المادية والأيديولوجيات المختلفة والحركات المنبثقة عنها تمثل واحدة من أسوأ أشكال الفساد تعارضاً مع الدين في وقتنا الحاضر. الفكرة التى تختزل كل هذا والتي يفترض أنها نقطة انطلاقهم العلمية وأساسهم هى الدارونية. منذ بدايتها، أصبحت الدارونية أساساً للمادية ومكافحة الأيديولوجيات والحركات الدينية، وتم تحويلها الى دين بمعنى الكلمة من قِبَل انصار مثل هذه الأيديولوجيات. العالم الإسلامي الكبير "بديع الزمان سيد نورسي" لفت الإنتباه إلى حقيقة أن الدارونية ستصبح دين المسيح الدجال في نهاية الزمان في هذه الكلمات:
"حركة أثيمة ناشئة من فلسفة طبيعية ومادية سوف تنتشر وتعزز عن طريق الفلسفة بحلول نهاية الزمان، حتى إلى حد إدعاء الألوهية".
وصفها "بديع الزمان" بأنها "حركة أثيمة ناشئة من فلسفة طبيعية ومادية"، تشكّل الدارونية تعاليم تنسب قوة مستقلة للطبيعة، وتدّعي أن كل أشكال الحياة نتجت عن صدف عمياء و ليس عن خلق، وذلك سعياً لتحويل الناس بعيدا عن الاعتقاد في الله سبحانه وتعالى. ويشرح الموضوع موجز ومفصّل الكتب الستة -وهي مجموعة أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم وتفسيرات لها- فيما يلى:
"أكثر سمات الدجال وضوحاً و سوءاً فى نهاية الزمان هى عداؤه للدين. مختلف وجهات النظر والقيم الإنسانية التي ستظهر في نهاية الزمان ستسعى لتحل محل الدين. هذا الدين الجديد سيأسس نفسه على الإنكار من أجل القضاء على كل نوع من الهيمنة الإلهية الحالية... هذا هو الإيمان اللادينى الذي سيكون إلهاه الرئيسيين هما المادة والإنسان."
دائما ً ما مال الدارونيون إلى تصوير نظرية التطوّر على أنها علمية. وهم يؤكدون ان الحياة تشكّلت من مواد غير حية وتقدمت عن طريق التطور، وأن جميع الفصائل انحدرت تدريجياً عن بعضها البعض. ومع ذلك فإن الدارونية لم تثبت أى مرحلة من تلك المراحل، و تم إعلان هذا النظام العقائدى كعلم. فوفقاً للدارونية، "الصدفة" هى الآلية الوهمية العظيمة فى تلك العملية الوهمية بأسرها. الصدفة هي إله الدارونية الكاذب. و تصور الدارونيون ان هذه الآلة يمكنها فعل المستحيل. فوفقاً للدارونيون، هذا الإله الكاذب أنتج خلية حية من المياه الحمئة، وحوّل الأسماك الى نمور واالدببة الى حيتان، وخلق رئاتهم من لا شيء. مرة أخرى وفقا للدارونيين، الذين يفترضون أن البشر كائنات تنحدر من القردة، وأن هذا الإله الكاذب أسبغ الذكاء والذاكرة والمهارات على البشر وخلق الوعي البشري -والذي لا يمكن تكراره بأي شكل- من العدم. لدرجة أنه في كل هذه الأمور تمكنت الصدفة من التصرف بطريقة محكومة ومخططة وعقلانية واتخاذ اجراءات وقائية فورية عند الضرورة. وفقاً لنظرية دارون في التطور، الصدفة هى الخالقة الزائفة التى تتصرف بذكاء وبطريقة مخططة.
هذه النظرية المهرطقة التى تؤلّه الفرصة العمياء قد فٌرِضت على جماهير غفيرة من الناس عن طريق الغش والديماغوجية بطريقة ما، والسبب في ذلك هو الدجال. الخصائص المبيّنة في كثير من الأحاديث بشأن الدجال تصبح اضحة وضوح الشمس عند رؤيتها كأيديولوجية. هذا هو السبب في أن جميع الأيديولوجيات ونظم الفكر التي تضع افتراضات لامنطقية وبلا أساس تقود الناس الى الإنكار وتحويلهم بعيداً عن القيم الأخلاقية الدينية وتشجع على الصراع بين الناس كلها مظاهر من الدجال. الدارونية هي الأيديولوجية الرئيسية في اعتماد هذا النظام من الدجال. الله ربنا يصف أولئك الذين يتبعون نظم الكفر قائلاً:
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (القمر 47(