إن الإنسان المؤمن يسخر حياته كلها تحت ضوء التعاليم القرآنية الحميدة ويكافح لتطبيق تعاليم القرآن بحذافيرها يوما بيوم مما تعلمه من الآيات. في كل ما يفعله المرء من اللحظة التي يستيقظ فيها في الصبح وحتى الوقت الذي ينام به في الليل، و هو عازم على التفكير والتحدث والتصرف وفقا لتعاليم القرآن. الله تعالى يبين لنا في القرآن الكريم أن هذا التفاني يهيمن على حياة المؤمنين كلها. قال تعالى ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)) سورة الأنعام آية رقم 162.
من اللحظة التي يمتلك فيها المسلم الإيمان، بالتالي فقد اتخذ قرار قضاء حياته كلها في رضى الله سبحانه وتعالى. منذ تلك اللحظة سيبدي الحماسة الكبيرة الروحية و كل جهد بالمعنى المادي والروحي. لكن، وكنزعة متأصلة، لن يشعر المسلم أبدا بأن إيمانه على مستوى كاف، حتى لحظة لفظ أنفاسه الأخيرة سيكون مؤمنا بأن لديه الفرصة لتعميق إيمانه في كل لحظة من حياته. لهذا السبب كل يوم، كل ساعة، كل لحظة، لا بد له مرة أخرى بأن يجعل النية في قلبه لتعميق إيمانه وتحديثها بإلتزام تكريس كل لحظة من حياته في الانخراط في العمل الصالح ليحصل على رضا الله.
يجب على المؤمن أن يجدد نيته خالصة لوجه الله الكريم كل يوم
في هذه اللحظة بالذات، وبينما نحن نقرأ هذا المقال، وفقا لذلك فإنه بإمكاننا أن نجدد عزمنا ونيتنا خالصة لوجه الله تعالى الكريم. من هذه اللحظة بالذات، يمكننا أن ننوي قضاء بعض الوقت لدينا، واستخدام الفرص المتاحة لدينا، و استخدام قوتنا الروحية والمادية بطريقة أكثر وعيا بأسلوب يقظ وصادق. يمكننا أن نقيم كل
فرصة لتحقيق أي عمل من أعمال العبادة مع حماسة كبيرة. يمكننا أن نلاحظ كل الفرص التي يمكننا من خلالها كسب رضا الله تعالى و التسابق نحو الخير. دون تفكير بعبرات مثل "لقد قمت بأعمال طيبة، وهذا يكفي اليوم"، أو "بالمقارنة مع الآخرين من حولي، فقد بذلت مجهودا أكبر من ذلك بكثير، وعلى أي حال، أنا أفضل منهم"، يمكننا القيام من اعظم ذلك التفكير الضيق الاناني و القيام بأعمال جليلة لكسب رضا الله خير.
ما ذكر هنا هو حالة مختلفة جدا ومميزة للعقل. لا شك أن المسلم يمضي كل لحظة من حياته في الامتثال و التدبر في أخلاق القرآن الكريم. إلا أن سلوك الشخص الذي يتخذ قرارا واعيا وحاسما في هذا الشأن يكون إلى حد كبير شخصا مختلفا و حساسا للغاية مع نيته الخالصة لله. وهو مهتم بشدة في كل ما يجري من حوله. ويكون حذرا تجاه الأعمال المرهقة أكثر من أي شخص آخر. وهو يتحدث بأفضل الكلمات. و يكون لطيفا و متسامحا وايجابيا أكثر من أي شخص آخر. يكون كامل المودة والرحمة. انه الشخص الذي يلاحظ احتياجات الناس قبل أي شخص آخر ويلبي رغاباتهم. اسلوبه دائما مرضي و مسالم. انه شخص مختلف جدا، ايجابي المزاج مع ملاحظة الجميع ذلك على الفور.
ينوي المؤمنون العيش من خلال القيم الأخلاقية التي بينها الله تعالى في القرآن الكريم في أروع طريقة وعلى مدى ال 24 ساعة في اليوم الواحد.
مهما كانت الظروف، لن يساوم المؤمنون في إظهار سلوك الاخلاقي العظيم لكافة المخلوقات. قيمهم ثابتة لا تتغير، وهي دائما منبثقة من أوامر الله جل جلاله وتوصياته. انهم يرون في رسول الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثالهم العظيم الذي يشيد الله بخلقه العظيم في القرآن الكريم في هذه الكلمات:
قال تعالى ((وإنك لعلى خلق عظيم )) – سورة القلم آية رقم 4 .
