مر أسبوعان منذ بدأ الجيش التركي «عملية غصن الزيتون» في عفرين بسوريا، للقضاء على الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة: حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب، وداعش. وفقًا للسلطات التركية فإن الحملة العسكرية ستستمر حتى تطهير المنطقة بالكامل من الجماعات الإرهابية، والقبض على آخر إرهابي فيها.
وفي الوقت نفسه، تدير السلطات التركية الجانب السياسي للعملية بمهارة، فهي تُبقي على الجمهور الدولي والولايات المتحدة ودول الناتو والدول المعنية مثل إيران وروسيا، مطلعة على كل خطوة من خطوات العملية لتبرير شرعيتها. وقد أقرت العديد من الدول، وبالأخص روسيا ودول الناتو، بوجود علاقة بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني الإرهابي، ودافعت عن حق تركيا في الدفاع عن نفسها، كما دعمت الدول الأوروبية الرائدة مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا، تركيا، رغم التوقعات المبدئية للمعارضة.
الولايات المتحدة، على الرغم من نهجها المتحفظ عادة أعطت الانطباع بأنها -على الأقل- لن تعارض العملية. وتجدر الإشارة إلى أن دعم الجيش الأمريكي لوحدات حماية الشعب -الجناح السوري من جماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية- والذي استمر سنوات، وشمل مساعدات بـ5 آلاف شاحنة من الأسلحة، بالإضافة إلى دعم التدريب اللوجيستي والعسكري، كان أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت هذه العملية ضرورية؛ إذ سمح بتعزيز المسلحين، وإرهابيي وحدات حماية الشعب التابعة لحزب العمال الكردستاني على طول الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا بأسلحة ثقيلة. في النهاية، صارت عفرين أشبه ببوابة وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني إلى البحر الأبيض المتوسط.
هذا الوضع مثير للقلق؛ فكثيرًا ما تظهر الأسلحة الأمريكية في أيدي مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يشنون الهجمات في تركيا. وبالإضافة إلى ذلك، من المعروف أن إرهابيي حزب العمال الكردستاني الذين تدربوا في مخيمات وحدات حماية الشعب، يتسللون إلى تركيا وينفذون هجمات إرهابية دموية. كما أن قواعد وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني في عفرين كثيرًا ما تُستخدم لإطلاق الصواريخ على مستوطنات تركية مثل هاتاي وريحانلي.
من التفاصيل غير المعروفة عن عملية «غصن الزيتون» هو أن الاسم لم يتم اختياره لطابعه السلمي فقط. تحكي أسطورة جلجامش التركية القديمة كيف عرف النبي نوح أن الفيضان سيتوقف قريبًا، عندما عادت الحمامة التي أطلقها من سفينته بعد وقت قصير وهي تمسك في منقارها بغصن زيتون. اسم «غصن الزيتون» يمثل عودة السكان المحليين إلى وطنهم، تمامًا مثل سكان ذلك الوقت الذين عادوا إلى أراضيهم بعد انتهاء الفيضان. وإذا تمكنت تركيا بنجاح من القضاء على وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني أيضًا بعد هذه العملية، فإن ما يقرب من 500 ألف من السوريين النازحين إلى تركيا سيتمكنون من العودة إلى ديارهم. بعبارة أخرى، على الرغم من أن السبب الرئيسي وراء هذه العملية هو الأمن الوطني لتركيا، فإن بدء التطبيع في سوريا سيسمح للسوريين النازحين بالعودة أخيرًا إلى بلادهم.
وبالإضافة إلى منطقة وسط عفرين، من المقرر القضاء على إرهابيي حزب العمال الكردستاني من مساحة تبلغ 4500 كيلومتر مربع. ومع ذلك، وبالنظر إلى أن وحدات حماية الشعب تسيطر على مساحة إجمالية قدرها 78 ألف كيلومتر مربع، قد تكون هذه العملية مجرد بداية فقط. ويوافق العديد من المحللين على أن هذه العملية العابرة للحدود لن تقتصر على عفرين، وأن الجانب التركي يراقب بعناية الوضع في الجانب الشرقي من نهر الفرات، الذي يخضع حاليًا للحماية الأمريكية.
عملية عفرين ليست الحملة العسكرية الأولى لتركيا عبر الحدود، فقد قامت في الماضي بالعديد من العمليات المشابهة ضد حزب العمال الكردستاني في العراق، وانسحبت فور الانتهاء من مهمتها. لم تتبع تركيا أبدًا أو حتى تفكر في الاحتلال سواء في العراق أو في سوريا؛ بل على العكس من ذلك، دأبت دومًا على الدفاع عن السلامة الإقليمية لكلا البلدين.
لذلك، لا يوجد أساس لصرخات حزب العمال الكردستاني الاستفزازية، أو بعض الدوائر التي تدعمه عن «الاحتلال». الجيش التركي، بعدما يقضى بنجاح على الجماعات الإرهابية التي شكلت تهديدًا أمنيًّا خطيرًا في المنطقة لسنوات، سيعود إلى حدوده كما فعل دائمًا. وبالإضافة إلى القضاء على التهديد الإرهابي، ستكون هذه العملية خطوة حاسمة نحو ضمان السلام والأمن الدائمين للدولة السورية والشعب السوري.
https://www.sasapost.com/opinion/operation-olive-branch-and-syrian-peace/
https://www.azzaman.com/?p=229192