بقلم : هارون يحي
لقد ظلت تركيا علي تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، منذ تأسيس الدولة التركية ولقد اعتبرت الولايات المتحدة وجود دولة اسلامية علمانية مجاورة للشرق الأوسط ، مبعث للامن لها وللمنطقة بأسرها .
ومن المهم لنا تحليل زيارة الرئيس اردوغان للولايات المتحدة الأسبوع الماضي في هذا الأطار. فقد كانت الزيارة مثمرة لأن السلطات التركيىة استطاعت ان تقدم معلومات شاملة عن عمليات ال PKK التي نفذت في تركيا وعن تهديدات حزب الأتحاد الديمقراطي لتركيا من الخارج وعن التحديات التي تواجه تركيا في الوقت الحالي . فما نحتاجه في الوقت الراهن هوالتمسك بمسألة حرية التعبير التي كان قد اشار لها الرئيس أوباما.
من الملائم تقييم المسألة من وجهتي نظر ،،
ان ظروف تركيا تختلف عن ظروف الأتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيما يتعلق بجغرافية المنطقة وتركيبتها الحساسة . وعلي الرغم من ان دول الأتحاد الأوروبي تجدها حازمة تجاه حقوق الأنسان ، فان تطبيق تلك الحقوق في تركيا يتطلب ظروفا ما ، فتركيا تعيش تحت التهديد المستمرللأرهاب .
نجد ان تركيا بالدرجة الأولي والأخيرة تواجه خطر التقسيم من قبل الاوساط الستالينية . فالمنظمات الارهابية انتشرت في مدن عدة وان بعض الاوساط الاعلامية تدافع عن تلك المنظمات الارهابية وان بعض الأكادميين وحتي بعض الجامعات تقدم لها دعما مفتوحا. في الوقت نفسه توظف تلك الجماعات الغير شرعية وسائلا متنوعة للترويج لدعايتها . كل هذه العوامل تشكل تهديدا جديا للبلاد .
في هذه الايام وفي الوقت الذي تواجه فيه اوروبا خطر الأرهاب ، ادركت اوروبا مدي خطورة وجود ابواقا للارهاب فيها ولهذا بدات باتخاد خطوات استباقية ضدههم.
ان حكومات الدول الاوروبية تقوم بمراقبة وسائل الاتصال الأجتماهي الألكتروني وخصوصا حسابات اولائك المؤيدين للمنظمات الأرهابية حتي انها في بعض الاوقات تغلق تلك الحسابات. حتي ان شرطة الانترنت تقوم بمراقبة مواقع عالمية.
فالمانيا مثلا والتي واجهت لوقت ما تهديد النازيين الجدد ، لا تسمح باستخدام الانترنت لاغراض دعائية تخص اولئك النازيين الجدد. ولهذا السبب لابد من الانتباه بشكل دقيق الي الوضع في تركيا. فتركيا علي وجه التحديد تواجه تهديدا شيوعيا فوضويا ، لذا فان عدم اعطاء تصريح لحوارات مؤيدة للارهاب يعتبر اجراءا صحيحا.
ان من اهم المسائل الي يجب تقييمها في اطار حرية التعبير هي الاهانة . فعندما يقدم شخص ما علي اهانة في بيئات ديمقراطية تتسع فيها الانتقادات ويسعي فيها السياسيون للوصول الي السلطة من خلال صناديق الاقتراع ، فان هذا الشخص يكون بذلك غير متقبلا لاخفاقه علي المستوي الفكري .
ليس فقط في تركيا بل كذلك الحال في اي ركن من العالم . فالاهانة والتجريح تعتبر مسألة خطيرة لابد من الرد عليها . فتشريع الأهانة يعتبر في حد ذاته تهديدا كبيرا سوف يفضي الي هدم الديموقراطيات.
ففي الولايات المتحدة يعاقب كل من يهين الرئيس بالسجن لمدة تصل الي خمس سنوات وغرامة مالية ضخمة.
ان الكشف عن معلومت سرية يعتبر تهديدا خطيرا من شأنه ان يخلق مشاكلا عصية علي الحل لاي حكومة كانت ويضعها في خطر شديد. وكان الرئيس اوباما والذي نفسه وجه انتقادات عدة لتركيا، قد وجه اتهامات للصحافة . ففي عام 2014، ومن خلال رسالة مفتوحة تقدم بها 38 ممثل عن وسائل اعلام مختلفة ، وجهوا انتقادات الي اوباما لما وصفوه تعليقا للأخبار بدافع سياسي.
انه بات من المؤكد انه اثناء اجراء تقييم لحرية التعبير ، لابد ان تؤخذ كل تلك النقاط بعين الأعتبار ، الا انه وفي كل الظروف تبقي حرية الصحافة مسألة جوهرية بالرغم مما يعتريها من قصور ، فانه لأمرحسن ان تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بمراقبة هذا الامر.
اما عندما يتعلق الامر بتركيا ، فان قضايا حرية التعبير تصبح اكثر الحاحا لان تركيا بتركيبتها الاسلامية والعلمانية والديمقراطية ، لزاما عليها الحفاظ علي الحريات والمدنية . في وقتنا الحالي حيث انتشرت الراديكالية والعنصرية بشكل واضح ، فان اظهار النموذج الصحيح يقع علي عاتق تركيا. فعلي تركيا ان تظهر روحا اسلامية تحترم الحرية والديمقراطية.
ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر صديقا مهما لتركيا وذلك بالرغم من بعض منغصات تلك الصداقة. فلا يمكن اعتبار تحذير اوباما بشان حرية التعبير غير ملائما الا بمقتضيات كل من الزمان والمكان. ففي هذا الوقت لايمكن اعتبار توبيخ اوردوغات صحيحا، فمثل هذا الانتقاد ممكنا فقط اثناء نقاشات ثنائية .
وعلي الرغم من ذلك ، فان تأملا دقيقا في انتقاد حليف يعتبر امرا جوهريا لأنه سوف يفيد تركيا ويجعلها تأخذ خطوة متقدمة في مجال الديمقراطية.