ليس هناك سوى طريقة واحدة للهروب من العقاب الابدي في النار: العيش وفقا للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اللذان منحهما الله تعالى للبشرية جمعاء "وفيهما مجدهم و نصرهم". إنهما يحفظان الناس من الجهل الذي غرقوا فيه، و من طريقهم البدائية في التفكير، والبيئات المجهدة، و السمات الشخصية السلبية، و المخاوف التي لا أساس لها، و من المعتقدات المنحرفة، و من عذاب النار الذي كل هذه الأمور هي أسباب لهذا العذاب الاليم. في مكان ما من هذه الاماكن يكتسب الناس الفهم والحكمة والقيم العليا، وبيئة مليئة عاقل راحة البال، والأهم من ذلك، الحياة في حديقة مليئة بالبركة التي لا نهاية لها.
ليس هناك سوى طريقة واحدة لإزالة كل القلق، والمعارك والحروب والعداء، والفقر والحرمان والغضب الذي يملأ العالم: العيش وفقا لتعاليم القرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. لا توجد وسيلة أخرى لشخص للحصول على السعادة والرفاه والعدالة والمحبة والسلام الذي كان يرغب به الا من خلال كتاب الله وسنة نبيه.
العيش وفقا للقرآن والسنة كوسيلة للدفاع ضد الظلم والصراع وعدم المساواة، والحسد، والحرب، والظلم، والنفي، والخوف والتعصب والقسوة والعنف والفجور وأشياء أخرى من هذا القبيل هو الحل الأكثر أساسية للإنسان لكي يتسنى لهم العيش في سهولة ،و في سلام،و في سعادة وعدالة.
على الرغم من هذا، ولأنهم قد أداروا ظهورهم للأخلاق من صحيح الدين من أجل مكاسب صغيرة، والربح الدنيوي و دناءة النفس، و قد يلحق الناس ضررا كبيرا على أنفسهم. الإنسان الذي يدير ظهره لأخلاق القرآن والسنة يعني أنه ما زال يجهل الحقائق التي تعتبر حيوية بالنسبة له أن يعرفها. ومع ذلك، فإن الموارد التي يعتمد عليها والبشر الفناة مثله اذا اجتمعوا جميعا على حل المشاكل التي يواجهونها في العالم لن يكونوا قادرين على الصمود في وجهها او حتى البقاء على قيد الحياة لمواجهتها على الامد البعيد. والناس الذين هم مثله قد أداروا ظهورهم للحق والهدى يقضون حياتهم كلها في قلق وتوتر وخوف وشدائد، مع عدم وجود حل لمشاكلهم. وفي وقت لاحق، سوف يأتون لقبول هذه الحالات بطريقة عادية، وسوف يقضون بقية حياتهم في خدعع معتقدين أن ما يحصل لهم من معاناه هي "حقيقة من حقائق الحياة" بينما هي في الحقيقة عقوبة على الذين لا يعيشون من مبادئ الأخلاق الدينية.
المؤمنون الذين يتبعون القيم التي تم تعيينها من قبل الله جل جلاله في القرآن الكريم وينصرهم على كل لحظة من حياتهم و يعيشون في أفضل وسيلة. الله يعلن عن اخبار جيدة لهؤلاء المؤمنين في الكلمات التالية قال تعالى ((وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون )) – سورة سبأ آية رقم 37.
المؤمن يجرب الآثار الإيجابية من " تجديد النية الخالصة لله مرة أخرى" كل يوم. غاية المؤمن الذي يفترض و يتمسك بهذه الأخلاق هو أن يكون واحدا من بين " أحب عباد الله." لهذا السبب، مرة واحدة انه يعتمد تماما هذه الأخلاق في كل شؤون حياته، ومرة أخرى ينوي أن يكون أكثر صدقا، أكثر حساسية تجاه رضا الله العظيم، وأكثر وسوسة حتى يطمئن قلبه برحمة الله ورضاه، وهذا يعمق أخلاقه حتى أكثر من ذلك. يستمر هذا الوضع حتى نهاية حياته، وأنه لم يجد جهوده وأفعاله الميمونة كافية. ونتيجة لإيمانه، وأخلاقه، وشخصيته و سلوكه الاخلاقي بشكل مستمر ومتقدم في نهاية المطاف بلوغ الكمال.
يبين الله تعالى صفات المؤمنين في القرآن الكريم كما يلي:
قال تعالى ((أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) – سورة المؤمنون آية رقم 61.
بإرادة الله، الحياة وفقا لتعاليم القرآن والسنة تمكن الناس من تطوير وسيلة واسعة من الفهم والذكاء، والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، والقدرة على النظر في المسألة بعمق. وهذه الخصائص تأكد أن الشخص الذي يملك هذه التعاليم القرآنية العظيمة سوف يعيش كل لحظة من حياته في سهولة تأتي من مزايا التعاليم الشرعية. الشخص الذي يعيش حياته في تقوى الله، وفقا للتعاليم الدينية سيكون مختلفا تماما عن غيره من الناس في كيفية التصرف، و الجلوس والمشي، في وجهة نظره، وكيف يشرح ويفسر الامور، وانه يجد الحلول للمشاكل التي تواجه.