد إلى صبغة إيمانية، وتسعى إلى تغييرها في الجامعات والمدارس والمنظومة التربوية، فقد صرح لنا أستاذ البيولوجيا بجامعة الشرق الأوسط للعلوم التكنولوجية بالعاصمة أنقرة بأن نظرية التطور حُذفت من مقرر قسم البيولوجيا لهذه السنة. فالطلبة سيدرسون نظرية التطور دراسة تاريخية وصفية فحسب،  وأن مؤسسها تشارلز داروين في القرن التاسع عشر، أما ما سيدرسه الطلبة بتعمق هو موقف المفكرين المسلمين وعلماء الإسلام من هذه النظرية.
 
جرعة إيمانية
 
              يتفق القرآن والإنجيل في أن الله خلق الكون في ستة أيام، وأن أول إنسان خُلق هو النبي آدم، فبالرغم من أن تفاصيل قصة خلق آدم من تراب تختلف بين القرآن والإنجيل إلا أن الخطوط العريضة لا خلاف فيها. لهذا فإن نظرية التطور لم تستطع أن تمحو قصة خلق الكون وآدم من تراب من أذهان المسلمين – على خلاف ما حدث في الغرب- ، فقد صرح أستاذ الجيولوجيا بجامعة العلوم التقنية بإسطنبول أ: جلال سينجور أن الداروينية أصبحت ملفًا علميًا خطيرًا بعد الأيام التي عاشتها تركيا عقب الانقلاب العسكري سنة 1980 حيث كانت محلات بيع الكتب الشيوعية تسوقها إلى جانب أطروحات كارل ماركس وأفكاره". كما صرح لنا الصحفي مصطفى أكيول من إسطنبول: "وكأن كارل ماركس وداروين كانا شريكين في عملية تآمر قذرة لإبعاد البشرية عن الإيمان".
 
     بعد الانقلاب في تركيا، شرعت الحكومة المحافظة في إعطاء الناس جرعات إيمانية من أجل أن يدعمها الوعي الإيماني ضد التيار اليميني المتطرف، ففي سنة 1985، نُشرت فقرة حول نظرية الخلق كبديل عن نظرية التطور فقامت الحكومة بضمها إلى منظومة التعليم العالي بتركيا وجعل نظرية الخلق جزءًا من الكتاب المعتمد من الوزارة. وبعد هذا تسارعت عملية دخول نظرية الخلق إلى تركيا، فقام بعض الأساتذة بترجمة كتاب ألفه باحثون أمريكيون إلى اللغة التركية عنوانه "نظرية الخلق العلمية"، وفي بداية التسعينيات قام الكثير من المناصرين الأمريكيين لنظرية الخلق بمحاضرات ضد نظرية التطور والداروينية في جامعات ومراكز بحوث علمية في تركيا.
 
داروين ولإرهاب
 
            منذ تلك اللحظات بدأ عش المناوئين للداروينية يتعزز بمرور الأيام، فلم يتوقف في مجرد موقف علمي محض بل تعدى ذلك إلى موقف سياسي. فكتاب "أطلس الخلق" يضم أكثر من خمسمائة صفحة تحوي صورًا رائعة لحفريات تعود لعهود غابرة مقارنًا إياها بنفس المخلوقات في زماننا هذا، مبرهنًا بذلك على أن الله خلق هذا الكون وكافة الكائنات الحية على الصورة التي نراها نحن الآن ولا وجود لشيء اسمه التطور ولو بعد مرور ملايين السنوات. وبعد أن بين المؤلف هارون يحيى في الصفحات التالية  أن الطرح الذي جاء به داروين القائل بأن بقاء كائن حي على صورته وعدم تطوره مرهون بكونه مناسبًا أو لائقًا(البقاء للأقوى) (survival of fittest) بين أن هذا الطرح هو الذي أيقظ العنصرية بين بني البشر وأيد حركات إبادة مثل النازية والشيوعية والإرهاب وغذّاها.
 
فالإرهاب الذي أضحى أكبر وبال على المعمورة ليس مصدره دين من الأديان السماوية، بل منبعه الإلحاد والذي غذّاه تلك الطرحات الفكرية المنتشرة باسم المادية والداروينية.
 
         صرح لنا مدير بإسطنبول –امتنع عن ذكر اسمه- أنه بعد أن تلقى ثلاث نسخ من الكتاب كهدية من مؤسسة هارون يحيى،وبعد إطلاعه على هذا البحث بهرته جدة المعلومات التي يطرحها المؤلف وأعجب بجودة الطباعة والتصميم، وأضاف بأن هذا العمل دفعة تاريخية كبيرة لأنصار نظرية الخلق.
 
إن من يقود هذه القوة العلمية، والذي يقف وراء هذه المؤسسة أستاذ مسلم متميز اسمه عدنان أوكطار الذي ألَّف خلال العقد الأخير فيضًا من الكتب بالاسم المستعار هارون يحيى.
 
صرح بهذا العالم الفيزيائي طانر إيديس (Taner Edis) أستاذ بجامعة ترومان (Truman University) من أصل تركي حيث قال: " استطاع هارون يحيى أن يوصل فكرة الخلق إلى أكبر عدد ممكن من البشر فتمكن بذلك أن يجعل من نظرية الخلق فكرة شعبية". 
 
هارون يحيى هو أساسًا مجموعة من الباحثين الذين ألفوا أكثر من 200 كتاب باللغة التركية والتي ترجمت بعد ذلك إلى 51 لغة أخرى.
عدنان أوكطار، 50 سنة يظهر بدعم إعلامي قوي في مواقع الإنترنت، كما يمكن العثور على أعماله ومؤلفاته في شتى المكتبات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ويمكن تحميلها من الإنترنت بالمجان. وإلى هذه اللحظة لا يملك أحد المعلومة حول كيفية تأسيس هذه المنظمة بإسطنبول ومصدر قوتها، فقد رفض مسؤولو المنظمة الإدلاء بتعليقات حول هذا الموضوع لوكالة الأنباء رويترز.
 
التصميم الذكي
 
          يعتبر التصميم الذكي من أحدث أدلة مناصري نظرية الخلق على صحتها، و يُعَد بيانًا قويًا لنشأة الحياة، فالتصميم الذكي والتعقيد الذي نجده في نظام الكائنات الحية ووظائفه لا يمكن تفسيره إلا بوجود قوة عليا كانت السبب لخلق هذا التصميم الذكي، إلا أن المناصرين الأمريكيين لهذه النظرية يتجنبون الاصطلاح على هذه القوة العليا بالإله لأن هذا سيكون سببًا كافيًا لمنع هذه النظرية من نشرها وطباعة كتبها بالولاية المتحدة الأمريكية.
 
         أكيول، مسلم من إسطنبول، صرح بأنه لا يؤمن بهذه النظرية، فهو يرى بأن أغلب الأتراك لا يعتدون بهذه النظرية، وليس لدى واحد منهم مانع –مثل الأمريكيين- من تسمية تلك القوة العليا باسم الإله، فقد صرح وزير التربية التركي حسين جيليك في حوار تلفزيوني أنه بوده أن تتدعم نظرية الخلق في تركيا وتنتشر من خلال الكتب العلمية وإدراجها في المنظومة التربوية حيث صرح قائلاً:
 
"إذا كانت نظرية التطور التي تمثل التيار الإلحادي العالمي، فينبغي علينا ألا نرفض فكرة التصميم الذكي لأنها تدعم نظرية الخلق التي نؤمن بها نحن الموحِّدون."   (CNNTurk)
           بعد هذا العرض حول آخر التطورات؛ يظهر لنا أن الصراع بين نظرية الخلق والتطور في أشده، وأن التطور والتطوريين ستكون نهايتهم على يد النصوص الغيبية التي أنكروها في اللحظة الأولى من إرساء هذه النظرية، فالطرح العلمي لهارون يحي يظهر أن دارويين وشركاءه من أمثال ماركس... حاكوا مؤامرة قذرة ضد القيم والأخلاق والإيمان، وبقي الآن على أنصاره أن يفسحوا المجال للإيمان والتوحيد والسلم أن يسود المعمورة. 
 


[1]  مؤسسة إسلامية حديثة لها فروع كثيرة من دور النشر والطباعة والمدارس الدينية ولكن لا تربطها أية علاقة بمؤسسة هارون يحي.
يشارك
logo
logo
logo
logo
logo